تعتبر القروض من أهم الوسائل التي تلجأ إليها حكومات الدول النامية، من أجل تمويل مشاريع تنموية تعود على شعوبها بالنفع، رغم شروط المؤسسات المانحة التي يرى البعض أنها قد تكون مجحفة. وينتقد البعض الآخر السلطة المفرطة التي تمتلكها هذه الهيئات، والسرية التي تشوب الاتفاقيات والمفاوضات مع الدول المقترضة، والتي تسعى لتفكيك برامج الحماية الاجتماعية (مجانية التعليم ودعم السلع الأساسية)، والتي تعتبر خط الدفاع عن الطبقتين الوسطى والسفلى.
ولكي لا نكون متحاملين على هذه المؤسسات الدولية المعروفة، يرى البعض أن هذه الانتقادات غير منطقية، وان هذه المؤسسات الدولية، تقف إلى جانب الدول التي تواجه أزمات اقتصادية حادة، وتضع شروطا تلزم الحكومات المقترضة، بخفض النفقات لكي تتمكن من تسديد الديون المستحقة عليها.
بلغ إجمالي الدين الخارجي الموريتاني حوالي 6 مليار دولار، وهو ما يمثل 95 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، الذي يعبر عن حجم الاقتصاد، وهو ما أوصل نصيب كل فرد موريتاتي من الدين الخارجي إلى 1500 دولار.
وقد زاد الدين الخارجي، خلال الأشهر العشرة الأخيرة، بألف وأربعمائة مليار أوقية، أي بنسبة 25% من إجمالي الدين الخارجي؛ فقد حصلت بلادنا مؤخرا على عدة قروض، من أبرزها 2 مليار دولار (740 مليار أوقية) منحتها الإمارات منذ 10 أشهر لإقامة مشاريع استثمارية وقروض ميسرة دعما للتنمية في موريتانيا.
كما منح الصندوق الدولي للتنمية الزراعية مبلغ 50 مليون دولار، من أجل النهوض بالقطاع الزراعي،
وكلنا يعلم الأزمة التي عاشتها البلاد مؤخرا، بسبب انقطاع المنتجات الزراعية المغربية. كما حصلت بلادنا على مبلغ 10 مليون يورو، مقدمة من الوكالة الفرنسية للتنمية، لدعم قطاع الكهرباء، الذي يعاني ضعفا كبيرا بسبب، ضعف المولدات الكهربائية المستعملة في الداخل، والتي تتسبب في معاناة المواطنين الذين يقضون عدة ساعات بدون كهرباء. كما قدمت نفس الوكالة 6 مليون يورو لمساعدة الأسر الفقيرة المتضررة من كورونا، الذي غابت استراتيجية حكومية فعالة لمواجهته.
كما حصلت الحكومة على 8 مليار أوقية، من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، من أجل تمويل عدة محاور طرقية استراتيجية، لم تبدأ فيها الأشغال حتى الآن.
كما منح البنك الدولي لبلدنا 70 مليون دولار لمواجهة كورونا، ومنحت عديد الدول الصديقة والشقيقة، خاصة الصين، أجهزة ومعدات بكميات كبيرة لمواجهة الجائحة. ولم تقدم الوزارة لحد الآن جردا لمجموع ما حصلت عليه، وكيف يتم تسييره، كما تثار عديد من الشكوك والتساؤلات الموضوعية عن صندوق كورونا، الذي تسيره لجنة برئاسة وزير المالية.
للأسف لم يستفد بلدنا من موارده الطبيعية، بسبب السياسات الحكومية الفاشلة (غياب الرقابة، العدالة في توزيع الثروة، الشفافية في تبيين أوجه الصرف). ولم يستفد البلد كذاك من القروض الميسرة والهبات، فما زال أغلب القروض والهبات مجهولة الوجهة، فما حجم الدين الخارجي وتهدور الحالة الاقتصادية للبلد وانعدام الأمل لدى الناس إلا دليل على ما أقول. كما أن غياب استراتيجيات واضحة وثابتة لتسريع النمو وتشجيع اقتصاد منفتح نحو السوق، وتعزيز عوامل الانتاج، وتحسين التخطيط العمراني مازال يؤثر على الاقتصاد الوطني.
إن حجم الإيرادات الضريبية الكبير البالغ 1000 مليار أوقية، موزعة كالآتي:
360 مليار أوقية من الإدارة العامة للضرائب.
240 مليار من شركة SMCP، وحوالي 300 مليار من الإدارة العامة للجمارك، وما تحصل عليه الحكومة من تحت الطاولة، كل ذلك لا ينعكس على الوضعية المعيشية للمواطنين، ولا على جودة الخدمات الحكومية المتردية.
إن غيايب استراتيجيات لإستغلال الثروات الوطنية، وغياب الشفافية في تسيير الإيرادات الضريبية والقروض الخارجية، يضع ألف تساؤل حول جدية السلطات في الإصلاح ومحاربة الفساد .
المهندس اسماعيل احمد خاديل