أسعار المواد الغذائية الأساسية في موريتانيا مرتفعة عموما، ولكن في الأيام الماضية شهدت قفزة قياسية غير مسبوقة.
تتزامن هذه القفزة مع انتهاء فترة إلغاء الضرائب و الرسوم الجمركية على مواد ( القمح والزيوت والحليب والخضروات والفواكه ) التي اعلن عنها رئيس الجمهورية طيلة ما تبقى من السنة 2020 في اطار مواجهة تأثيرات كورونا .
الأسباب معروفة للجميع منذ فترة و لا تحتاج كبير عناء للفهم ، هي باختصار :
- ارتفاع الأسعار عالميا و هو أمر مؤكد حيث شهد مؤشر منظمة الفاو لأسعار الأغذية ارتفاعا منذ شهر أكتوبر 2020 ، من الطبيعي ان يتأثر بها بشكل كبير بلد يستورد اكثر من ثلثي حاجياته الغذائية،
- ولكن الطبيعة الاحتكارية للسوق ظلت دائما سببا في ارتفاع الاسعار في موريتانيا ، حيث تحتكر مجموعة قليلة جدا من كبار التجار المجال مستفيدة من تسهيلات حكومية في مجال توفير العملات الصعبة ، الإجراءات الجمركية ....الخ و هو ما يجعل من المستحيل ظهور تجار جدد.
- طول سلسلة التوزيع حيث كشف التحليل الذي أُجري لسعر القمح والأرز المستوردين في نواكشوط في العام 2014 أن أكثر من نصف سعر التجزئة هو هوامش ربحية للتجار الموزعين .
الحل باختصار:
- اعادة تعريف الرسوم الجمركية علي السلع و البضائع بحيث يتم تخفيض الجمركة علي المواد الأساسية و زيادتها علي الكماليات
- بالإمكان الحد من تأثير تذبذب الأسعار عالميا عن طريق الانخراط في نظام التأمين الدولي ضد ارتفاع الاسعار ( “التحوط”، أو Hedging بالإنجليزية) علي غرار دول مثل المغرب و مصر ...الخ
- كسر الاحتكار و فتح المجال للمنافسة وتحمل تكلفة هذا الإجراء سياسيا مع تشجيع ظهور فاعلين جدد
- تنظيم سلسلة التوزيع ومراقبة الموزعين
بالتالي بدل ان كان المواطن البسيط يدفع سعر (البضاعة عند البلد المصدر + الشحن + الجمركة + احتكار المستورد ومضاربته بالأسعار + هوامش للموزعين تصل ضعف سعر البضاعة عند المستورد)
سيدفع (البضاعة عالميا + الشحن + جمركة رمزية + ربح بسيط للمستورد + هوامش بسيطة للموزعين)
الموضوع موثق منذ فترة عبر عشرات الدراسات التحليلية والإحصاءات الميدانية (كتبها خبراء و متخصصين) و لا يحتاج الكثير من الاجتماعات الرسمية (التي يحضرها سياسيين)
نظريا بالإمكان خفض اسعار المواد الاساسية في موريتانيا بنسبة 40% - 50% ولكن عمليا يحتاج الأمر الي معركة سيتم خوضها لامحالة في يوم من الأيام