ضرورة التعريب و عوائقه / التراد بن سيدي 

يعاني البلد من توالد للمشكلات وتضخم لها يوما بعد يوم و يعاني - أيضا- عجزا وجمودا وتبلدا لمن يعنيهم الأمر ولمن يسيرون السياسات فهم أمام المشكلات التي تزداد وتتوسع وتتعمق حيارى عاجزين مستسلمين
لأنهم بلا رؤيا تضمن إدراك المشكلات وابتكار العلاجات والحلول لها، بسبب عدم التعلم تعليما يمكن من الإدراك والفهم اللذين يستحيل حصولهما لمن لا يتعلم بلغته ،إن استمرارنا كل هذه السنوات نتبنى في مناهجنا ومدارسنا "صلادا لغوية" تشكل الفرنسية فيها العنصر الرئيسي وتحتل اللغة الوطنية فيها الحاضر الغائب!؟ هذا الوضع فرض استمرارنا بلا تعليم وأي مجتمع بلا تعليم تضعف رؤيته وقدرته على إدراك واقعه وحل مشكلاته وأحرى أن يستطيع الخلق والابتكار !!!!
إنه ليس مجتمعنا فقط هو الذي لابد له من لغته وإنما كل المجتمعات الإنسانية في الشرق والغرب والشمال والجنوب لاتستطيع أية أمة الأستغناء عن لغتها مهما كان مستوى تقدمها أو تأخيرها فتعامل المجتمعات واستخدامها للغاتها مكن الجميع من تطوير لغاتهم والاعتماد عليها ،إن الصينية والهندية البنغاليية، والإسلندية، والفلبينية، والأمهرية، واليابانية، والكورية ،..إلخ..
كل لغات العالم قابلة لتؤدي الدور الذي تحتاجه الشعوب الناطقة بتلك اللغات.. فاستيعاب العلوم وإدراك الذات، والمحيط والكون، لن يمكن مالم تكتسب أداة لتحصيل المعرفة واستيعاب التجربة المتراكمة للمسيرة الإنسانية والتطورات التقانية والفنية هذه الأداة هي اللغة الوطنية التي بغيرها يستحيل تعليم متوازن يعين على ممارسة الحياة واستعاب مشاكلها المختلفة ومتطلباتها المتنوعة!!!
لكن مشكلتنا أن لغتنا تحاصر وتقطع عليها الطريق بشكل محكم يصعب التغلب عليه وتجاوزه!! إن هناك ثلاث مشكلات تتضافر لتحول بيننا ووضع لغتنا في مكانها المناسب:
اولا: الجهل بأهمية اللغة ودورها في الحياة وشرطيتها للتقدم والتطور بالإضافة إلى أهميتها لتعميق إدراك تعاليم الدين الحنيف و توطيد الوحدة الوطنية والانسجام داخل مجتمعنا المسلم.
ثانيا: لقد ترك لنا الاستعمار الفرنسي (مسمار جحا) فئة من المتعلمين بالفرنسية ومناهج تعليم فرنسي جعلت جزئا من مجتمعنا يعتقد أنهم مرتبطون بالفرنسية وأن كل تعريب أو تعليم للعربية يهددهم بالتهميش وبسيطرة آخرين عليهم !!
إن مثل هذه الأفكار الخاطئة والسطحية تطورت ونمت وتلاقى عليها جزء من المكونات الإفريقية وجزء من المستلبين من المكون العرببي حتى أصبحت المشكلة تشكل عائقا حقيقيا يحول دون فهم مخاطر استمرارنا بلا لغة وطنية جامعة!!!
ثالثا: لقد ظهرت عقبة أخرى أمام إنهاء تهميش اللغة العربية ولعلها مع غرابتها من أقوى العقبات إن تبني التيار الإسلامي بما يمثل من زخم ثقافي و إعلامي كبيرين مقاربة تجعل المطالبة بالتعريب غير ملحة وتتعاطف مع الذين يعتبرون التعريب تهميشا لهم واعتبروا اللغة وسيلة توصيل الأفكار برموز وإشارات متضمنة لمقتضيات التعامل ويستوى في ذلك اللغات العربية أو الفرنسية أو غيرهما وأن محاربة اللغة أية لغة مظهرا متخلفا فهذه المقاربة والأفكار التي تتضمنها تشكل خطرا على مجهود توعية المجتمع حول التعريب وإلحاح البدإ به..
كما أن ادعاء جزء كبير من مدعي مناصرة التعريب أنهم يريدون التعريب وفي الوقت نفسه يعمقون توطين الفرنسية داخل المجتمع باعتمادهم عليها في نشر أفكارهم بها كما لو كانت العربية عاجزة عن توصيل مايفكرون فيه انهم بادعاء العروبية ومساندة التعريب يكذبون لأنهم يساعدون في استمرار مكانة الفرنسية داخل الفئات المثقفة!!
إن موقف هذه الفئة من المرائين المتحايلين أكثر خطرا من الرأي السابق الذي تحمله فئة تشكل خسارتها ضياع قوة مهمة يتطلبها الواقع للتقدم في مسيرة إحلال العربية في المكانة التي تناسبها و إن المرائين المدعين (العروبية )والآخرين الذين لايرون استعجالية إنهاء دور الفرنسية يشكلان رأيين ضارين سواء علما أو لم يعلما أو كانا عامدين أو خاطئين !!!!؟؟

 

 

9. يناير 2021 - 23:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا