أرانا قد اجتزنا عصر الضعف في القرن التاسع عشر لندخله في القرن الواحد بعد العشرين، وذلك لما يعانيه طلاب شعبة الآداب العصرية في السنوات الأخيرة من ضعفٍ لم تعرف قبله مثله - لاعرفتْ بعده مثله - ولعل ذلك كان من بين العوامل الرئيسية في ضآلة نسب النجاح التي عرفتها الشعبة على مرِّ أجيالها المختلفة، وقد تبلور هذا الركود في عديدِ نقاط، منها على سبيل المثال لا الحصر:
* أولا: اعتماد الحفظ بديلا عن الفهم
هذه هي العصى الضعيفة التي توكأ عليها جلُّ تلامذة الشعبة فباءت جهودهم بالفشل، إذ جعلوا مواضيع الفلسفة في قوالب جاهزة يصبونها صبا إذا ما بدت لهم علاقة بينها والسؤال، لكن الكارثة ستكون في طرح السؤال بصفة غير مباشرة أي بمفاهيم غير المتوقعة - ويمكنْ - ببساطة سيحتار المتسابق بين الكُتَل المخزنة في ذاكرته أيها الأنسب، وفي الأخير يُدلي بأحداها بناء على اختيار عشوائي، وقد لا تتماشى المقالة مضمونيا مع السؤال،
وتعتبر هذه الحركة البهلوانية ضعفا على مستوى الفهم مع أن الأغلبية لا تحاول فهم المواضيع وإلا وجدت حلا غير هذا .
وقد تمدد فيروس الحفظ اعتمادا إلى أن وصل مادة اللغة العربية، فنجد منهم من يحفظ بعض المقدمات ليستهل بها مقالاته التحليلية، ويحفظ بعض الخاتمات ليوصلها بالعرض وإن أبى الأسلوب المُتأدب، قد يقول قائلٌ إن لكلٍ طريقته وخطته، لكن ببساطة إن اختلفت المناهج فإنها تتفق على قاعدة ربما أساسها المنطق، وهي أن الأدبيَّ يجب أن يعتمد أُسلوبه الخاص لأن الامتحان إنما هو تقييم لذائقته وقريحته الأدبية وقدرته على التحليل والتعليل والنقاش، لا على حفظه وقوة وذاكرته.
* ثانيا: الضّعف الأدبي في اللغة الفرنسية خصوصا
إذ أن الأغلبية من الطلاب لا تتمتع أصلا بالرصيد الكافي أدبيا في اللغة الفرنسية، وهذه من اكبر العوائق الابستمولوجية التي تعترض سبيل الطالب، وتعود تلك المشكلة إلى مراحل ماقبل الثانوية، فلو تمكن الطالب من أساسيات اللغة أيام الابتدائية والإعدادية لما عانى مايعانيه الآن على عتبة التعليم العالي ولَتَمَكّن من كسب المُستطاع من من اللغة الفرنسية أدباً.
إن هذه الشعبة وطلابها يحتاجون تنظيرًا جديدا في قضيتهم وإبداء مختلف الآراء حولها لتتضح لهم الرؤية والطريق الصحيح، فقد تاهوا منذ أمد في دهاليز الحفظ إرغاما للأدب، فأين "باروديُّ" هذا العصرِ و"نجيبُه" و أين "حكيمه" و"نُعًَيْمتُه"؟
أما أُطروحتي في هذه القضية فأرى أنه لو عَمدَ الطلابُ إلى التعامل مع المقرر بالطريقة التي رسمتها الوزارة، ربما كان حظهم أوفر، أو على الأقل ما عادوا بخُفَّيْ حُنَيْن.