التعليم هو الحاضر وهو المستقبل وهو كل شيء في حياة الإنسان منذ أن استخلفه الله في هذه الأرض وقد بدت الحاجة له منذ أمد بعيد كما في قصة ابني ادم والغراب وسلسلة لا نهائية من تراكمات الأحداث اليومية التي جعلت من البشرية ما هي عليه الآن من تقدم وتطور مذهل ما يدل من ناحية على عظمة الخالق العليم سبحانه وتعالى ومن ناحية على أن القليل الذي أعطى للإنسان من العلم غير متناهي ولا محدود بالمفهوم البشري فإن كانت الحاجة والصدفة فتحت العقل البشري على فضاءات علمية واسعة وشتى فإن الأخطاء كانت المنهجية التي تدرجت عليها مدارك الإنسان واعانته على أن يستوعب جزء يبدو يسيرا من الحقائق الكونية وفجرت طاقاته الكامنة ما كان حصيلته كم هائل من الاختراعات العبقرية.
في بلادنا عانى التعليم النظامي من معضلتي العزوف عنه في بواكير نشأته من طرف مجتمع رأى فيه خطرا محدقا بهويته الدينية والثقافية وما كاد المجتمع الموريتاني يستأنس بوجل هذا الوافد الجديد ويدرك ما له من أهمية بالغة على المستوى الفردي للمتعلمين وكذلك الاجتماعي لأسرهم ومجتمعاتهم الضيقة ثم ضرورته لبناء كيان يلم شمل جغرافيا ومجتمع هذه البلاد السائرة نحو التمتع باستقلالها حتى تنازعته أهواء الأيديولوجيات السياسية منذ السنوات الأولى لقيام الدولة الموريتانية حيث أن المجموعات السياسية غلبت الأفكار والنزعات الإيديولوجية الضيقة على المصلحة الوطنية العليا وظل الحال على ذلك مع تعاقب الأنظمة وزاد من ابتلاء المنظومة التربوية الوطنية إهمالها الشبه كلى من طرف حكومات جعلت من إصلاح التعليم مجرد شعار للاستهلاك السياسي والإعلامي دون إنكار أن هناك من سجل له التاريخ أنه أبلى حسنا على مقدار طاقته والتفويض الممنوح له والإمكانيات التي وضعت تحت تصرفه.
لقد شكل اختيار الموريتانيين لبرنامج تعهداتي منعطفا حاسما وهو البرنامج الذي حمل رؤية إصلاحية تجديدية ثاقبة تنطلق من أن أداء المنظومة التربوية الوطنية دون المستوى المرجو والمأمول رؤية قائمة على أولوية استعادة الثقة في المدرسة العمومية وترسم معالم طريق إصلاح التعليم عن طريق إرساء قواعد المدرسة الجمهورية, وقد شرع معالي وزير التهذيب الوطني والتكوين التقني والإصلاح السيد محمد ماء العينين ولد أييه في التطبيق الحرفي الرصين والحصيف لهذا المشروع الوطني الملهم وقام عن حنكة وخبرة بوضع الأسس السليمة والمتينة للاصلاح بشكل علمي ومتدرج وكانت الخطوة الأساسية الكبرى التي دشن بها هذا المشروع الوطني الهام والمصيري فتح تشاور واسع النطاق مع جميع النقابات التعليمية دون إقصاء ولا تصنيف وكذلك روابط أباء التلاميذ والشركاء جميعا بمن فيهم الفاعلين في التعليم الخاص, وقد انبثق هذا التشاور عن شروع الوزارة كجهة تنفيذية في تشخيص مكامن الخلل وتوصيفها ووضع الحلول للمشاكل والعراقيل والبدء في خطة مدروسة لإنتشال التعليم من الواقع السيئ الذي كان يعانيه فتعددت الورشات ونقحت المناهج وتمت تلبية مطالب أساسية وهامة للمدرسين أعلن عنها فخامة رئيس الجمهورية في خطاب عيد الاستقلال الوطني.
إن محاولة تحريف التقويم الذي ستنظمه وزارة التهذيب الوطني للمعلمين الميدانيين وزملائهم مديري المدارس هي حيلة يائسة لعرقلة مسار الإصلاح الذي تضمنه البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية ومسايرة الراكضين في الطريق العكسي للإصلاح من طرف بعض المعلمين الغيورين على سمعة وكرامة وشرف المهنة كانت عن حسن نية قبل أن يتبين لهم أن الحق الذي عليهم أن يتبعوه هو الوقوف مع جبهة الإصلاح الرافضة لعودة التسيب الذي نتجت عنه الفوضى والفشل للواجهة بعد أن تم دحره ولاحت بوادر الإصلاح براقة وأن الصواب والحكمة هما في نبذ كل دعوة تشويشية وتشويهية مهما كان مصدرها ودافع الناعقين بها.
إننا معشر المعلمين ومثلنا جميع مكونات المجتمع ننشد إصلاح التعليم بعد أن كاد اليأس من تحقيقه يستولى علينا ونحن إذا نتشبث بهذا التقويم باعتباره طريقنا نحو إصلاح التعليم الذي هو ضمان تقدم وازدهار بلادنا وصمام أمان وحدة وتماسك مجتمعنا نشد على يد من يقود هذا الإصلاح معالي وزير التهذيب الوطني والتكوين التقني السيد محمد ماء العينين ولد أييه .
ونحن نعيش في عالم القرية الكونية الواحدة وفي العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين عصر التكنولوجيا الفائقة الذكاء إليكم استشهاد مقتطف من كلمة لأحد أغنى أثريا العالم ومؤسس أحد أكبر عمالقة التكنولوجيا وأحد أبرز المهتمين والمتبرعين لصالح مشاريع الصحة والتعليم حول العالم إنه بيل غيتس الذي يقول ( نحن جميعا بحاجة لمن يقدمون لنا ملاحظاتهم, فهذه هي الطريقة التي نتحسن بها, ولكن للأسف، هناك مجموعة من الأشخاص ليس لديهم تقييم ذاتي ممنهج ليساعدهم على القيام بعملهم على أكمل وجه، وهؤلاء الأشخاص يقومون بواحدة من أهم الوظائف في العالم, وأعني هنا المدرسين, عندما علمنا (ميليندا) وأنا مدى التأثير الضعيف للتقييم الذي يتلقاه معظم المدرسين، كان ذلك بمثابة صعقة, حتى وقت قريب، أكثر من 98 % من المدرسين كانوا يُقَيَّمُونَ بكلمة واحدة: مُرْضٍ, لو كان جل ما تقوله لي مدربتي للعب الورق في كل حين أني كنت "مُرْضٍ" لما كان لدي أمل في أن أتحسن يوما, فكيف لي أن أعلم من كان الأفضل؟ كيف لي أن أعلم ما الذي أخطأت فيه؟ اليوم، تعيد المديريات التفكير في طريقة تقييمها للمدرسيين، لكننا مازلنا لا نقدم لهم ملاحظاتنا بالشكل المناسب الذي سيساعدهم على تحسين طريقة عملهم, يستحق مدرسينا أفضل من ذلك, نظامنا الحالي لا ينصفهم, بل لا ينصف حتى الطلبة.)
ستَبقى طويلاً هذه الأزماتُ .. إذا لم تُقصِّرْ عُمرَها الصدَّمَاتُ
إذا لم يَنَلْها مُصلحونَ بواسلٌ .. جريئونَ فيما يَدَّعونَ كُفاة