بداية أشير الى أن المقالات المنشورة حول التعليم ، قدمت من طرف خبراء تربويين عارفين بالمشاكل التي واجهت ــ تواجه ــ التعليم نظرا لاطلاعهم على مجالات العلوم الاجتماعية، كمدارس علم الاجتماع، وعلم الاجتماع التربوي، وعلم النفس، وطرق التعليم ،،وكملاحظ متخصص في مجال العلوم الإنسانية ، أؤكد على تأثر النقاش المذكورة بهذه المجالات .
وكمثال على ذلك أن أحد الكتاب تطرق لمدرسة السلوك في علم النفس التربوي لدى " واطسون" الذي اعتبر علم النفس من العلوم الطبيعية القابلة للقياس، وتوظيف المناهج: الملاحظة، والتجريب، والتقنيات ،،وهناك زميل آخر أشار الى تكافل العلاقة في المجتمع العضوي " الحديث" ــ على رأي أميل دوركايم ــ بين عناصر العملية التعليمية ( المؤسسات، والإطار الاداري، والمحتوى المعرفي )، والمقالان المذكوران تأطرا بمدرستين: السلوكية، والوظيفية ،، لكن هذه الخبرة ، والمعرفة ، كان في المقابل لها ردودا لاتنم عن معرفة، أو تقدير للخبرة التربوية، فحين يستهتر أحد المعلقين بالجهود المبذولة من اجل البنية التحتية للعملية التعليمية التي لاتقوم الا على المركز، ويفسر الاهتمام بها على أساس البحث عن المنفوع المادي، كطلب " اسلاليخ" على حد تعبير المعلق !!
وصحيح أن بعض المآخذ عبرت عن عوارض السلوك المناط بأهله في تسيير الظاهرة التعليمية ، ومنها النظرة التجزيئية، في بعض الردود على التقصير الحاصل من رأس الوزارة، أو الطاقم الاداري التابع لها، أو حتى في افتعال الصراع بين الوزارة، و نقابة المعلمين ، كالاقصاء بعد النجاح في المسابقة، وحرمان التلاميذ من التعليم على أساس العمر،، كما تكررفي النقاش الدائر النقص في الكفاءة لدى المدرسين، مما يعني المطالبة بإعادة تأهيلهم في دورات، وهذه التجربة يراد لها أن تتكرر مرة أخرى، كما سبق مع مجموعات من المعلمين، والاساتذة في بداية العملية القيصرية لاجهاض التعليم بإعادة هيكلته سنة 1999م.
وكان القائمون ــ من الخبراء ــ على إعادة تركيب البنية التعليمية ثانية، قد وضعوا فرضيات مصادرة، لبنية التعليم للنشء في مجتمع تقوم الاسرة بتحفيز أبنائها على التعليم، ليكون دور المدرسة، هو تهيئة البيئة المناسبة للطفل، لينمي ميوله، ويكتشف شخصيته، ويطور مهاراته،،
أما مجتمعنا، ومن ضمنه الاسرة ، فربما يكونان مقصرين في القيام بواجبهما، نتيجة ظروف مجتمعنا الانتقالية،، ولذلك حصل التقصير الذي أرتد على المدرسة، ومضاعفة عبء الواجب عليها في العملية التعليمية ،،الأمر الذي من شأنه أن يفرض على الخبراء تغيير المنهج التعليمي، وترتيب الأولويات لبناء الانسان، وفق خطة مغايرة، لمجتمع غير المجتمعات المتقدمة التي وظفت ــ توظف ــ مختلف البيئات: الاسرة، والمدرسة، والمكتبة، والمتحف، والنادي، والرحلات المدرسية، وكذلك الاعلام المرئي، والمسموع،، ولهذا، فلعل من المطالب الملحة من أجل التعليم المنشود أن توضع خطة لإعادة هيكلة البنية التعليمية، وبرنامج تستند الى تصور تربوي متكامل في ابعاده الفلسفية المحددة لأهداف المجتمع من التعليم، والأبعاد التربوية التي تراعي النمو العقلي، والنفسي، والأساليب التربوية لكل شعبة من شعب التعليم في مراحله ،، وهذه موجودة في الفكر التربوي لدى/ جون ديوي /،، وقد واستند اليها في بناء منظومة التعليم التربوي في " الاتحاد السوفييتي" في بداية القرن العشرين، وتقدم على إثرها التعليم،،
وكم اعترف الامريكيون أنهم كانوا على خطإ حين تجاهلوا هذه الفلسفة التربوية، وما سبب لهم من تأخر التعليم عندهم حتى عهد الرئيس / ريغان/ الى لجنة علمية لوضع برنامج لإصلاح التعليم في ثمانينيات القرن الماضي،، بينما كانت / جون ديوي/ فلسفته التربوية لأصلاح التعليم في أواخر القرن التاسع عشر، وتضمنت برامج تصدرت بحزمة من الدوافع المحفزة على التعلم، كدوافع :" التعبير عن النفس، والاستفسار،والبناء، و التواصل"، وهي تؤسس لتعليم الناس يهتم ت: " الابعاد الاجتماعية ، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والاخلاقية المختلفة للمجتمع" وفي فلسفة جون ديوي توضيح لأهداف التعليم وربط الأخير ب "وظيفته الاجتماعية، وبأساليب التدريس، وأهمية المحتوى الثقافي، والقيم التعليمية، والجوانب الاجتماعية"،،فهل سيستفيد التعليم في موريتانيا من الفلسفة التربوية العملية لواحد من رواد الفكر التربوي المعاصر؟
أما تيارات الفكر في المواقع الاخبارية الافتراضية، فمنها:
ـ التيار التراثي، وكتاباته سيستنير بها وعي الرأي العام، لأنها تسعى لإظهار قيمة التراث، والتشجيع على إحيائه، وعلينا أن نكون انتقائيين في احياء التراث الفكري وفق عدة مستويات في التعامل مع مواده، أما المستوى الأول، فهو جمعه، والثاني هو تحليله، والثالث هو تقييمه، وكل منها ينبغي أن يراعي فيها الإجابة على السؤال التالي : ماهو المطلوب في التراث من جهة الحاجة الى فكر يعبرعن الهوية الوطنية، والقومية، والتفاعل الثقافي، والاجتماعي في مجالنا العربي الموحد ، ومن محاصيله الثقافية " أدب الرحلة" في الرحلات الثقافية ، والدينية التي أبانت التفاعل الفكري،، ؟
ولذلك ينبغي أن يستثنى من حركة احياء التراث، الفكر" الميث" الذي يؤصل للتخلف الاجتماعي، والثقافي، ولو أنه بعث الكثير منه في التأليف الحر سواء أكان ذلك الإحياء بوعي أم بغير وعي اصحاب الميول السياسية من المستنجدين بالتركيبة القبلية المتداعية ، والتوكؤ على ما تبقى منها، واسنادها بإاحياء التراث المعبر عن الصراعات القبلية، وتصنيف الشعراء، والمؤلفين على أساس يظهر دور النظام القبلي السابق الذي لا ينبغي إعادة تركيبه في ظل المتغيرات الحضرية الجديدة،،
غير أن بعض رجال الثقافة يعضون بالنواجذ على الزعي القبلي، وما يوازيه من عوامل التخلف، كالوعي الجهوي، و توظيف الجهوية للاستنفاع منها في سبيل إحتكار ريع الاقتصادات الجهوية على سكان كل منطقة، وتعميق اتجاهاتها في الاذهان من اجل إحداث شروخ زائدة على مظاهر التشظي الاجتماعي بين شرائح المجتمع في الوحدة الاجتماعية في هذه المرحلة الانتقالية من التمدين،،؟
2 ـ التيار الأدبي، ولكل كاتب مشروعه الابداعي والإسهام في النهوض الفكري، ومن المنجز الواعد تلك الشذرات الادبية، والنقدية التي نشرها الكتًاب في المواقع الافتراضية، ,وهي نموذج للقراءات جميلة في فكر الناشئة الأدبية، ونشر بواكيرها الفكرية في مجالات الشعر، والنقد، الأمر الذي ساعد النقاد على تأطير هذه البشائر في حقول الأنواع الأدبية في الأدب العربي الحديث، والمعاصر معا، وكمثال على الاهمام بما يكتب، ويقرأ من ابداع أدبي، ويقدم من ثمُ للقراء في المواقع،،كتبت / خولة لحبيب/ تحت عنوان " قراءة في رواية وادي الحطب "( موقع موريتانيا الآن) ما يلي : "عكست وادي الحطب ابعادا ايديولوجبة هامة تنم عن قضايا سياسية، واجتماعية ، واقتصادية داخل المجتمع الصحراوي ــ وكان الافضل ان تكتب داخل مجتمع الصحراء، وذلك لرفع الالتباس ــ التقليدي في منطقة أفله( الحوض الغربي)، حيث تناولت الرواية هذا المجتمع في حقبة الاستعمار الفرنسي ، إذ سلطت الضوء على القيم الاجتماعية ، والعادات، والتقاليد، وعلاقة شيوخ القبائل بالفرنسيين، كما تناولت الرواية واقع المظالم الاجتماعية التي كانت تعاني منها بعض الشرائح "، بالاضافة الى هذا النقد الإديولوجي، تم التطرق للجوانب الادبية، كالوصف الخارجي لأبطال الرواية، ولغتها، والعناصر الفنية من صراع، واحداث درامية،،وهذا النموذج من القراءات لاشك أنه سيساعد القراء على التعرف على تنامي الحركة الفكرية، والتنويه بكتابها.