يقول جورج أورويل في روايته الشهيرة «الحظيرة»، «السياسيون مثل القردة في الغابة، إذا تشاجروا أفسدوا الزرع وإذا تصالحوا أكلوا المحصول"، وربما يفضي هذا التزاحم على مدينة تمبدغه من قبل كوادر الأحزاب والوجهاء والأعيان إلى قرار يقضي بوضع هؤلاء في الأقفاص والحظائر لعرضهم على الجمهور وأمام عدسات التلفاز و هم يتنططون ويقفزون كالسعادين على أغصان الشجر بهدف تحسين نمط تفكيرهم، وترك من فشل منهم في امتحان الكفاءة في تلك الحظيرة ليجتر خيبته، و ينتهي به الحال موثوقاً في جذغ شجرة أو في "زريبة" ليكونوا عبرة لأترابهم اللذين لم يحضروا هذه التظاهرة.
لقد بدأنا نسمع عن اجتماعات هنا و هناك في أحياء وريف مدينة تمبدغه، وتنسيقات لجماعات السياسة تعلن في ظاهرها أنها تهدف لإخراج زيارة الرئيس بالوجه اللائق، في حين أنهم لو تركوا للبيطريين وخبراء التنمية الحيوانية دورهم لما علت جعجتهم بلا فائدة.
ولنا في تلك الحيوانات فوائد من صوفها ولحومها ولبنها وظهرها، أما هؤلاء فلا ضرع يحلب ولا ظهر يركب، و من الصعب فطامهم عن ضرع الخزينة العمومية.
إنها سلالات غير هجينة من تماسيح السياسة -التي تقيم في العاصمة طوال السنة- تتوافد منذ أيام على مقاطعة تمبدغه لحجب الأضواء عن الماشية التي سيتم عرضها في مهرجان حول واقع الثروة الحيوانية بالبلاد.
فبعد أن عض هؤلاء على جثث المواطنين وهم يذرفون الدموع تحت البحيرة، يحاولون في هذه التظاهرة النيل من ماشيتهم وتحويل الانظار عن الهدف المعلن للتظاهرة، سعيا لمكاسب سياسية وترقيات وظيفية تنالها جماعات الضغط السياسي.
لا نريد من السياسيين تقديس الأبقار، بقدر من نريد منهم تركها وشأنها حتى تنال نصيبها المفروض من الأضواء والتغطية الإعلامية.
وأن لا يتزاحموا كعادتهم في زيارات رئيس البلاد -الغير سياسية بالدرجة الأولي- ويتم كتم خوار البقر وثغاء الضأن وهمهمة الجمال.
وتبقى هذه الحيوانات الأليفة تجأر بالشكوى من تحويل الحدث من معرض الثروة الحيوانية لمعرض تلميع الوجهاء والاطر بدل تحسين سلالات الماشية..
ما هو مؤكد -حتى الآن- أن لا صوت سيعلو فوق صخب السياسة والسياسيين ولن يسمع الحنين أو الرغاء أو الهميس أو الإرزام أو الضج أو الأطيط أو الإهجال، ومن المستعبد أن يسمع زغروت فحول الإبل، لأن فحول السياسة سيمنعون عن القطيع أن يفرح بمعرضه في تمبدغه، فيا أيها السياسيون إن البقر تشابه علينا معكم.