بدأت الحرب الاستعمارية العنصرية الافريقية بزعامة المغول الفرنسي ضد الشعب الأزوادي وساكنة الشمال ، حيث دك الطيران الفرنسي الساكنة مخلفا الخسائر البشرية والمادية ، ولايجد المتابع للحرب المشتعلة هناك سببا للاندفاع غير المسبوق للغزاة الفرنسيين سوى الطموح الاستعماري في ثوب الحماية الفرنسية
الفراغ السياسي في مالي وسباق فرنسي لملا الفراغ
منذ الانقلاب الأرعن الذي قاده بعض قيادات الصف الثاني من الجيش المالي بدأت الجارة المالية تشهد اضطرابات غير مسبوقة كان أولها سيطرة الجماعات المسلحة على الشمال المالي ، وحصولها على الكثير من ذخائر الجيش بعد فرار عناصر ه أمام القاعدة ، لتجد الدولة المالية نفسها في وضع لاتحسد عليه ، فقد غاب الاستقرار عن الجزء المتبقي تحت سيطرة الانقلابيين ، حيث ظلت قيادة الجيش ممسكة بزمام الأمور تعين حكومة وتطيح بأخري ، تعتقل رئيسا وتمنع ءاخر من مغادرة البلاد لأسباب غيرمفهومة ولاواضحة ، وفي ظل وضع كهذا وأمام فراغ سياسي خيم على البلاد كان لابد من سد الفراغ ، وهوماحدا بالمستعمر الفرنسي لخوض المغامرة في سباق مع الأطماع الغربية الأخرى، وحشدت لذلك الغزومايسمى بدول "الإيكواس"، ومن ورائها مجلس الأمن الدولي ، فاستطاع الفرنسيون انتزاع قرار من المجلس ، يسمح بتدخل عسكري في مالي لمواجهة خطر الجماعات المسلحة، غير أن واحدة من دول الغرب لم تجرأ على قيادة الحرب ، خوفا من تبعاتها في المستقبل ، مما حدا بالفرنسيين إلى أخذ زمام المبادرة ، وبدأت طبول الحرب تدق هنا وهناك، وقادت فرنسا حملة دبلماسية غير مسبوقة لخوض الحرب ، واستمرت الاعدادات لها، حتى فاجأت القاعدة والجماعات المسلحة الجميع، معلنة عن بداية المواجهة والزحف نحوالجنوب، مما اضطر الفرنسيين إلى الإسراع بالتدخل قبل موعده المحدد، دون مشاركة حتى الآن من الأفارقة ، وهومامكن الجهاديين من تحقيق هدفين رئسيين:
أولا: أن تكون بداية الحرب بتدخل فرنسي غيرمدعوم، مما يسمح للجماعات المقاتلة للترويج بأن الحرب مجرد حملة غربية صليبية، وهوماأعتقد أن القاعدة نجحت فيه إلى حد كبير، حيث بدأت الدعوات المنادية بدعم الأشقاء في أزواد ، بل صدرت فتاوي تحرم دعم الغزوالفرنسي بأي شكل من الأشكال.
ثانيا: هذا إضافة الى جر الفرنسيين نحوحرب على الأرض مما قد يسهل اقتناص الغزاة الفرنسيين في ميدان المواجهة، وإذا حصل ذلك فستكون القيادة الفرنسية هذه المرة في مواجهة غضب الفرنسيين مما قد يدفعها إلى الانسحاب .
وابعث في المدائن حاشرين
ومع دخول الحرب يومها السادس والتوريط المفاجئ للفرنسيين استعجل الفرنسيون الأفارقة لخوض حربهم التاريخية العنصرية ضد شعب أزواد،"فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون" ، ثم توالت صيحات الفرنسيين ليصل صداها إلى الغربيين فأعلنت دول على استحياء عن دعمها اللوجستي للحرب الدائرة في مالي، ولم يكتف الفرنسيون بذلك بل شدوالرحال نحوأبوظبي طلبا للمال الخليجي في مواجهة حرب مالي ، وهي محاولة خبيثة من الفرنسيين لجر العرب نحوالحرب ، وحصولهم على غطاء عربي ، لاستعادة النموذج الليبي مع الفارق الكبير،
وتلك غاية لن يرضى الفرنسيون بغيرها بديلا، خصوصا وأنهم وجدواأنفسهم أمام رفض إسلامي للحملة الهوجاء قد يصل صداه إلى المصالح الفرنسية في أرجاء المعمورة، فيقع مالم تتوقعه الاستخبارات الفرنسية .
دول الجواربين ترغيب الفرنسيين وترهيب السلفيين
تبدو مواقف دول الجوار إزاء الحرب الفرنسية تجاه الأشقاء في أزواد والجماعات المسيطرة هناك غامضة ، فتارة تعلن رفضها المشاركة في الحرب وتعتبرها قرارا خاطئا،وأخرى تتحدث عن نيتها المشاركة إن فرضت عليها ، أوجاء طلب رسمي من الدولة المعنية، ويظل موقف الجزائريين والجارة الموريتانية من يمثل بحق ذلك الموقف المتذبذب وغير المفهوم، فالجزائر بدت معارضة بشكل قوي للحرب في مالي لخبرة الجزائريين بمئالاتها المدمرة" ولاينبئك مثل خبير" إلاأن الضغط الفرنسي ظل يمارس على الجزائرللاستفادة من خبرتها في مواجهة الجماعات الجهادية من جهة، ومن جهة أخرى حتى لاتوصف الحرب الفرنسية الافريقية بأنها حرب عرقية ضد البيض في أزواد، وتلك مسبة يخشاها الفرنسيون في حربهم هذه، وذلك مايفسره حرص الفرنسيين على دخول بعض العرب في الحرب الدائرة،وإن كان الدعم ماليا كما يرجوه الفرنسيون من دول الخليج .
أما الجارة الموريتانية فتبدوأكثرغموضا وترددا إزاء الحرب المالية ، فقد أعلن الرئيس الموريتاني عدم مشاركة بلاده في الحرب، وسيكتفي الجيش الموريتاني بحماية حدوده، لكنه سيرد إن تمت مهاجمته ، ومن السهولة بمكان أن تدعي موريتانيا لحرصها على المشاركة مهاجمتها من طرف المسلحين ،وهومايرفع عنها حرج المشاركة ، بل قد تمارس الدولة الفرنسية ذلك الدورفترسل قذائفها نحوالساكنة الموريتانية مخلفة خسائر جسيمة ،ومتهمة القاعدة بتعمد استهداف موريتانيا، فتضطرموريتانيا لخوض الحرب مكرهة" مكره أخاك لابطل "، وتلك فرضية تبدوأكثرترجيحا في ظل تورط فرنسا في الحرب وخشيتها من خطر التفرد مع القاعدة، علما أن فرنسا كما تحدثت الصحف الاسبانية تطمح للسيطرة على اليورانيوم المالي، وستبذل قصارى جهدها لحسمها لصالحها وهوما لن يتم دون مشاركة دول الجوار، لكن التصريحات الأخيرة القادمة من فرنسا إن صحت تجعل موريتانيا كمالوخضعت للضغوط الفرنسية ، وهوأمرقد يجعل موريتانيا هذه المرة في مواجهة حقيقية مع القاعدة، وستكون أشد ضراوة من سابقاتها لسببين:
أولا:أن المشاركة الموريتانية في الحرب تجد معارضة شرسة من الشعب الموريتاني وقواه الحية ، وليست فتوى علماء البلد الأخيرة بتحريم المشاركة، إلادليل على ذلك، وهومايعطي الجماعات شرعية لم تكن تتمتع بها في مواجهتها للنظام الموريتاني باعتباره مرتدا ومواليا للغزاة.
ثانيا:أن الجماعات المقاتلة في الشمال المالي تملك عتادا كبيرا عكس ماكان بحوزتها في مواجهات سابقة، فقد حصلت الجماعات المقاتلة على غنائم كثيرة بعد سيطرتها على الشمال المالي ، هذا إضافة إلى السلاح المهرب من الدولة الليبية ، ممايجعل مغامرة النظام الموريتاني في حرب مع القاعدة في غاية الخطورة.
وستبقى مصلحة موريتانيا في رفضها المشاركة حتى تجنب البلاد ويلات حرب خاسرة ستدفع المنطقة ثمنها تماما كما حصل في الحرب الأفغانية التي لم تضع أوزارها بعد، والحرب الصومالية التي لازالت تحصد أرواح الساكنة هناك، ولعل الأيام القادمة تكشف المزيد عن ماتخبئه الأقدار لساكنة الصحراء الذي ظلت إلى عهد قريب في منأي عن حرب كهذه .