الكذب عادة اجتماعية سيئة ومرفوضة اجتماعياً من قبل الجميع، فالعائلة تربّي أبناؤها منذ الصغر على تجنب هذه العادة السيئة لما لها من أضرار اجتماعية خطيرة وتأثير علي مستقبلهم
عندما يكذب المسؤول في الدولة فإن التأثير سيكون كبيراً جداً وواسعاً ففي البداية سيكون تأثيرها على الحكومة وسيقلل من مصداقيتها ويضعف هيبتها أمام الشعب والضرر الثاني سيصيب الشعب بأكمله، فعندما يظهر المسؤول في أحد وسائل الإعلام ويعطي وعداً بقضية معينة ويجزم بأنها ستتحقق حتماً ويحدد وقتاً معيناً لذلك ويسمعه الملايين من الشعب ويتأملون خيراً بهذا التصريح ويأتي الموعد ويذهب ولاتتحقق، فان الضرر من كذبة المسؤول سيكون تأثيره على الملايين الذين صدقوه والأمثلة هنا كثيرة جداً ولاتكفي هذه السطور القليلة للتحدث عنها لأنها أصبحت حالة اعتيادية فالوعود اليومية من قبل المسؤولين بتحسين الخدمات مثل الكهرباء والماء والخدمات الصحية ورفع مستوى التعليم وتعيين الخريجين وتقليل نسب البطالة والقضاء على الفساد المستشري وضرب المفسدين ومحاسبتهم وغيرها من عشرات الأمور التي يعاني منها المواطن الموريتاني، والنتيجة لم يتحقق أي شيء من هذه الوعود المعسولة، فلذلك تدخل هذه التصريحات في خانة الكذب العلني باستخدام وسائل إعلام علنية سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة، ونتائجها انها تسببت بأضرار نفسية واجتماعية كبيرة على افراد المجتمع وانّ من أطلق هذه الأكاذيب قد استخفّ بمشاعر الشعب واستهزء بهم.
في عام 1961 وبالتحديد في يوم 25 من شهر مايو، أعلن الرئيس الأمريكي كينيدي للعالم اجمع بان الولايات المتحدة ستغزو الفضاء، وقبل نهاية عقد الستينات، هذا التصريح مثل هدف كبير، مع سقف زمني وضعته الإدارة الأمريكية، لكن التساؤل كان هل في مقدور الحكومة الأمريكية الوفاء بالتزامها أمام شعبها؟ لتحقيق هذا الهدف المعلن، أم انه كان بالون للاستهلاك الإعلامي فقط، تساؤلات كثيرة اجتاحت الشارع الأمريكي في وقتها.
كان شعور الأمة الأمريكية بالخيبة، لان السوفيت سبقوهم في سباق الفضاء، وكان هناك خيبة أمل كبيرة، وحالة من عدم الثقة بتحقيق الهدف، لكن الإدارة الأمريكية اجتهدت لتحقيق الهدف ضمن سقفه الزمني، باعتباره نوع من التحدي لقدراتها، ولحفظ الكرامة وتحقيق كبرياء أمريكا، ولإعادة ثقة الشعب بساسته، الى أن تحقق، ففي عام 1969 في 20 من يوليو، تحول هدف كينيدي الى واقع، حيث هبط على سطح القمر قائد سفينة الفضاء ابولو 11 "نيل ارمسترونج".
قضية وجود هدف واضح المعالم للحكومات، مهمة جدا لغرض تحقيق أحلام الأمم، في الرقي والتطور، بعيد عن العبثية والكسل، هدف ينفع الدولة ولا يلتصق بشخص ما، هذا مهم جدا، وعليه ممكن النهوض، وممكن أن نفهم ماذا قدم الساسة من خلال مقارنة الأهداف بالمنجز، فان تحققت الأهداف فهذا دليل كون الحاكم شريف ونزيه وعادل، باعتبار وفائه للشعب عبر تحقيق أهدافه المعلنة.
أما أذا كانت الأهداف لا وجود لها في الواقع، فهذا دليل كذب وفساد وخيانة الحاكم، حيث اعتمد منهج المكر بالشعب في الحكم.
الحقيقة المحزنة موريتانيا، انه تغيب الأهداف الفعلية عن الدولة الموريتانيه، مما جعل قضية التقييم مستحيلة، وتسبب في نمو وحش الفساد، بل هو يتمرد مدعوما بقبول السلطة بذلك، لتحقق مكاسبها على حساب البلد.
غاندي مثال القائد الشريف
يحكى عن غاندي ذلك الرجل العظيم، انه كان يحمل هدفا عظيما في داخله، الا وهو أخراج الاستعمار البريطاني من الهند، لكن من دون عنف، وقد اعترض طريقه الكثير من المصاعب، بل اعتقل وعذب مرات عديدة، لكنه كان مصرا على هدفه، الى أن استطاع جمع مأتي مليون شخص على مبدأ واحد، قائم على المقاومة من دون عنف، لقد نجح الرجل لأنه وضع هدف واضح، ووظف كل جهده لتحقيقه، ليتحول الى حقيقة، مع أخلاص النية وسلامة النفس ونقاء الروح للقائد غاندي.
عندما يملك القائد صفات ايجابية كالصلاح والطيبة وحب الوطن، فالأكيد أن تكون أهدفه سامية لصالح الوطن والشعب، وتبقى تذكره الأجيال بكل خير.
نظرة مقارنة سريعة لكبار الساسة عندنا اليوم، حتى تتصاغر أسمائهم أمام غاندي، بسبب انانيتهم وفسادهم.
مثال محمد ولد عبد العزيز
عندما وصل محمد ولد عبد العزيز للحكم كان لديه هدف كبير، وهو بناء شخصه ومن حوله ولو علي حساب الوطن فتحولت جهود مؤسسات الدوله لتحقيق هذا الهدف، مما جلب الويلات للشعب، المجاعه والأمراض.......الخ وتراكم الديون علي البلد
ويمكن القول أن هدف محمد ولد عبد العزيز ينم عن انانيه مفرطه تقرب من المرض النفسي
تكرارُ الكلام يجعل ما يُقال يبدو وكأنه أكثر صدقا، بغض النظر عما إذا كان كذلك أم لا. ويمكن لإدراك هذا الأمر أن يساعدك في تجنب الوقوع فريسة لحملات الدعاية المضللة، كما يقول عالم النفس توم ستافورد.
"كرر الكذبة كثيراً بما يكفي وستصبح هي الحقيقة"، هذه هي القاعدة التي تنسب غالباً لجوزيف غوبلز، مسؤول الدعاية السياسية لهتلر إبان الحكم النازي. وهناك شيء مشابه لذلك في أوساط علماء النفس يعرف باسم تأثير "وهم الحقيقة".
اغلب الأهداف التي تم الإعلان عنها من قبل الطبقة الحاكمة، كانت مجرد بالونات للضحك على الناس، وهي تمثل مدى استخفافهم بالجماهير ، والأمثلة كثيرة ومنها حل أزمة البطالة، والوعود بالنهوض بالجانب الزراعي، وكذبة إعلان الحرب ضد الفساد...........والكثير من الوعود
وعدم تحققها يعود لغياب التقييم والمحاسبة عن الأهداف الكاذبة، مما خلق شرخ بين الجماهير والحكومة، باعتبار أن الطبقة السياسية دوما تكذب ولا تحقق وعودها، ولا تخجل من عدم وفاءها للجماهير.
فكانت تلك الأهداف المعلنة من قبل السلطة مجرد شعارات سياسية، للاستهلاك المحلي، والتأثير في زمن الانتخابات، وأيضا للمزايدة على الآخرين وإسقاطهم في عيون الطبقة البسيطة، وكذلك وجدت أهداف الطبقة الحاكمة فقط للضحك على الجماهير، باعتبار أن هناك منجزات ستتحقق لاحقا، فكان استخفاف بالشعب الموريتاني يدلل على عمق فساد وسفالة تلك الطبقة.
الدولة لكي تنهض تحتاج لأهداف واقعية، مع تحديد سقف زمني لتلك الأهداف، لغرض التقييم والمحاسبة، حيث على البرلمان أن ينزع عنه ثوب الكسل والفساد، ويتحول لكيان مدافع عن حقوق الوطن والشعب، فيطالب الحكومة بتحقيق الأهداف وألا قام بمحاسبتها، ورفع ملفات الأهداف للقضاء،
وهنا أدعو البرلمان وأطالبه علناً بضرورة سن قانون يحاسب المسؤول على الكذب ويسمح لأي مواطن أن يرفع دعوى قضائية على أي مسؤول ويتهمه بالكذب ويقدم الأدلة الملموسة الى المحكمة وهي حتماً ستكون تسجيلاً بالصورة والصوت أو بالصوت فقط أو صحيفة أو مجلة تضم هذه الكذبة التي أصابته بالضرر المعنوي أو المادي ويطالبه بأي تعويض يراه مناسباً لرد اعتباره والقصاص من المسؤول الكاذب ليكون عبرة للآخرين الذين يستخفون بمقدرات الشعب ويستهينون بمصالحهم ومقدراتهم،
فلو تم هذا الأمر، لتغيرت الحياة السياسية في موريتان، ولظهر للوجود كيان موريتاني قوي، لأنه يملك أهداف ويسعى بصدق الى تحقيقها.
فهي دعوة للكيانات السياسية أن تصدق هذه المرة، وتضع أهداف حقيقية لخدمة الوطن والمواطن، وتترك الكذب
د.محمدعالي الهاشمي