موريتانيا والعلاقات مع قطر لعله السؤال الأبرز الذي يشغل الرأي العام في موريتانيا سواء في الشارع أو في الصحف أو على منصات التواصل الإجتماعي ، ولا تبدوا ملامح الموقف الموريتاني واضحة مما حدث في العلا السعودية بالأمس من توافق بين الأشقاء الخليجيين من توافق ، فلا خارجيتنا رحبت ولا أبدت رغبة في إعادة العلاقات بل صمت واضح يؤكد تخبطا تعيشه السياسة الخارجية الموريتانية منذ رئاسة اسماعيل ولد الشيخ أحمد لوزارة الخارجية والغريب أنه أحد أبرز السياسيين الموريتانيين على اعتبار ما كان من رئاسته البعثة الأممية في اليمن وهي أمور من المفترض أن تزيد من حنكة الرجل وخبرته ، فقد بدى الرجل في مواقف عديدة وفي ملفات مهمة وحساسة كملف الصحراء مثلا متخبطا و التزم الصمت في أهم الأوقات وأصعبها ليس في الأزمة الخليجية لوحدها ولا في ماحدث من البارحة .
الأنظار كلها الآن في موريتانيا تتجه إلى وزارة الخارجية الموريتانية الصامتة وغير المفهومة ، فموريتانيا إلى جانب جيبوتي واليمن اختارت صف المقاطعة مع قطر وهو موقف رسمي اختلفنا أو اتفقنا معه لكنه موقف بلادنا وليس علينا أن نخجل منه فلا ماكان في السياسة للخجل ولا للرومانسية والعواطف والاحراج ، هناك سياسات دول وقرارات تتخذ من أجل المصلحة العليا للوطن و هناك أيضا تحالفات في السياسة وموريتانيا اختارت صف السعودية والإمارات وهذا جزء من اللعبة الساسية وإن كان الأصوب وقتها الحياد مثل ما فعلت تونس والمغرب والجزائر ، إلا أن ما حدث قد حدث وانتهى .
كما أن علاقتنا مع قطر والإمارات وغيرها من الأشقاء يجب أن تبنى بعد اليوم المصالح المتبادلة واحترام القرار السياسي لا تحكم مقابل الغذاء ، فالعالم قد تجاوز تلك المرحلة
وقد أزعجني كثيرا تنصل بعض الموريتانيين من وطنهم وقبولهم وصف بلادهم بالتبعية ، وكأن الآخرين ليسوا تابعين للقوى الدولية العظمى كالولايات المتحدة وروسيا ، كلنا تابعون يا عزيزي وأن كانت موريتانيا تابعة فهي مثل الجميع
نعم أخطأ الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في قطع العلاقات مع قطر ولكنه كان رئيسا لبلادنا وكان قرار الدولة ونحن لا نخجل من انتماءنا لذلك البلد ولا من قراراته وإلا فليخجل الجميع من المقاطعين .
المطلوب اليوم من الخارجية الموريتانية هو موقف ثابت وواضح ومرحب بما حدث فلا توجد مشكلة شخصية بين موريتانيا ولا قطر بالعكس نحن نكن كل حب وتقدير لقطر نظاما وشعبا كما نكنه للإمارات والسعودية ومصر وكل الأشقاء ، وإن كانت قطر الشقيقة لم تتأثر بقطع دول مثل موريتانيا وجيبوتي بقطع علاقتها معها لاعتبارات جغرافية واقتصادية وسياسية كما يقول الإعلام الساخر من موريتانيا
فنحن أيضا لم نتأثر بقطع العلاقات والدليل هو تزايد الاستثمار التركي والإماراتي في بلادنا وحتى أن العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية شهدت أزهى فتراتها ودخلت دول جديدة على خط الشمال الإفريقي كما هو حال روسيا وتركيا .
هذه بعض النقاط المهمة التي أردت أن أضعها للذين تعودوا السخرية من دولنا التي يعتبرونها صغيرة ولا قيمة لها رغم أن الله حباها بموقع استراتيجي مهم جعل دول عديدة تقبل علينا وعلى مونئنا وشواطئنا ، إلا أن بعض يعشق التقليل من قيمة بلده
في الأخير كلنا نعلم أن العلاقات الموريتانية القطرية ستعود لأن أسباب المقاطعة قد انتفت ليس لأن السعودية والإمارات قد تصالحوا مع قطر فقط بل للأسباب أولها :
أن النظام القطري لا مشكلة لديه مع نظام الرئيس ولد غزواني وقد عبر وزير خارجيتنا قبل فترة عن استعداد موريتانيا لإعادة العلاقات مع قطر ما رغبت الأخيرة في ذلك
ثانيا : التنافس الدولي في الشمال الإفريقي ونعطي مثالا عليه الاستثمارات التركية والإماراتية في دول كموريتانيا والسنغال ، هذا أمر قد يدفع بالمستثمر القطري لدخول سوق المنافسة ، لأن إفريقيا اليوم قد أصبحت بوابة العالم الجديدة لانعاش اقتصاد هدمته الحروب وجائحة كورونا
ثالثا : السياسة نفسها ليس فيها أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون وليس فيها أن اخترت الصف المقاطع و سأعاقبك على ما فعلت ، لا اعتقد أن النظام القطري الذي أثبت حنكة وحققت نجاحات كبيرة على مستوى السياسة الخارجية خلال ثلاث سنوات من المقاطعة والحصار ، لا اعتقد أنه سيتخذ موقفا من موريتانيا ولا جيبوتي لانضمامهم للتحالف السعودي الإماراتي المصري
رابعا : خلال فترة إعلان انتهاء ولاية الرئيس السابق وبداية ترشح الرئيس الحالي كان الإعلام القطري أقرب للترحيب وهو ما يعكس موقف النظام القطري من النظام الموريتاني الحالي وقد كانت الرسالة واضحة أن لا مشكلة إطلاقا بين الدوحة وانواكشوط .
في الأخير علينا نحن ننتظر ما ستسفره عنه الأيام القادمة من تصحيح الأخطاء السابقة وبداية جديدة في مسار العلاقات الموريتانية مع الشقيقة العزيزة على قلوبنا قطر كما هو حالنا مع كل الأشقاء العرب