لا يجمع المراقبون للمشهد السياسي الوطني حاليا إلا على ضرورة فك الطلاسم الغامضة لحيثيات اللحظة الوطنية الراهنة ، المربكة حسب البعض و المرتبكة حسب البعض الآخر.
وحده من لديه “عصا الغزواني” هو من يستطيع فك بعض طلاسم لحظة الصمت هذه وما يطفو على سطحها من شائعات وتسريبات وقرارات وتداعيات ، أصبحت بكل تأكيد تسحب من رصيد مصداقية النظام الحالي ، الذي شرأبت له الأعناق وتنفس ناس “المنكب” و”المكب”(مكب تفيريت) الصعداء لحظة وصوله لسدة الحكم ، وأبرق هو نفسه من الرسائل والاشارات والقرارات والمبادرات ما يبعث على الأمل الذي كادت البلاد تفقد طعمه خلال عشرية النظام الفارط ، رغم أن الرئيس الغزواني هو ثاني رجال ذلك النظام وأحيانا هو الرجل الأول خلال لحظات وقرارات معينة يعرفها من يعرفها من المطلعين على بعض الاحداث الفارقة خلال العشرية المنصرمة برئاسة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز
نعم تعيش موريتانيا حاليا حالة عدم يقين خطيرة قد تكون لها تداعيات سلبية على حاضر ومستقبل البلاد
لا أحد من رموز المشهد السياسي موالاة أو معارضة يدعي (في حالة صفاءه) معرفة ما يجري ، وخلال هذا الأسبوع صرح لي أكثر من شخصية سياسية وازنة في مختلف مكونات المشهد السياسي، أن البلاد في حالة ضبابية خطيرة قد تؤدي للمجهول ، كما صرح لي مدير لواحد من أهم مراكز الاستشراف في البلاد أن الحالة مربكة ومرتبكة بسبب غياب ثقافة “حلقات التفكير” لدى هرم السلطة.
ففي الوقت الذي نترقب إنطلاق الحوار السياسي الذي تؤكد مصادر مطلعة أن النظام يتبناه ويريده حوارا جادا يكشف على كل الأوجاع المزمنة والموسمية للبلاد ، يطل علينا وزير الداخلية من مؤسسة إعلامية رسمية مملوكة لدولة مجاورة ليقول لنا ليس هناك ما يستدعي حوارا سياسيا في البلاد …!!!
وبالمناسبة وبعيدا عن الحوار السياسي لا شك أن هناك “عوار”سياسي فاضح حين يتم اختيار صحيفة رسمية لدولة مجاورة لتلميع صورة البلاد سياسيا وأمنيا وإقتصاديا ، قد نفهم أن الحكومة “الرشيدة” لا تثق في الصحافة المحلية ، وقد لا يليق بالحكومة أن تفتح مكاتبها و”خزائنها” للصحافة المحلية ، وقد نتفهم ذلك في سياق السيادة السلطوية وهيبة الدولة وغيرها من العنتريات الرسمية ، لكن مفاهيم السيادة الحقيقية لا تتناغم مع اختيار صحيفة رسمية لدولة مجاورة لتكون عين العالم على ما يجري داخل البلاد.
ويجرنا هذا العوار السياسي والإعلامي الفاضح لتأكيد ما يذهب إليه الكثير من المراقبين للشأن السياسي الوطني وهو أن النظام الحالي يحتاج للاسناد السياسي والإعلامي ، فالحزب الحاكم ، لاتأثير له يذكر في الساحة الوطنية خاصة ما يتعلق بقرارات والتوجهات الرئيس ، كما لا نلحظ الزخم السياسي المطلوب لسياسات النظام تحت قبة البرلمان، ويبرر بعضهم هذه الظاهرة بما يسميه “غياب المنة”، أي أن نواب الاغلبية اليوم لا يشعرون بمنة ولا بفضل للرئيس غزواني عليهم فيما يتعلق بانتخابهم نوابا في البرلمان ، وبالتالي دعمهم سيبقى محدودا ، وقد يتجابون مع أي مستجدات سياسية تحصل في البلاد كما حصل مع الرئيس الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله
وفي خضم حالة الإرباك والإرتباك هذه يرى مقربون من الرئيس الغزواني أن الوضع بخير وحالة الضبابية ستنكشف قريبا عن قرارات حاسمة وفاعلة ، و ما يجري من إرباك أو إرتباك مفتعل لأن الرئيس الغزواني ما زال وفيا لخلفيته العسكرية، ويدير البلاد بمقتضيات التكتيك والتضليل المعتمدة في التخطيط الاتسراتيجي العسكري..
لكن ما غاب عن هؤلاء أن القائد العسكري يبني كل استراتجياته العسكرية من أجل هدف واحد و وحيد هو التدمير … تدمير العدو ، مع سلامة رجاله أو تعرضهم لاقل الاضرار
في حين أن قائد الدولة يبني كل استراتيجياته من أجل التعمير .. تعمير الأرض وتأمين البلاد والنهوض بها وتطويرها وبسط العدالة الاجتماعية بين مواطنيه..
حفظ الله البلاد والعباد
المصدر : صحيفة الصدى الاسبوعية (زاوية :قلم رشاش)الصادرة بتاريخ 12رجب 1442هـ الموافق 22/02/2021