ماذا وراء الأكمه؟ / الطيب ولد سيد أحمد

 تشهد وزارة التهذيب الوطني ...... مخاضا عسيرا مثيرا للجدل لـمَا تـتبين ملامح نتائجه بعدُ؛ ولا يمكن التنبؤ بجدواها؛ بيد أنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ؛وهـــــم

ماضون قدما في ترتيباتهم على حد زعمهم .

فعلى م يراهنون ؟

لا يختلف اثنان حول ما للتعليم من بالغ الأهمية للفرد والمجتمع والأمة؛ أي فرد او مجتمع أو أمة ؛ وبقدر إدراك حجم هذه الأهمية والتجرد لاستحقاقاتها والاستماتة في طلابها يتفاوت رُقي الأفراد والمجتمعات والأمم .

ورغبة في تحقيق أفضل المكاسب الممكنة من مزايا هذا الجوهر النفيس ما فتئت الحكومات الوطنية الصادقة تحث الخطى وتتحدى الصعاب وتعبئ الموارد في سبيل تحقيق أفضل مزايا العلم وحُق لها أن تفعل .

وبلدنا وحكوماتها المتتالية ليست استـثـناء في هذا الموضوع فمنذ قيام دولة الاستقلال والإصلاحات التعليمية تترى والمساعدات الفنية من الدول الشقيقة والصديقة تتوافد سعيا إلى الحصول على أفضل مكاسب ممكنة وعلى رأس أولوياتها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأطر المكونة تكوينا يستجيب لحاجة المرحلة؛ ورغم التحديات والعقبات والصعاب فقد تم بذل الكثير من الموارد والجهود على هذا الدرب ولا يزال السير حثيثا في سبيل استكمال ذلك المشوار النبيل وهو ما يتطلب المزيد من شد الأحزمة وعض النواجذ والتجلد( فمن جد وجد ؛ ومن زرع حصد ؛ ومن سار على الدرب وصل) .

لا جرم أن اموالا كثيرة قد أهدرت لهذا الغرض دون طائل بسبب الفساد الذي يضرب أطنابه في كل مكان وزمان ما حدا بأحد شعرائنا ـ وهو على ما يبدو شاهد عيان  اكتوى بغبن هذه المناسبات وغياب الحكمة منها ـ ماحدا به إلى تعرية حقية تلك الماسم من منتديات وملتقيات يتم عقدها تحت عناوين مختلفة وتصرف عليها الأموال الطائلة دونما أي أهداف عملية مقنعة .

يا سائلا عن اشتقاق الملتـقى ** هل هو من اللقاء أو من اللقى

أو من لغى أو بـدل غـا منه لـقـا** أو لقوة أو الجــــميع مــــــطـلـقـا
 اسـمع أحـدثـك حـديـثا شـيـقا ** يـــطـــــــرب منه السامعون منتقى
فالملتـقى مفـتعل قد أطـلقا ** على معان غامضات تـنـتـقى
لغرض يـراد أن يحـقـقا ** فـظن كل هدف إلا التـقى
 

والحقيقة أن كثيرا من اللغط يثار حول الملتـقيات والمنـتديات والأسفار التي تنظم من حين لآخر بدعوى التحرى عن مشاكل القطاع والبحث عن طبيعة العلل والعوائق المزمنة التي تفت في أدائه من أجل تحضير المراهم العلاجية المناسبة أو المنشطات الضرورية؛ وهو أمر ظاهره الموضوعية لكن دوافعه مريبة ونتائجه وخيمة لا تحقق الأهداف المعلن عنها غالبا؛ لذا كانت كل الاصلاحات التي تصدر عنها كبدائل أفضل مما هو موجود يتبين إفلاسها في ميدان الممارسة العملية فتـنـشأ حاجة جديدة إلى إعادة ذات السيناريوهات السابقة أو تحويرها حسب وجهات نظر المسيرين ومآربهم وهكذا دواليك .

وقد بات الناس يضيقون ذرعا بما يرونه سلوكا مخلا بالأمانة وهدرا لموارد تمس الحاجة إليها لما هو أولى؛ فتعالت الادعاءات والشكاوى متواترة من طرف الميدانيين المتمرسين بأن سبب هذه الاخفاقات المتكررة يتأتى من كون القائمين على تلك الجهود الإصلاحية والتصحيحية معزولين عن واقع القطاع التربوي الميداني ويجهلون أولوياته جهلا مركبا؛ حيث درجوا في أروقة ودهاليز المكاتب؛ وربما يكون آخر عهدهم بالتعليم أيام كانو تلاميذ في الفصول واختصاصاتهم التي تخرجوا بها مغايرة؛ وتكوينهم لا يخولهم القدرة على إسداء الرأي والمشورة اللازمين فلا هم يستطيعون تشخيص العلة ولا وصف الدواء فمتى كان بوسع فاقد الشيء أن يعطيه ؛ تلكم محاذير من بين أخرى يجدر بنا أن نضعها في الحسبان ؛ فعلينا أن نتعلم من أخطاء الماضي؛ إذ (( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)) فلا نسند الأمور إلا لمن نـثق في خبرته العلمية وتجربته الميدانية وكفاءته المهنية وإخلاصه لرسالته(وأهل مكة أدرى بشعابها ) ؛ فإسناد الأمور إلى أهلها شرط صحة لا يمكن القفر عليه لمن ينشد النجاح في أي أمر ذي بال ولا سيما قطاع التعليم ؛ هذا القطاع الذي هو أمل الأمة الوحيد ـ إذا أُحسن تسييره ــ أملها الوحيد في النهوض من كبوتها واللحاق بركب الحضارة الذي بات يسير بسرعة الضوء بل هو أسرع ؛ ولعل أيسر جهد لإصلاح قطاعي الصحة والتعليم ما ذهب إليه شاعر الحكمة حيث قال :

إن المعلم والطبيب كليـهما ** لا ينصحان إذا هما لم يكرما
فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه ** واصبــــــر لجهلك إن أهنت المعلما
 

ولعمري لقد أدرك الكثير من قادة الأمم ورؤساء الحكومات هذه الحكمة ووفوها حقها من العناية فجنوا  ثمارها على ما يرام ؛ وأغلب الظن أن المعلم والطبيب لدينا لا يمانعان في التكريم الآن فالخطب جلل ؛  والله ولي التوفيق .

 

8. مارس 2021 - 13:34

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا