من الطبيعي جدا أن تتحرك بعض الجهات التي كانت تستفيد من فوضوية قطاع التنقيب التقليدي عن الذهب، ومن الطبيعي كذلك أن تحاول تلك الجهات أن تقف حجرة عثرة ضد أي محاولة لتنظيم هذا القطاع الحيوي الذي أصبح يستقطب عشرات الآلاف ـ إن لم نقل مئات الآلاف ـ من الموريتانيين العاطلين عن العمل أو الباحثين عن أنشطة مربحة.
هناك من يربح من الفوضى، ولذا فمن الطبيعي جدا أن يقف ضد أي عملية لتنظيم هذا القطاع الهام.
لقد اندلعت يوم أمس بعض الاحتجاجات في الشامي في المنطقة التي توجد بها مراكز المعالجة (مصانع طحن الحجارة)، وشارك في هذه الاحتجاجات بعض الأجانب الذين يعملون في تلك المصانع.
رفع المشاركون في هذه الاحتجاجات مطلب إلغاء الضريبة على خنشة الحجارة، والتي تبلغ 300 أوقية قديمة على الخنشة.
1ـ هذه الضريبة هي الضريبة الوحيدة التي تفرضها شركة معادن موريتانيا على المنقبين الذي يمارسون مهنة التنقيب بصفة مباشرة؛
2ـ هذه الضريبة تم إقرارها ضمن توصيات اللقاءات التشاركية المتعلقة بالنشاط المعدني الأهلي وشبه الصناعي المنظمة في قصر المؤتمرات يومي 22 و23 أكتوبر 2020، والتي شارك فيها المنقبون من خلال نقاباتهم.
3ـ جاء في هذه التوصيات وبالحرف الواحد :" فيما يتعلق بالضرائب، يتفق الفاعلون جميعا على ضرورة وضع نظام ضريبي مناسب، يمكن أن يكون مباشرا ( ترخيص الآبار) أو غير مباشر (خنشة الحجارة أو كمية الذهب) ويجب تحديد مبالغ الضريبة أو الرسوم بالتشاور مع الفاعلين، وقد أجمع المشاركون على أن غالبية الفاعلين يفضلون ضريبة على خنشة الحجارة. بالإضافة إلى النظر في إنشاء ضريبة بيئية". انتهى نص التوصية رقم 26.
4ـ نستنتج من هذه التوصية أن الضريبة على خنشة الحجارة كانت من اقتراح الفاعلين في القطاع، ويمكن القول ـ وبشكل عام ـ بأن شركة معادن موريتانيا تنتهج في مزاولة أعمالها أسلوبا تشاركيا مع كل الفاعلين في القطاع.
بعد احتجاجات الشامي الأخيرة أصدرت النقابات والاتحادات الفاعلة في المجال بيانا مشتركا وقعته كل من : الوطنية للمنقبين ـ الشامي الشاملة للتعدين الأهلي ـ الفدرالية الوطنية لعمال المناجم والأشغال العامة ـ رائدات التعدين التقليدي . وقد ندد هذا البيان بكل عمل يخل بالسكينة والأمن، والتزم الموقعون على البيان بالحوار مع الدعوة لتعزيز النهج التشاركي مع شركة معادن موريتانيا من أجل تحقيق مطالب المنقبين والحفاظ على مكتسباتهم والنهوض بقطاع التعدين الأهلي بصفة عامة.
فلماذا هذه الاحتجاجات الآن؟
إن الإجابة على هذا السؤال تحيل إلى التفكير في المتضررين من تنظيم القطاع وضبطه، أي إلى تلك الجهات التي كانت تستفيد بشكل أو بآخر من غلق بعض مناطق التنقيب، الشيء الذي سمح لها بالتربح من عبور بعض الأشخاص إلى تلك المناطق المغلقة. كما أنه يجب التفكير في بعض المستفيدين سياسيا من توتير الأجواء في منطقة الشامي في مثل هذا الوقت بالذات.
إن تنظيم هذا القطاع الحيوي وتأطير العاملين فيه أمرٌ في غاية الأهمية، يستفيد منه المنقبون من قبل غيرهم، وفي هذا الإطار فقد تمكنت شركة معادن موريتانيا، وفي ظرف وجيز أن تحقق ما يلي :
ـ إكمال دراسات التأسيس؛
ـ فتح منطقة الشكات أمام المنقبين، والتي تبلغ مساحتها 104000 كلم2
ـ البدء في توفير المياه
ـ توفير بعض سيارات الإسعاف
ـ توفير الاتصالات الهاتفية
ـ توفير خدمة إذاعية في منطقة الشكات
ـ هذا فضلا عن التشاور الدائم واعتماد نهج التشارك مع المنقبين وكل الفاعلين في القطاع.
خلاصة القول: إن تنظيم هذا القطاع الحيوي من خلال الاستمرار في الحوار و التشاور واعتماد نهج التشارك سيكون في مصلحة الجميع، أما العودة إلى الفوضى فستعني خسارة الجميع.
حفظ الله موريتانيا...