ليس هنالك من ينكر اليوم أن سير ملف التحقيق في فساد عشرية الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز بات على مشارف طاولة القاضي حيث يضع مطرقته استعدادا للبت في ملفات فساد بعشرات أو المئات من المليارات التي ضاعت من ثروة هذا الشعب الموريتاني المغلوب على أمره منذ عقود، تجرع خلالها المواطن مرارة الفقر والجهل والتخلف وضعف الخدمات.
إننا نشهد عودة البطل كما تنظر لذلك الروايات الكلاسيكية، فالأمر ليس صدفة، حيث أن الجميع اليوم تيقنوا بما لا يدع مجالا للشك أن موريتانيا شهدت تحولا حقيقيا نحو الإيجاب منذ انتخاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، المبشر بتغيير جدي.
ذلك التحول الكبير الذي بدأت بلادنا تخطو خطواته الثابتة إلى تأسيس ملامح دولة القانون والمؤسسات بصدق، والتي تجعل الفصل بين السلطات مبدأ أساسا تبني عليه هذا التحول الجاد ذو الإرادة السياسية للديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد.
إن ذلك المبدأ هو العنصر البارز في السياسة الوطنية الحالية التي أظهرت أن للمؤسسات حريتها الكاملة ضمن صلاحياتها وما يمنحها القانون، فطفقت القطاعات تعمل منطلقة كل في تخصصها دون قيود.
إن تمتع القضاء بإستقلاليته التي يعيشها الآن، كانت الأهم والذي نحن بحاجة إليه في تحقيق ركائز دولة القانون، حيث أن هذه المؤسسة تتمتع باستقلاليتها التامة، وليس لأحد قدرة على التأثير عليها باعتباره حامية الحق والعدالة.
إن درجة القوة التي يتمتع بها النظام الموريتاني هذه الأيام لم تكن قط لدى أي من الأنظمة السابقة المتعاقبة، فالدعم الشعبي المؤيد لسياسة محاربة الفساد باد لجميع المراقبين، المواطنون ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء التحقيق لسماع كلمة القضاء، ولأول مرة يجتمع سياسيو موريتانيا بمولاتهم وأغلبيتهم ومعارضتهم على مناصرة نظام ومصالحته وتشجيعه على تطبيق برامجه التي نالت إعجابهم وثقتهم.
ضف إلى ذلك الدعم الدولي والإقليمي الذي حظيت به سياسات رئيس الجمهورية للدور الوطني الفعال في السياسة الخارجية محاربة للإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب والاتجار بالبشر، وحفظ السلام، إلى غيرها من الأدوار المضيئة، ناهيك عن دعم هؤلاء الشركاء والأصدقاء للخطوات الإصلاحية والبرامج الثورية لتغيير واقع التنمية الوطنية التي تهدف إلى إسعاد المواطن بشكل معقل يراعي الحاجات الضرورية آنيا ويقدم الحلول متوسطة المدى والبعيدة للحصول على نتائج دائمة.
إن كل الخطوات التي اعتزمتها بلادنا تسير بثقة على طريق التحقق، زادها في ذلك حكمة رئيس الجمهورية، وكفاءة الحكومة التي تواصل الليل بالنهار لتنفيذ برنامج طموح غني بالمشاريع النهضوية والتنموية التي بإمكانها نقل موريتانيا إلى مرتبة متقدمة استنادا إلى سواعد أبنائها واحتكاما إلى الشفافية والحكم الرشيد.
وبالعودة إلى ملف الفساد فلا تفصلنا سوى أيام لبدء مشوار التحقيق القضائي بعد صدور التهم في حق المشتبه بهم الرئيسيين، إيذانا ببدء مسار وطني جديد يجرم الفساد وينبذه، فلا مجال ولا رجعة في سياسة تجريم الفساد، وعقاب ممارسيه، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التلاعب بممتلكات الشعب.
إن إحياء أسلوب المكافأة والعقاب، كفيل بتشجيع النزاهة الإدارية والتسييرية لموظفي ووكلاء الدولة، حيث أن الدولة وصية وحامية لممتلكات الشعب، والقانون والقضاء الوسيلة إلى حصول الجميع على حقوقهم، ولا أحد فوق القانون.