وجهة نظر قد تخدم جهود اصلاح قطاع الصناعة التقليدية / سيد المختار ولد يوكات

الى السيد وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان
لقد تابعت باهتمام بالغ خطواتكم في اتجاه تجديد مكتب الغرفة الوطنية للصناعة التقليدية تلك الخطوات التي جاءت لتجهض الامل من جديد في نفوس العاملين في قطاع ظل خلال العقود الماضية ينحصر بين الاهمال و النسيان، ولا شك أنكم السيد الوزير تدركون كل الادراك الوضعية الصعبة التي هو عليها الان والتي تجعل من الصعوبة بمكان تحديد نقطة بداية عملية الاصلاح .وقطعا ليس بزيادة السرعة في الاتجاه الخطإ.

السيد الوزير بغية المشاركة في الواجب الوطني وفي جهود الاصلاح نقدم لكم هذه الملاحظات  مع  بعض الاراء التي قد تخدم جهود عملية الإصلاح وذلك في نقاط موجزة مأخوذة من الميدان

المظهر العام
يظهر قطاع الصناعة التقليدية في بلادنا وكانه قطاع مخفي عن ضيوفها او في مكان لم يصلوه بعد على الاقل، وذلك لمكانه خارج العصر الحالي، اي لا معروضات ولا عارضين ولا حتي ورشة واحدة تتمتع بأبسط المعايير المعهودة .
فعدم وجود قرية للصناعة التقليدية أو دليل  يحوي المنتجات ساهما معا في طمر القطاع، كما تم وضع الحبل على الغارب للفوضى العارمة التي تجتاح م الورشات البدائية الموجودة، حيث تتزاحم المنتجات الاجنبية والمحلية ، وهنا دخل بثقل عملاء المصانع الاجنبية بغية قرصنة افكار الصناع، منتهزين ثغرة غياب حماية الملكية الفكرية .
الصورة النمطية السائدة عن قطاع الصناعة التقليدية
يتميز قطاع الصناعة التقليدية في موريتانيا بالنظرة الدونية التي ورثها من المجتمع الاقطاعي التقليدي قبل قيام الدولة الموريتانية، تلك النظرة التي لم يرثها وحده، بل ـ وللطرافة ـ ورثها معه التعليم النظامي العصري ايضا ولكن الدولة عالجت الامر في الاخير عن طريق منح بعض المحفزات للتلاميذ والطلاب لتراهم في النهاية يتفاخرون بشهاداتهم و يهيؤون ابناءهم لنيل شهادات اعلى والنتيجة تحول التلميذ النظامي من صورة نمطية دونية إلى صورة الشعور بالفخر والاعتزاز و الثقة بالنفس و ذلك بفضل العناية الكبيرة التي تلقاها من الدولة .
في حين ظل الصانع التقليدي يراوح مكانه لا هو وجد دولة تعتني به كما امثاله في العالم ولا هو عاد إلى عصور الظلام حيث يحجب الظلام الكثير من الواقع

نظرة ممتهني الصناعة التقليدية لقطاعهم

لا تقل نظرة المجتمع التقليدي ـ للصانع التقليدي ـ  دونية عن نظرة الصانع التقليدي لنفسه ويتضح ذلك جليا من خلال انكار الصانع التقليدي لمهنته دائما وذلك تخفيا لا تواضعا حيث لا ترى الواحد منهم يعتبر نشاطه محل فخر بالنسبة له ، و لا هو مستعد لتوريثه لأبنائه ، كما يوجه مدخراته للاستثمار خارج نطاق عمله ففي الوقت الذي يعتمد في تمويل نشاط ورشته على ودائع و سلف الزبناء و الموردين، تراه  يدخر لاقتناء حيوانات او عقارات بغية الاستثمار لضمان المستقبل و في نفس الوقت تحتاج ورشته للحد الادنى من راس المال لتنتج بعض السلع المطلوبة بإلحاح في السوق. الذي يعمل فيه

تعامل السلطات الادارية مع الصناع التقليديين

ظلت الدولة الموريتانية منذ استقلالها بمثابة المتفرج على قطاع الصناعة التقليدية دون ان تقوم بإنجاز يذكر اللهم الا بعض المحاولات الخجولة لتنظيم القطاع وكانت كثيرا ما تعزز الفوضى المسيطرة اصلا نتيجة عدم المتابعة وتجاوز النصوص الموضوعة المنظمة للقطاع نفسها  وكانت النتيجة الحتمية هي أن هذا القطاع مازال يراوح مكانه قبل الاستقلال ان لم يكن اسوا بكثير نتيجة لصعوبة التخلص من العقليات البائدة السائدة في خلايا الفساد المعششة داخله و نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الخليتين التاليتين
ـ خلية ابناء الصناع الذين عزفو عن الصناعة التقليدية كمهنة ولكنهم لم  يتركوها كورقة سياسية حيث يسنفر الواحد منهم قرابته الخاصة ومن السهل عليه اقناع السلطات الادارية ان لديه عصى سحرية بإمكانها خلق المعجزات
ـ خلية الصناع الجدد المنحدرين من اوساط لم تعرف عنها ممارسة الصناعة التقليدية ، ناشطو هذه الخلية يفدون بحسن نية إلى قطاع من قطاعات اقتصاد وطنهم ــ وهم محقون في ذلك ــ إلا ان اكثرهم يعزف عن النشاط في ورشات العمل لينشط في حلقات السياسة واصفا معارضيه بالكراهية والعنصرية ان هم لم يضعوه على رؤوسهم مقابل الانضمام
و هتين الخليتين تستخدم العقليات البائدة التي هي سر التخلف في القطاع وما من تقدم دون اضفاء الطابع المهني كمحدد وحيد للانتماء للقطاع.

دور منظمات المجتمع المدني الرسمية

بدات منظمات المجتمع المدني مبكرا في ادارة الصناعة التقليدية ، حيت شرعت الإدارة الوصية التعاونيات وسرعان ما منحتها بعض الصلاحيات دون طلب ، ودون ادارة وصية وفعالة يتربى في كنفها ناشطوا ومسيرو تلك التعاونيات المرخصة قبل الانتقال التدريجي للصلاحيات ، الشيء الذي اربك الجيل الاول من نخبة الصناع حينذاك وبدأ التلاوم وتدافع المسؤوليات عن اسباب تدني النتائج المتحصل عليها ،فبدأت الهوة تتسع بين الآراء بل وبين صداقات الاصدقاء ايضا واكتفت الادارات المتعاقبة بالتفرج على هذه الفوضى بل وقدمت مبادرات هي اقرب للسلبية منها للإيجابية
وفي ظل هذه الدوامة تحرر الكثير من منظمات المجتمع المدني من كل النظم المعهودة منتهجا سياسة الانتفاع بالقانون بدل الحرف لتنتقل الصناعة التقليدية من ورشات العمل إلى حقائب المرتزقة وهو حالها اليوم

الحلول المقترحة

بالنظر إلى ما تقدم تقدم مؤسسة من ورشات الصناع المقترحات التالية
1. تجميد العمل بمدونة الصناعة التقليدية والغاء كل الهيئات المنبثقة عنها. وذلك لأنها فشلت في انجاز الحد الأدنى من المهمة المنوطة بها بل وجلبت للقطاع الأحقاد والعنصرية والشرائحية و هي قضايا كانت بعيدة كل البعد عنها.

2. خلق سلطة ادارية بصلاحيات كاملة تشرف على تسيير القطاع ويتربى تحت ظلها من هم قادرون على القيام بواجبهم.

3. العمل على غربلة القطاع واكتشاف وتنظيم مقدراته الداخلية و اكتشاف اماكن الخلل داخلها

4. التركيز على التكوين المهني وفق برامج معدة محليا واعطاء محفزات لدفعات الطلاب الاولى

5. تفعيل الفقرات القانونية المنظمة للحماية الفكرية وتقريبها من المبدعين الصناع

6. تفعيل خلية الدمغ الخاصة بهوية المنتجات ومحاربة مزوريها

7. الزام المؤسسات الرسمية الوطنية باقتناء احتياجاتها الصناعية من السوق الداخلية

8. العمل على طبع دليل للصناعة التقليدية يصدر
بشكل دوري ويعرف بإبداعات الصناع الجديدة ويميز المبدعين بغية النهوض بالموضة الوطنية
9. التركيز على معيار المهنية كمعيار وحيد للانتماء للقطاع

10. اعادة تنظيم مفوضية المعارض ووضع معايير واضحة للحصول على خدماتها
و الله نسأل التوفيق
وشكرا

30. ديسمبر 2020 - 8:18

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا