نعم لقد نجح التقويم في إزالة اللبس عن كثير من الأشياء التي كان غبار معركة الرفض ليحجبها عن أبصار المدلس عليهم أما وأن لهم بصيرة فإننا سنجليها لهم دون رتوش فما عشنا على وقعه لشهور من الحماس النقابي المفتعل ليس سوى معركة جندت لها جهة معلومة رجال سياستها من نقابيين انغمسوا للأسف الشديد في وحل السياسة بصفاتهم وهيئاتهم وانحازوا لمعسكر خسر الانتخابات الرئاسية بشفافية فأراد عرابوه بعقلية انتقامية محضة أن يقفوا عقبة كأداء أمام العهد الجديد واختاروا التعليم ميدان معركتهم ومضى جمعهم متصاممين وكأنهم ليسوا معنيين بنهج الإصلاح عسى أن يبلغوا مبتغاهم في عرقلته أو التشويش عليه لكن هيهات لقد تم وضع قطار الإصلاح على سكته منذ الوهلة الأولى وانطلقت ورشاته وتعددت وتخصصت ليس ذلك فحسب بل كانت النية الصادقة والصدر الرحب للشركة والانفتاح والتشاور الدائم السمات البارزة التي دشن بها معالي وزير التهذيب الوطني والإصلاح عهده على رأس الوزارة.
ورغم ما تحقق في فترة وجيزة من وضع أسس الإصلاح القويم للمنظومة التربوية والغلاف المالي المعتبر الذي تم تخصيصه لزيادة فصل كامل لعلاوة الطبشور يستفيد منها جميع المعلمين والأساتذة الميدانيين كذلك يستفيد منها جميع مديري المدارس الابتدائية مكتملة وغير مكتملة وذلك أسوة بنظرائهم في التعليم الثانوي ولأربع فصول تغطي أشهر العام كل ذلك تم تجاهله بل ومحاولة طمسه كأنه لم يكن غير أنه كان فعلا لفتة كريمة من رئيس الجمهورية اتجاه المعلمين وخطوة بداية هامة ومعتبرة في الالتزام بتعهده بتحسين الظروف المادية والمعنوية للمعلمين كما شهدنا بتوازي مع تلك الخطوة خطوات جوهرية تنفيذا لمكونة تثمين مهنة المدرس هي محل تثمين وإشادة.
نعم لقد نجح التقويم في البرهنة على أن وزارة التهذيب الوطني ومن وراءها الحكومة التي تسعى بإخلاص لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية لن تناقض عهدها بتثمين مهنة المدرس بدراسة وإعداد وحشد التمويل لتقويم يمس كرامة المعلم حجر الزاوية في العملية التربوية الذي تراهن على وطنيته وتضحيته لتجسيد إرادة رئيس الجمهورية المتمثلة في إقامة نظام تعليمي عالي الجودة يصون كرامة المدرس التي هي في حسن أداءه لواجبه الذي لا يتأتى من دون تحسين خبراته وخلق جو تنافس شريف وشفاف مفضي إلى الترقية على معيار الكفاءة فحسب وهي أمور من بين أخرى سيكون هذا التقويم بإذن الله مدخلا سليما إليها.
نعم لقد نجح التقويم كون جميع من شارك فيه كانوا كما كل المعلمين واثقين من قدراتهم لكنهم بالفعل تميزوا عنهم كونهم لمسوا بصدق وبمقياس التجربة حاجتهم الدائمة للتدريب والتكوين فليس من المنطقي أن يعتمد المعلم ومن وراءه أجيال ومجتمع على مهارات تقادمت ومعارف تلاشت بفعل عوادي الزمن وليس من المنصف في حقه أن يطلب منه أداء هذه المهمة النبيلة الشاقة دون سند تكويني لا غنى له عنه وهذا ما جعل من مطلب وضع آلية علمية موضوعية للتكوين المستمر مطلب موحد يتصدر جميع العرائض المطلبية للطيف النقابي..
نعم لقد نجح التقويم, كون المتخلفين عنه فهموا بعد حين أنهم لم يتحيزوا للإرادة والعزيمة القوية على الإصلاح التي برهن ويبرهن عليها معالي وزير التهذيب الوطني والتكوين التقني والإصلاح السيد ماء العينين ولد أييه.
نعم لقد نجح التقويم في تجاوز العراقيل والتشويه وأبان عن وجهه الناصع الشريف فشرف مهنة التدريس هو في زيادة الرصيد المعرفي والعلمي للمدرس وليس في التستر وراء حجج غير تربوية ومتهافتة.
إن الأسرة التربوية الموريتانية مطالبة اليوم برص الصفوف ونبذ أي دعوة نكوص والمشاركة الواعية الفعالة بروح الإقدام والوطنية الصادقة في ما هو قادم من مشاريع الإصلاح التربوي التي تنفع الناس وتمكث في الأرض.
أيها السادة النقابيون إن الأخطاء التقديرية قد تتجاوز إذا كانت متعلقة بقضية روتينية عادية لكنها تكون جسيمة وعظيمة الضرر إن تعلقت بها مصالح الآخرين ومستقبلهم المهني والوظيفي وعلى الخصوص إن هي ارتبطت بمواكبة الإستراتيجيات العامة للمشغل وما دام قد وقع ما كان حري تجنبه فإن على وزارة التهذيب الوطني مسؤولية إبقاء باب التشاور البناء مفتوحا والتشبث بتبنيها لمبدأ الشراكة الجادة ليتسنى لشركائها تصحيح الأخطاء التي ارتكبوها في حق من حملوهم أمانة وثقة.
وكلنا أمل في أن يجد من فاتتهم فرصة المشاركة في التقويم لسبب أو لأخر فرصة كريمة أخرى وحبذا لو أن القيادة النقابية راجعت موقفها وانحازت لنهج الإصلاح وتقرر مع الوزارة تحويل أيام الإضراب المزمع إلى موعد تقويم يلحق المتخلفين بالسابقين إلى التقويم.
إن إصلاح التعليم في أيدي أمينة مشاء الله والحمد لله لكن متى ستجد دعوة الإصلاح النقابي من يفك أسرها ويصدح بها.
الحقُّ أبلجُ والباطل لجلجٌ