تتطور الجريمة في عواصم المدن الموريتانية بشكل ملحوظ منذ العقد الماضي بل صارت عصابات السطو والحرابة توفر فرصا مدرة للدخل لأصحاب الميول الإجرامي في ظل تزايد معدلات البطالة في صفوف الشباب وانعدام التأهيل داخل السجون لأصحاب السوابق... إضافة إلى الاستفاد السلبية لهذه العصابات من وسائل الاتصال الحديثة في التنسيق وتحديد الضحايا والأهداف واستخدام وسائل وطرق بديلة عن الجريمة التقليدية مثل استخدام القصر كواجهة وتوسيع دائرة النشاط من النشل والسطو إلى ميادين أخرى كالاتجار بالخمور والمخدرات والاغتصاب والدعارة وصولا إلى الحرابة وعمليات القتل السادية المروعة.
وغالبا ما تظهر الطعنات التي يتعرض لها الضحايا مؤخرا اكتساب أفراد هذه العصابات خبرات قتالية متقدمة تمكنهم دائما من استهداف أجزاء حساسة من الجسم تودي فورا بحياة الضحية كما حدث مؤخرا في مذبحة نواذيبو.
تشعب الشبكات الإجرامية
حيث تزيد قوة وسرية التنسيق في عمل هذه العصابات من التحدي والصعوبة في اكتشافها ورصدها أمنيا في الوقت المطلوب، بل وحتى إن اكتشفت بعد الجريمة فبخيط قصير ينتهي غالبا بالقبض على مراهقين وقصر لاتعرف حقيقة من يقف خلفهم، في حين أن الشبكة الإجرامية أكثر عمقا وانتشارا فأحيانا تدار من السجون والأسواق والأحياء الراقية ومن الخارج حتى أحيانا؛ ويتضح ذاك من طبيعة التحويلات المالية لهذه العصابات. فمنذ أشهر مثلا نفذت إحدى العصابات عملية سطو في العاصمة وبعد أن تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على العصابة وتفيكيكها وجدوا أنها لم تأخذ من مجموع المبالغ المسروقة إلا حدود 5 في المائة في حين تم تحويل المبالغ الأخرى إلى سجناء وقادة عصابات في الداخل والخارج.
إحصائيات مخيفة
في العام الماضي 2020 تم تسجيل عشرات العمليات الإجرامية مابين طعن و قتل بدم بارد، كما تم سجلت منظمة واحدة من المنظمات الناشطة في مكافحة الاغتصاب 279 حالة اغتصاب معظمها في نواكشوط ونواذيبو.. وهذه كلها إحصائيات جزئية لا تعبر عن الأرقام الحقيقية ناهيك عن عمليات السطو المسلح والتهديد بالقتل التي صارت مشهدا حاضرا ومتكررا في يوميات المواطنين.
غياب الرادع مساهمة في التفاقم
إذ أن أقصى العقوبات الشائعة في حق الجناة هي السجن طويل الأمد أو السجن المؤبد وهي عقوبة دون مستوى الجريمة غالبا ولا تعدو كونها توفيرخطير لبيئة إجرامية جديدة تمكن المتهم من تطوير خبراته الوحشية في انتظار استفادته من عفو بطريقة أو بأخرى.. مما يحتم الإحساس بالمسؤولية لدى الرأي العام الوطني والمطالبة الجماعية بتفعيل القصاص بعقوبة الإعدام في حق القتلة، قال تعالى {وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حيَاة}؛ إذ القصاص من الجاني مساهمة في حياة الآخرين وإلا فلا قيمة للنصوص ولا القوانين!