كثر الحديث بأخرة عن "معادلة الشهادات" من طرف بعض موظفي وزارة الوظيفة العمومية وتبعهم في ذلك كثير من الناس وتنوعت الآراء والأمزجة في ظل غياب قانون يفصل في موضوع هذه "المعادلات"..
ونحاول في هذه العجالة الإسهام في تجلية الصورة ليتضح التصور، فنتناول أنواع الشهادات وأسباب المعادلات ومحلها والواقع التعليمي العالمي والقانون المحلي الوطني في المعادلات إن وجد.
☆ أنواع الشهادات العلمية:
يمكن حصر أنواع الشهادات العلمية الأكاديمية مبدئيا إلى:
أولا: شهادات من جامعات حكومية وطنية.
ثانيا: شهادات من جامعات حكومية خارجية.
ثالثا: شهادات من مؤسسات التعليم الخاص الوطني.
رابعا: شهادات من مؤسسات التعليم الخاص الخارجي.
ولا يغيب عن البال وجود تقسيمات أخرى على أساس الدرجات والرتب والعلمية الأكاديمية والمهنية وتنوع الشهادات بتنوع أنظمة التعليم.
وتظهر اهمية هذا التقسيم عند إرادة إنتاج القوانين التي تنظم هذا الموضوع الذي اصبح يتعامل فيه بالأمزجة للأسف في البلد.
☆ سبب المعادلة:
تنحصر الأسباب الباعثة على معادلة الشهادات في سببين موضوعيين بالاتفاق:
أولا: إذا كانت صادرة عن أنظمة تعليمية غير موجودة أو لم تعد موجودة، مثل النظام الأكاديمي الأنجلوكساني الشائع في المشرق؛ حيث توجد شهادة البكالوريوس وشهادة الماجستير، والأنظمة القديمة قبل النظام الفرانكفوني الجديد: ليسانس ماستر دكتوراه المشهور اختصارا ب (LMD)؛ حيث كان موجودا نظام الإجازة القديم ليسانس قديم 4 سنوات في بعض المؤسسات الجامعية، ونظام الجامعية العامة والمتريز والجامعية المعمقة DESA أو DA. فالشهادات التي حصل عليها من هذا النظام تحتاج معادلة لتكون معروفة النسبة للنظام الأكاديمي الجديد وأحرى إن كانت من خارج الوطن؛ لأنه لم يعد لها أي نظام موجود فمعادلتها تعوض عدم الوجود إذ تناط بالنظام الجديد عن طريق المعادلة.
فتستساغ هنا حاجة هذه الشهادات لمعادلة تلحقها بصنف من أصناف الشهادات الموجودة المعتمدة حاليا التي تختصرها LMD
ثانيا: إذا كانت الشهادات صادرة عن مؤسسات القطاع الخاص غير الحكومي فتحتاج اعتمادا أكاديميا أولا من مجلس التعليم العالي، مع أن هذا الاعتماد يجب أن يغني عن المعادلة وطنيا على الأقل، طبعا إذا كانت الجامعات الخاصة محل الاعتماد تلتزم الشروط الأكاديمية في تسجيل الطلاب وتكوينهم واكتتاب الأساتذة.
☆ محل المعادلة:
فبان مما سبق أن المحل الرئيسي لمعادلات الشهادات هو الشهادات غير الحكومية التي تحتاج اعتمادا أولا، ثم الشهادات الحكومية التي لا توجد لها نظائر في نظامنا التعليمي الجامعي.
أما معادلة الشهادات الحكومية الصادرة عن جامعات حكومية تابعة لوزارات التعليم العالي رسميا، ويتوافق نظامها الأكاديمي الجامعي LMD مع نظمنا مثل فرنسا والمغرب والجزائر وتونس والسنغال وغيرها من ممالك التقاليد الافرنكفونية فإن طلب المعادلة فيها لم يصادف محلا، فمن ناحية الثقة والتوثيق هي حكومية صادرة عن جامعات أكثر أكاديمية وعراقة من جامعات البلد، ومن ناحية التكوين مثل ذلك، ومن ناحية النظام الأكاديمي المعتمد الاتفاق حاصل بين النظامين فلا محل لتكلف الاختلاف لأجل تكلف "المعادلة"، و"المكفى سعيد".
☆ الواقع التعليمي العالمي:
ما سبق تحريره وتقريره أعلاه يؤكده الواقع التعليمي العالمي..
مثلا يوجد كثير من نخب الطلاب تم منحهم مباشرة من الباكلوريا أو الليسانس وابتعاثهم ليتلقوا التكوين في جامعات حكومية أكاديمية خارج موريتانيا، ومن مختلف التخصصات..
فإذا كانت شهاداتهم غير مؤهلة بالقوة العلمية والقانونية عند وزارة الوظيفة العمومية فإن ذلك يحيل إلى تناقض لا يليق بحكمة الدول وينتج تحكما مزاجيا يولد الظلم ويؤسس لهدم دولة القانون في أخص خصائصها وأهم مهماتها.
☆ القانون:
كنت قد زرت مقري وزارة الوظيفة العمومية قبل عام للاستجلاء في هذا الأمر فوجدت غالب من لقيتهم يخلطون بين المختلفات التي سبق بيانها ولا يتضح لهم كبير أمر في الموضوع للأسف؛ ثم دلوني على الموقع الخاص لوزارة الوظيفة العمومية على الشبكة، فتصفحت صفحاته فلم أعثر على قانون ينظم هذا الموضوع الهام الذي ينبني عليه قيام الدول في أهم أركان بنائها ممثلا في الكادر البشري، وهو ما يجعل الأمر متروكا للمزاج والتفسيرات الشخصية فوقع الحيف والتخليط.
وعليه فمن أولى الواجبات في هذا الموضوع إصدار قانون مفصل مستقل عن قانون الوظيفة العمومية يجلي الإشكالات ويبعد حقوق الناس ومصالحهم عن الأمزجة ويربطها بالقانون.
وعلى الله قصد السبيل.