تعني موريتانيا منذ أزيد من ألفي سنة بلاد الماهوريم / Mauri Mahourim و ذلك باللغة الفينيقية (الكنعانية) و هي لغة سامية كانت مستخدمة في الإمبراطورية الفينيقية الغربية التي عاصمتها قرطاج (تونس حاليا).
حكم الفينيقيون القادمون من الساحل السوري اللبناني شمال إفريقيا و أجزاء واسعة من جنوب غرب أوروبا و العديد من جزر الأبيض المتوسط على مدى أزيد من ستة قرون (حوالي القرن الثامن ق.م. و حتى سنة 146 ق.م.، تاريخ سقوط قرطاج على يد الرومان).
ماهوريم" Mahourim" التي اشتق منها اسم Maurus باليونانية و Mauri باللاتينية و Maures بالفرنسية و العديد من اللغات الاوروبية، تعني بالكنعانية "رجال الغرب" أو الغربيون "les occidentaux"، و عليه تكون موريتانيا Mauretania تعني " بلد رجال الغرب"، و هو المرادف تقريبا للتسمية العربية الإسلامية لسكان شمال غرب إفريقيا: "المغرب" Maghreb ، أو "المغرب العربي" في الوقت الراهن، فقد عرفوا ب "أهل المغرب"؛ و هذا ليس مستغربا لأن "ماهوريم" كلمة كنعانية و هي لغة سامية كما سبق، تماما كما هو الحال بالنسبة للعربية.
من هذه التسمية إذا جاء اسم Mauretania التي كانت تطلق في الفترة الفينيقية على شمال المغرب الحالي و أجزاء من غرب و وسط الجزائر.
بعد سقوط قرطاج على يد الرومان سنة 146 ق.م. تولى حكم الإقليم المذكور أمراء محليون يحظون باستقلال ذاتي في ظل سلطة روما، ثم قُسِّم إقليم موريتانيا اعتبارا من سنة 40 م إلى "موريتانيا الطنجية" : Maurétanie tingitane
)شمال المغرب حاليا) و عاصمتها مدينة طنجة، و موريتانيا القيصرية Maurétanie césarienne أو موريتانيا القيصرية (الجزائر ) و عاصمتها مدينة شرشل Césarée ، حيث أصبح الاقليمان خاضعين للحكم الروماني المباشر و ذلك إثر ثورات عديدة قام بها السكان الأصليون ضد السيطرة الرومانية.
أما تسمية موريتانيا الحديثة فظهرت أول مرة و بشكل رسمي في تقرير الإداري الفرنسي كزافييه كوبولاني Coppolani Xavier إلى وزير المستعمرات الفرنسي سنة 1899 بعد مهمته لدى البيظان المجاورين للسودان الفرنسي (مالي حاليا) و التي كلفه بها حاكم هذا الإقليم حينها، الجنرال أدغار دي ترانتنيان Edgard de Trentinian
كانت تسمية كوبولاني للمنطقة التي أراد إخضاعها لفرنسا في البداية هي
"Mauritanie Occidentale" أو "موريتانيا الغربية"، و قد رسم خريطة لهذا الإقليم ضمنها في تقريره المذكور و شملت، علاوة على موريتانيا الحالية، الصحراء الغربية و أجزاء من إقليم أزواد و بعض المناطق الصحراوية من جنوب الجزائر، أي اغلب مناطق الفضاء الناطق بالحسانية.
بعد تعديلات على هذه الخريطة من طرف وزارة المستعمرات، تمثلت في الاقتصار على الحدود الدولية الحالية لموريتانيا، وافقت الحكومة الفرنسية على مقترح كوبولاني، مهندس استعمار بلدنا، و ذلك بعد توقيعها معاهدة مع الاسبان في 27 يونيو سنة 1900 رسمت بموجبها الحدود بين مناطق النفوذ للبلدين في جنوب غرب الصحراء الكبرى، ليبدأ بعيد ذلك الاحتلال و المقاومة و النضال السياسي و حتى استقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
من خلال هذه اللمحة، يتضح ما يلي:
- أن الأصل اللغوي لتسمية موريتانيا وفق المراجع العلمية التي يركن إليها كنعاني و ليس رومانيا و لا اغريقيا، كما قد يتصور البعض؛
- أن تسمية موريتانيا ضاربة في أعماق تاريخ شمال إفريقيا؛
- أن كوبولاني في تقريره المذكور كان يريد التأسيس لمستعمرة Mauritanie Occidentale لتكون إطارا سياسيا جامعا للناطقين بالحسانية بشكل رئيسي، و الذين كان الفرنسيون يطلقون عليهم تسمية "Maures" و على أرضهم "Pays maure" أو "اتراب البيظان".
فعلى الأرجح استنتج كزافييه كوبولاني تشابها بين تسمية "Pays maure" و "Mauritanie" مما أدى به إلى تبني التسمية الأخيرة.