مقترحات لحوار وطني أو تشاور جاد قد يطرح مصطلح الحوار الوطني إشكالية في بعده الدلالي لدى بعض النخبة السياسية، خاصة الموالاة ، فمفهوم الحوار الوطني ارتبط مصطلحه عالميا في الغالب بمحاولة إيجاد تفاهمات في الأوقات اللاحقة للأزمات السياسية ، أو الحروب والإقتتال الداخلي.
إن الحوار الوطني يعتبر وسيلة فعالة وناجعةلترميم التصدعات الداخلية ، ولإعادة بناء الثقة بين الدولة ومؤسساتها ، ومجموعاتها المختلفة.
أما التشاور فهو عبارة عن عمليات نقاشات تهدف إلى إشراك أصحاب المصالح المختلفة في وضع السياسة العامة والتصورات المستقبلية.
سأكون ممتنا لو اتفق ساستنا على الدخول في تشاور وطني أو حوار بهدف خلق تفاهمات سياسية تذلل بعض العقبات والتراكمات التي ورثناها من عقود الهشاشة ، وأوقات الأزمات بمختلف ألوانها التي مرت بها دولتنا الفتية منذ استقلالها وإلى اليوم.
إن هذا الحوار أو التشاور ينبغي أن يتمحور حول:
-ترسيخ مفهوم العدالة الاجتماعية والرقابة على موارد الدولة وسبل التسيير ، وإطلاق يد العدالة ، والضرب بيد من حديد على لصوص المال العام وأباطرة الفساد دون رحمة.
-حسم ملف مخلفات الرق والتوزيع العادل للثروة ، وإعطاء أولوية للطبقات الهشة والمغبونة في المجتمع.
-تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية بين مختلف مكونات المجتمع ، وزرع ثقافة الحب والإنتماء للوطن والولاء للأخوة الوطنية والقيم الإنسانية النبيلة.
-تطوير العملية السياسية ، وخاصة إيجاد سبيل سالك لنقل السلطة للمدنيين ، وترسيخ التداول السلمي على السلطة ، مع ضرورة تحديد دور واضح للجيش الوطني في الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية ، وتحديد دور ومهام المجالس الجهوية بشكل يكبح من جماح تغول الوزارات بسبب النزعة الذاتية في التسيير ، والرغبة في الهيمنة على الموارد.
إن تطوير لجنة الانتخابات سيظل مطلبا مستمرا ، وتعزيز آليات الرقابة والضوابط القانونية لتسيير العمليات الانتخابية.
-تطوير مناهج التعليم لإدماج اللغات أو اللهجات المحلية كمادة في مناهج التدريس ، والسير في عملية تعريب مؤسسات الدولة بشكل تدريجي يحفظ للنخبة الافرانكفونية مصالحها ، ويسرع من فرص حسم رهان التعريب دون أن يتم فرضها وبشكل أكثر سلاسة وواقعية.
إن أكبر نكبة ابتلينا بها في هذه الدولة هي ظاهرة الاستقطاب والتخندق السياسي الحاد بين الموالاة والمعارضة ، مما جعل بين الفريقين حجابا وحجرا محجورا.
ظاهرة فوتت فرصا ، وعطلت طاقات ، وشلت ديناميكيات كثيرة في مجال التنمية .
التوظيف لدينا على أساس سياسي واجتماعي بالدرجة الأولى ، إنها خطيئة يدفع البلد ثمنها مضاعفا ، وحالنا هنا كمن يحاول الفوز بجائزة في رفع الأثقال مستخدما إبهامه فقط.
على الدولة أن تعيد الأمور لنصابها وأن تبحث عن الكفاءات بغض النظر عن تخندقاتها السياسية ، وأن تعزز من ثنائية المكافأة والعقوبة ، وتشجع التميز ، وتواصل في نهج التشاور الذي سنه مشكورا النظام الحالي بأريحية تذكر له فتشكر.
أيها القادة والساسة والنخب المحترمون إن التميز ليس في التقليد دائما ، بل في البحث عن الحلول التوفيقية والتوافقية بشكل عقلاني ، يعزز الخصوصية ويلامس الواقع ويظهر فرادتنا في التطوير والابتكار.
أظهروا تميزكم
وفقكم الله جميعا
وسدد خطاكم
وحفظ موريتانيا