وفق آخر مؤشرات السكان الصادرة عن الأمم المتحدة، فإن سكان بلدنا يبلغ عددهم حدود 4.7 مليون نسمة، في حين أن سكان السنغال 17 مليونا، مالي حوالي 21 مليونا، الجزائر 44 مليونا، المغرب 37 مليونا.
يعني ذلك ان سكان السنغال مقارنة معنا ثلاثة أضعاف و نصف، و سكان مالي أزيد من أربعة أضعاف، أما بخصوص المغرب و الجزائر فنسبة سكان هاتين الدولتين مقارنة مع عدد سكاننا ستكون على التوالي حوالي ثمانية و تسعة أضعاف.
قد يقول قائل إن أسباب هذا التفاوت الكبير في عدد سكاننا مقارنة مع سكان جيراننا يعود إلى قساوة الظروف المناخية و ندرة المياه و الصراعات في بلد لم يتوفر في الماضي على نظام مركزي، إلخ.
رغم ذلك، أرى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار للعوامل التاريخية التالية التي قد تكون السبب الرئيسي في ضعف الكثافة السكانية في بلدنا:
1 / توسع المرابطين (حوالي 430 هجرية 1040 م / 540 هجرية - 1147 م) شمالا نحو المغرب الأقصى و شبه الجزيرة الايبيرية (اسبانيا، البرتغال) و ما نجم عن ذلك من نزوح جزئي لقبائل صنهاجة، و بالأخص لمتونة و مسوفة و إلى حد ما جدالة، و هي قبائل ظل مقاتلوها يشكلون العمود الفقري للجيش المرابطي، و ذلك حتى سقوط هذه الدولة على يد الموحدين حوالي 540 هجرية / 1147 م ؛
2/ ما قام به البرتغاليون من قتل و سبي لسكان سواحلنا منذ 1441، تاريخ وصولهم إلى الرأس الأبيض (نواذيبو)، و حتى جلائهم النهائي سنة 1634، حيث قتلوا و سبوا خلال الفترة المذكورة
الآلاف من سكان المنطقة الممتدة من رأس نواذيبو و حتي مصب نهر السنغال وفق ما وثقه البرتغاليون أنفسهم ؛
3/ الحروب التي شنتها القوى الاستعمارية الأوروبية الاخرى على الفضاء الجغرافي الذي يحمل اليوم اسم موريتانيا، و بالأخص تلك التي خاضتها فرنسا بشكل مباشر على الحيز المذكور منذ القرن التاسع عشر أو تلك التي تسببت فيها تمهيدا لاحتلاله عن طريق ترويج تجارة السلاح و الإيقاع بين مختلف المجموعات المتصارعة، إضافة إلى الحرب التي خاضتها
على مدى العقود الثلاثة التي تلت احتلالها الفعلي و الذي بدأ مطلع سنة 1903
بهدف إحكام سيطرتها على البلد و لإخماد مقاومة السكان و رفضهم لهذا الاحتلال.