نشرت في مقال سابق تحت نفس العنوان تزامنا مع ظهور الحالات الاولى للفيروس في بلادنا خطه عمليه تتماشي مع واقع المؤسسه الوطنيه ليستفيد منها المشرفين علي الازمه وهذه خطه اخري سهله يمكن الاستفاده منها
في جميع العصور اشهد الإنسان أزمات متعددة سواء كانت اقتصادية أوصحيه او اجتماعية أو بيئية أو أمنية منذ العهد القديم إلى يومنا هذا، فكانت جزءا من المشهد المحلي والدولي، لذلك وجدت إدارة الأزمة كمظهر للتعامل الإنساني مع الأزمات الطارئة أو الحرجة التي واجهت حياة الانسان منذ أن حاول مجابهة الطبيعة ومعاندتها. ولم تكن تعرف باسم إدارة الأزمات وإنما كانت لها مسميات أخرى مثل: حسن الإدارة أو براعة القيادة أو صنع القرار، تمثلت في أكثر من تجربة منها التجربة اليونانية التي أدركت أهمية التواصل المباشر والحوار مع الرأي العام بعد حرب البيلويونيز التي حدثت بين أثينا وإسبرطة، وقد وصف الفيلسوف والمؤرخ الاغريقي ثيودينيس هذه الحرب بأنها كانت بمثابة نقطة تحول في الحضارة اليونانية. كذلك لجأت التجربة الرومانية إلى خلق مساحات للحوار والمناظرات والتواصل المباشر مع الجمهور للحفاظ على الإمبراطورية الرومانية من الانهيار، أما التجربة الأوروبية ممثلة في قادة النمسا وإنجلترا الذين استطاعوا التعامل مع أطماع نابليون، فكفلت لأوروبا السلام من عام 1814 إلى 1914م فأطلق عليه قرن السلام الأوروبي، وهكذا تم استخدام أساليب تعتمد على المواقف الفعالة الواعية تمكن من التغلب على الاوضاع المتأزمة.
وقد بدأ الاهتمام الأكاديمي بدراسة إدارة الأزمات مع بداية الستينات من القرن العشرين مرافقا هذا لظهور أزمات كبرى واجهت المجتمع، حيث تصاعدت أزمات الصراعات الدولية والحرب الباردة، وبالتحديد، عندما استخدم وزير الدفاع الأمريكي روبرت ماكنمارا في إدارة جون كينيدي هذا المصطلح أول مرة خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما كانت المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفيتي المتحالف مع كوبا ضمن أحداث الحرب الباردة وهي من أشد المواجهات، حيث كادت تؤدي هذه الأزمة لقيام الحرب النووية، لذلك وصفها ماكنمارا بأنها إدارة حالة طارئة خطيرة.
ومنذ ذلك الوقت أخذ الاهتمام بدارسة المصطلح وينتقل من الإطار السياسي الى الاجتماعي ثم الاقتصادي والإداري، فظهرت محاولات بحثية ودراسات لوضع تعريفات لمفهوم إدارة الأزمات.
ويعرف احد المفكرين (إدارة الأزمة بأنها عملية إدارية خاصة، من شأنها إنتاج استجابة استراتيجية لمواقف الأزمات، وذلك من خلال مجموعة من الإداريين المنتقين مسبقا الذين يستخدمون مهاراتهم بالإضافة إلى إجراءات خاصة من أجل تقليل الخسائر إلى الحد الأدنى، مشيرا بذلك إلى فريق إدارة الأزمات).
ويرى آخر (أن إدارة الأزمات تعني كيفية التغلب على الأزمات بالأدوات العلمية والإدارية المختلفة وتجنّب سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها، فعلم إدارة الأزمات هو علم إدارة التوازنات ورصد حركة واتجاهات القوة والتكيف مع المتغيرات المختلفة، وبحث آثارها في كافة المجالات).
وانطلاقا من هذه التعريفات لإدارة الأزمات نستطيع القول انها عملية إدارية متكاملة الجوانب تهدف إلى التغلب على اللحظات الحرجة والحاسمة بتحديد حالتها ودراستها والتنبؤ بها باستخدام الأدوات العلمية والإدارية من أجل التعامل معها بأقل عواقب وتجنب سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها.
وتنقسم الأزمات الي عدة أنواع مختلفه ومهما تعددت واختلفت أنواعها فإنه يمكن تقسيمها على الشكل التالي:
أولا: تصنيف الأزمات من حيث مرحلة التكوين: الأزمة في مرحلة الميلاد/ الأزمة في مرحلة النمو/ الأزمة في مرحلة النضج/ الأزمة في مرحلة الانحسار/ الأزمة في مرحلة الاختفاء.
ثانيا: تصنيف الأزمات من حيث عدد تكرار حدوثها: أزمات ذات طابع دوري متكرر/ أزمات ذات طابع فجائي عشوائي غير متكرر.
ثالثا: تصنيف الأزمات من حيث عمق الأزمة: أزمات سطحية غير عميقة، هامشية التأثير/ أزمات عميقة متغلغلة جوهرية، هيكلية التأثير.
رابعا: تصنيف الأزمات من حيث شدتها: أزمات عنيفة جامحة يصعب مواجهتها. وهي أزمات تحدث فجأة وبشكل عنيف .
أزمات خفيفة هادئة يسهل مواجهتها. وهي أزمات سطحية غير عميقة وهامشية التأثير.
خامسا: تصنيف الأزمات من حيث الشمول والتأثير: أزمات عامة شاملة لجميع أجزاء الكيان الإداري الذي حدثت به الأزمة/ أزمات خاصة تنحصر في جزء أو أكثر من جزء.
سادسا: تصنيف الأزمات من حيث موضوع أو محور الأزمة:
-أزمات مادية: وهي أزمات ذات طابع اقتصادي، ومادي، وكمي، وقابلة للقياس، ويمكن دراستها والتعامل معها ماديا، وبأدوات تتناسب مع طبيعة الأزمة.
-أزمات معنوية: وهي أزمات ذات طابع نفسي، وشخصي، وغير ملموس، ولا يمكن الإمساك بأبعادها بسهولة، ولا يمكن رؤية أو سماع الأزمة، بل يمكن الشعور بها مثل مانعيشه اليوم .
-أزمات تجمع النوعين السابقين.
ومن فن إدارة الأزمات إذا فشلت الدوله في إجهاض الأزمة فليس أمامها إلا إدارة دورة حياة الأزمة، وبمعدل أسرع من معدل تفاقمها وتطورها، وقد قدم بعض الخبراء نماذج عملية لإدارة الأزمة للحد من سلبياتها، والاستفادة من إيجابياتها
ومن ضمن هذه النماذج نموذج ستيف البريخت
يقسم دورة حياة الأزمة في علاقتها بالمؤسسة إلى المراحل التالية التي يمكن من خلالها إدارة الأزمة.
1- مرحلة ما قبل الأزمة: ترتكز جهود الإدارة على أداء المهام التالية :
-مسح البيئة واستشعار الأزمات المحتملة التي قد تنفجر في المستقبل.
-جمع المعلومات عن هذه الأزمات أو المشكلات وتقييم درجة خطورتها.
-اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع ولادة الأزمة.
-أخذ العبرة من خبرات الآخرين.
2- مرحلة تفاقم الأزمة: تتفاقم الأزمات من تلقاء نفسها دون حاجة لمساعدة الإدارة، إلا أن هناك بعض البيئات الإدارية التي تفضلها الأزمات دون غيرها وتتميز هذه البيئات بالسمات الآتية :
-ضعف الشبكات الاتصالية بين الإدارات ومواقع العمل.
-بطء عملية صنع القرار والبيروقراطية.
-ضعف روح الانتماء وخفوت الحماس وسيادة اللامبالاة.
-إهمال دراسة المنافسين وعدم وضوح الأهداف الاستراتيجية.
3- مرحلة إدارة الأزمة: ويمكن أن يطلق عليها أيضا مرحلة "احتواء الأزمة"، وهي تشمل المهام التالية :
الاعتراف بالأزمة. تخصيص موارد معينة وفريق بعينه للتعامل المباشر مع الأزمة.حشد الجهود والمساعدات الخارجية المساندة. وضع خطة طارئة للتغلّب على الأزمة بشكل جذري وسريع.
4- مرحلة ما بعد الأزمة:
-التعلم من الخبرات السابقة وتحديث خطة إدارة الأزمات بناء على الأزمة الأخيرة بما يضع الأسس اللازمة لوضع خطة جديدة للوقاية من الأزمات وإدخال التعديلات على الخطة القائمة.
-تقييم تأثير الأزمة على العلاقات والاتصالات بالعملاء والأطراف الخارجية.
-تقييم تأثير الأزمة على العلاقات الداخلية وثقافة بيئة العمل.
وفي الاخير يجب تبني التنبؤ الوقائي كمتطلب أساسي في عملية إدارة الأزمات من خلال إدارة سبّاقة دائمه وممثله من جميع القطاعات تعتمد على الفكر التنبؤي الإنذاري لتفادي حدوث أي أزمة عن طريق صياغة منظومة وقائية مقبولة وتشخيص اسبوعي او شهري لجميع الازمات المحليه والدوليه و تدريب وتكوين وتأطير نخب وكفاءات يشرفون علي هذه الهيئه او المديريه وبهذه الطريقه يمكننا التعامل مع الازمات والسيطره عليها قبل وقوعها بدون اي خسائر.