ليس من المبالغة في شيء القول إن السمة البارزة لما انقضى من مأمورية رئيس الجمهورية هي الإنصاف على جميع المستويات وفي شتى المجالات حيث استفادت منه الفئات المهمشة والهشة اجتماعيا ووظيفيا وقد كانت لفتة رئيس الجمهورية الكريمة بمناسبة بمناسبة الذكرى الستين لعيد الاستقلال المجيد أول الغيث وفاء بعهد قطعه على نفسه بتحسين الظروف المادية والمعنوية للمدرسين إلا أن عظمة فرحتهم بهذا المطلب الذي تحول إلى مكسب لم تنسيهم واجب المطالبة بإنصاف إخوة لهم في الوطن وزملاء لهم في مهنة النبلاء إنهم لعمري مقدمي خدمة التعليم فهم الذين يشدون من أزر المدرس العاض بالنواجذ على مهنة التدريس في القرى والأرياف النائية إنهم هناك معا الكتف بالكتف في معركة تخليص مجتمعات وتجمعات سكانية غلبت عليها عقود من الجهل وقهرها الفقر واستوطنها التخلف لتبصر أخيرا ضوءا مشعا لاحت بارقته في برنامج تعهداتي, فلا يستحق أولئك ولا هؤلاء النخبة من خيرة أبناء هذا الوطن الذين يبلون من أجلهم البلاء الحسن أن توأد آمالهم يا فخامة رئيس الجمهورية وأنتم صاحب الحكمة المشهودة والبصيرة الثاقبة, أما حان وقت مكافئتهم, بالطبع نعم سيادة الرئيس.
إن الظروف القاهرة التي اكتنفت عملية اكتتاب مقدمي خدمة التعليم - رغم ما امتازت به مسابقة الاكتتاب من شفافية غير مسبوقة - حان الوقت لتصحيح ما شابها من أخطاء تقديرية فليس من المنطق أن تكون منظومتنا التعليمية بحاجة إلى هؤلاء ويرصد مبلغ هام من ميزانية الدولة لصرف رواتبهم ويمكن استساغة أن عراقيل جمة مستحيلة التجاوز تحول دون ترسيمهم في الوظيفة العمومية و الترسيم في حالتهم لا يعني سوى أن تكون وضعيتهم سليمة قانونيا مع حقوق مترتبة على هذا الترسيم منها الفوري وهو رقم لا يعني شيئا, يتعلق بمساواتهم في الراتب مع نظرائهم خريجي مدارس التكوين أما حقهم الأجل الوحيد فهو الحق في التقاعد مع العلم أنهم وهم شباب في مقتبل العمر لن يصبحوا قريبا عبئا على صندوق التقاعد بل على العكس ستكون مساهمتهم فيه رافدا جديدا لهذا الصندوق الهام الذي يقتضي واقع الحال مراجعة وضعيته وتصحيحها ولو بزيادة طفيفة في مساهمة الموظفين فيه.
إن مقاربة متوازنة بين كل ما سبق تأخذ في الحسبان تثمين قدرات هذه الكفاءات الشابة والطاقة الحيوية التي يتمتعون بها وتراعي الحاجة والواقع ولو بتخصص ثلث مقاعد المسابقات الخاصة بالتعليم على مدى السنوات الثلاثة القادمة لمقدمي خدمة التعليم قد تكون كفيلة برد القليل من الكثير الذي يستحقه هؤلاء المدرسين الشباب المفعمين بالوطنية والعطاء.
إن الصدر الرحب الذي يلقاه مقدمي خدمة التعليم من معالي وزير التهذيب الوطني والتكوين التقني والإصلاح شخصيا ومبادرة الحكومة من خلال القرار القاضي تمتعهم بحق الحصول على علاوة الطبشور أسوة بزملائهم من معلمين وأساتذة لم تسعف ظروفهم الصعبة والتحديات التي تلقي بظلال قاتمة على مصيرهم ومستقبلهم في إفساح المجال أمامهم للتعبير عن التقدير لكل ذلك على أهميته ومكانته عند جميع مقدمي خدمة التعليم.
إن فتح باب تشاور موسع يشمل نقابات التعليم والوزارات ذات الصلة بعقد مقدمي خدمة التعليم بخصوص إيجاد صيغة لإنصاف مقدمي خدمة التعليم ضروري جدا لكي نحصن ما نحن مقبلين عليه من إصلاح من مكر الأيادي الخفية لمن استمرؤوا التشويش على كل إرادة جادة وصادقة لإصلاح التعليم.
إن أمال مقدمي خدمة التعليم كجزء من الأسرة التربوية الموريتانية معلقة على فخامة رئيس الجمهورية والحكومة ومعالي وزير التهذيب الوطني والتكوين التقني والإصلاح, وقديما قال شاعر الحكمة:
وكلُّ امرئ يُولى الجميل مُحبَّب ... وكل مكان يُنبت العِزَّ طيِّبُ.
وهو القائل ولله دره من قائل:
من عوّد الناس إحسانا ومكرمة ... لا يعتبنّ على من جاء في الطلب.