ضحايا الإغتصاب في ميزان المجتمع / الحسين محمد عمر‎

يشهد المجتمع الموريتاني منذ سنوات تنامي ظاهرة خطيرة تتغلغل داخله بصمت يساعدها في ذلك عدة عوامل سنتناولهم لاحقا ،إنها ظاهرة الإغتصاب التي ينتج عنها العديد من الضحايا الفتيات خاصة اللائي غالبا ما يكن قصرا امتدت إليهن أيدي المتنمرين المرضى اجتماعيا،

 هذه الظاهرة سرعان ما انتبهت لها العديد من منظمات المجتمع المدني الفاعلة وحاولت جاهدة إسماع صوتها للسلطات المعنية التي تعاملت مع الموضوع ببرود يمليه الواقع الاجتماعي الجائر الذي ينظر إلى المرأة نظرة دونية باعتبارها قاصرا مهما بلغت من نضج ومن وعي اجتماعي، فالإغتصاب بالتعريف هو  "ممارسة عمل مخل شرعا مع شخص دون رضاه بواسطة القوة أو بالترهيب"  وهو الشيء الذي يكون عادة مهملا  نتيجة ظلم المجتمع الذي غالبا ما يلقي باللوم على الفتاة أو الضحية بشكل عام، هذه القضية بالذات كانت ضمن أخرى أجابت عليها المناضلة الحقوقية المعروفة السيدة آمنة منت المختار في لقاء مع ملتقى 21 أغسطس الثقافي، فاعتبرت أن الضحية في الغالب تعاني من ظلم أهلها أولا حيث  يرون أن إخراج هذه القضية للملأ سيسبب للأسرة فضيحة اجتماعية ويلجئون عادة إلى صلح بين الضحية والجلاد هذا إذا تم القبض عليه، و طالبت في هذا اللقاء من أهالي الضحايا التبليغ عن هذا النوع من الأعمال حتي يأخذ الجاني جزاءه، فالإغتصاب يخرب حياة المرأة ويقضي على مستقبلها إذ قد يكون وسيلة لانحرافها في المستقبل إذ ترى أنها أصبحت عالة على أهلها وعلى نفسها الشيء الذي يدفع بها إلى هكذا عمل خاصة أن المجتمع بصفة عامة لا يرحم المرأة السليمة فما بالك بمن تعرضت للاغتصاب، وقد صرحت إحدى المرشدات أنها في الوقت الحالي تتابع عمليتي اغتصاب حدثت أحداهما في "تـﯕنت" لفتاة تبلغ من العمر 14 سنة كانت تعمل كخادمة مع إحدى الأسر وقد  أدى الإغتصاب  إلى حملها في حين أن الجاني لم يعثر عليه بعد إذ أنه أعطى الضحية اسما مزورا ثبت ذلك من خلال التحريات التي قيم بها فيما بعد ، أما الثانية فهي لفتاة تبلغ من العمر 13 سنة في منطقة من نواكشوط تدعى (السبيخة) وقد تم اختطافها من قبل ثلاثة شبان إلا أن اغتصابها تم من أحدهم فقط، ولم يؤدي إلى حملها وقد أشارت إلى أن تجاوب مفوضية الشرطة معها كان إيجابيا حيث يحيلونهم عبر ورقة رسمية في نفس الوقت إلى الطبيب الذي يبت في القضية ،وقد أشارت إلى تزايد هذه الحالات مؤخرا، وتعتبر أصعب القضايا التي تشكوا منها منظمات المجتمع المدني هي قضية النفوذ فكثيرا ما يطلق سراح الجناة في حال تم اعتقالهم نتيجة الوساطة والقرابة المنتشرة في الدولة الموريتانية بشكل عام، ويرجح الكثير من المهتمين تزايد هذه الظاهرة إلى غلاء المهور الذي يمنع الشباب من الإقبال على الزواج في حين يرى البعض الآخر أن السبب الأساسي هو المسلسلات والأفلام الإباحية التي باتت تغزو جميع البيوت دون استئذان ،يساعد على ذلك ظهور الضحايا غالبا بلباس غير لائق اجتماعيا مما يشجع كثيرا  الهجوم عليهن الشيء الذي ترفضه منظمات المجتمع المدني بشدة معتبرة أن هذا من غير الجائز أن يتخذ سبب لهتك أعراض الفتيات، ويستغرب البعض بشدة سكون السلطات الموريتانية إزاء هذه الظاهرة  التي حرمها الشرع إذ على  المغتصب حد الزنا، وهو الرجم إن كان محصناً، وجلد مائة وتغريب عام إن كان غير محصن. ويوجب عليه بعض العلماء أن يدفع مهر المرأة، وقد اتهمت منظمة تابعة للأمم المتحدة القانون الموريتاني بظلم النساء اللائي يتعرضن للاغتصاب إذ يتم سجنهن بمجرد ما يعلن عن تعرضهن للاغتصاب وذلك راجع لعدم وضوح القوانين المجرمة له.

وكتفادي لهذه الظاهرة ينصح بعدم ترك الفتاة وحدها ليلا  أو حتى في النهار في الأماكن غير المأهولة بالسكان وعدم ارتدائها للباس غير محتشم، وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الموريتاني بدأ يعرف أنواع أخرى من الإغتصاب  عبارة عن اغتصاب الرجال في صورة معبرة عن الخلل الاجتماعي الذي وصل له هذا المجتمع الذي كان يعد قبل فترة وجيزة خال من هذا الفعل المنحط ويعرف بالحفاظ على القيم والسلوك القويم.

2. يناير 2013 - 23:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا