السلفية وخصومها :اتفاق في الحكم الشرعي واختلاف في الموقف السياسي / محمد المهدي ولد محمد البشير

ظهر في الأسبوع الماضي خلاف فقهي كبير بين فقهاء السلفية في موريتانيا وبين بعض فقهاء المحظرة المتسيسين في تحديد الموقف الشرعي مما يحدث في جمهورية مالي الشقيقة، وهو ما يطرح ضرورة البحث عما إذا كان الخلاف بين هؤلاء الفقهاء الذين يتكئون في فتاويهم على نصوص الشرع،

 وأقوال علماء السلف، خلافا في المنهج العلمي وطريقة التفكير وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى اختلاف علمي في الحكم الشرعي، أم هو مجرد خلاف في الموقف السياسي أو في تكييف النازلة الفقهية: استعانة دولة مسلمة ضعيفة على جماعة من المسلمين بدولة غير مسلمة أقوى من جميع الدول المسلمة عسكريا، مع الاتفاق في المنهج والحكم ..

الحقيقة أن فقهاء السلفية في موريتانيا لا يختلفون عن فقهاء المحضرة وفقهاء المذاهب أساسا إلا في المرجعية العقدية ( العقيدة الأشعرية) والموقف من التصوف، وبعض الفروع الفقهية في أبواب العبادات والشؤون الأسرية،ويتفقون معهم في جميع الأمور المتعلقة بالعلاقات الدولية و الأحكام الجنائية، فهم متفقون في منهج التعامل مع النصوص، وفي طريقة التفكير ذاتها وإن كان فقهاء السلفية يسعون لتحويل فكرهم الديني إلى واقع سياسي واجتماعي بخلاف خصومهم من الفقهاء.

وإليكم تفصيل بعض الأمور التي يتفقون فيهافي العلاقات الدولية والأحكام الجنائية حتى تتضح لكم الصورة:

  أن العقيدة هي أساس العلاقة بين المسلمين، ولا عبرة برابطة المواطنة التي تساوي بين المسلم وبين غيره من المواطنين غير المسلمين في الحقوق والواجبات.

  أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وبين غيرهم الحرب والعداوة وليس السلم والصداقة

  أنه لا يجوز للدولة المسلمة عقد معاهدة سلام دائمة مع دولةغير المسلمة

  تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار كفر. واعتبار فرنسا وجميع دول الغربدار كفر

  أندماء الكفار إذا لم يكونوا ذميين غير معصومة.

  أنغير المسلم إما أن يدخل في الإسلام أو يدفع الجزية أو يقاتل.

  أنه يجب على المسلمين أن يجاهدوا الدول غير المسلمة لنشر الإسلام، أي أن الجهاد شرع للتوسع :الفتح، ولم يشرع لمجرد رد العدوان والدفاع عن النفس.

  تعين جهاد الدفع على المدنيين المسلمين إذا هاجم أرضهم كافر ولا يحصرون الوجوب في الجيش النظامي فقط.

   أن آية السيف نسخت كل الآيات القرآنية التي تدعو إلى التعايش السلمي بين المسلمين وبين غيرهم من أتباع الأديان الأخرى الذين لا يخضعون لسلطة الدولة المسلم

  وجوب تطبيق حد السرقة وحد الجلد وحد الرجم وقتل المرتد ويختلفون في حكم من امتنع عن تطبيها من الحكام بين من يكفره ومن يعتبره فاسقا تجب مقاتلته حتى يطبق هذه الحدود

  تسمية المواطنين غير المسلمين في الدول الإسلامية بأهل الذمة ووجوب فرض الجزية عليهم.

بينما لو نظرنا إلى موقف الفقهاء المجددين والمفكرين الإسلاميين لوجدنا أنهم يختلفون مع فقهاء السلفية وفقهاءالمذاهب في المنهج وفي طريقة التفكير، ولذلك فإنهم يختلفون معهم في الحكم الشرعي في جميع المسائل المذكورة آنفا.

من هنا فإنه يتعين على فقهاء السلفية وخصومهم من فقهاء المذاهب من مراجعة دقيقة لحكم دماء غير المسلمين؛ لأن وجود أقوال فقهية تبيح دماء غير المسلمين وأموالهم بإطلاق، لن يخدم التعايش بين الشعوب على أساس نشر السلام في العالم . ولا أدل على ذلك من إباحة الشوكاني للمسلم أن يخدع من أمنوه من غير المسلمين، حيث يقول :"

لا ملازمة بين الأمانين لا شرعا ولا عقلا ولا عادة فيجوز للمسلم الداخل دار الحرب بأمان أهلها أن يأخذ ما قدر عليه من أموالهم ويسفك ما تمكن منه من دمائهم".

[email protected]

22. يناير 2013 - 15:48

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا