على الشارع المعبد غير بعيد من حيث أسكن مخزن كبير عليه لافتة ضخمة مكتوب عليها *عملية رمضان*
جئت المخزن لأطلع على ماهية هذه العملية المنسوبة لشهر رمضان المبارك...
ورقة ملصقة على جدار المخزن أجابتني إجابة شافية ؛
إنه مخزن تتوفر فيه المواد الغذائية الأساسية للمستهلك في هذا الشهر المبارك و بأسعار مخفضة بنسبة 50%
أستبشرت خيرا ؛ فهي لفتة كريمة للمستهلك الفقير الذي يمثل أغلبية الشعب.
يتجمع أمام المخزن نساء و رجال بعضهم في صفوف و الآخر خارجها ينتظر...
سألت أحدهم أين الأخير في هذا الصف؛ فأجابني ...ليس هناك صف.
قلت كيف!
قال : إنها *خمسون رقم* يبدأ السباق عليها ليلا لينتهي فجرا ؛ حيث يأتي أحد المشرفين على المخزن ليبدأ في إعتماد الخمسين المستحقة !!
على هامش جوابه لي أصوات نقاش حاد بين الحضور ؛ أحدهم أكد ان المستفيدين من العملية هم في أغلبهم نفس الأشخاص ؛ فهم مجرد تجار يبيعون ما يشترون...
و آخر يُحمِّل القائمين على المخزن المسؤولية قائلا
لماذا يتركوهم يستفيدون و هم نفس الأشخاص بالأمس القريب؟
كان شرح آلية العملية من طرف المواطن و النقاش الهامشي ؛ كفيلان أن ينسفا ما املته علي تلك الورقة الكبيرة المعلقة على الجدار ...
فما هو مكتوب يختلف عن ما هو مفعول...
إنها مستبقة رمضانية تحتاج إلى قيام الليل و جزء من النهار؛
أصحاب الحظوظ فيها هم أصحاب الدكاكين الذي لا يدخرون جهدا ليكونوا في العشرة الأولى...
أما المستهلك الفقير فمؤشرات فوزه في مسابقة رمضان هذه تكاد تنعدم.
إن عقلية التجارة في المجتمع ؛ التي جعلت من يخطط لبناء منزل يجعل في مخططه "حانوتا" أيا كان موقعه؛
كفيلة بأن تترك المستهلك الفقير على هامش عملية كان من المفترض أن تكون عونا له في شهر التسامح و البر و التقوى.
و ركام ثقافة الفساد المتجذر في ذهنية الكثيرين ؛ خلف فسادا قاعديا ؛ جعل كل خطة إصلاح تستهدف المواطن البسيط ؛ تلبس لبوس الفساد قبل أن تصل إليه
لذا أرى انه من الجدير بالسلطات المعنية التي أجتهدت مأجورة في إخراج تلك الورقة الجميلة المفيدة ؛ أن تتبع مفعولها و تراقب جدوائيتها حتى يكون ما يكتب فيها واقعا معاشا .
و لاشك أن تلك المراقبة و المتابعة و الاخلاص فيها ؛ هي جوهر أي إصلاح يراد له ان يلامس واقع المجتمع .