من المستفيد من دفع زكاة الفطر نقدا ؟ / محمد الامين ولد آقه

  لا حظت في هذا العام  ان هناك حملة منظمة للدعوة الى دفع الزكاة نقدا !

 وانضم الى هذه الحملة من ليسوا من أصحاب الاختصاصات الفقهية ! 

وتحدث القوم عن فتوى للامام بداه رحمة الله لم يتحدثوا عنها طيلة الاعوام الماضية !

وكأن هناك  "صحوة فقهية" جعلت القوم يستنفرون جهودهم في الدعوة الى هذا المذهب "الجديد" .."القديم"..!! 

من المستفيد من هذا القول الذي يروج له الآن ؟!

انبه فقط الى ان بعض "الجمعيات النفعية" التي تعيش على جمع الصدقات لن تستفيد من زكاة الفطر الا اذا كانت نقدا ؛ اما الانشغال بجمعها من الطعام فقد يكلفها الكثير !!

ومع كل ما بذله اصحاب الحملة من جهد فقد غاب الدليل والتاصيل في كلامهم !

وكان جل اعتمادهم على ثلاثة امور : 

١- تقليد من قالوا بجواز دفع زكاة الفطر نقدا ؛ والاعتماد على مكانتهم لا على ادلتهم !!

٢- الاعتماد على المصلحة والمقاصد مع اغفال العلة المنصوص عليها في زكاة الفطر !! 

٣- الاعتماد على بعض الاقوال المنقولة عن بعض التابعين وبعض السلف ..

واقوال السلف ليست دليلا مستقلا يجب اتباعه..

 بل انها اذا عارضت الدليل الغيت ..

ولو انا الغينا الدليل كلما وجدنا قولا مخالفا له من بعض السلف لانخرم بذلك البنيان الفقهي !

ويظهر الرد على من قال بمشروعية دفع زكاة الفطر نقدا  من عشرة اوجه : 

الوجه الاول : 

 الكيفية التي كانت تؤدى بها زكاة الفطر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم دالة على أنها لا تؤدى قيمة ..

فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة انهم دفعوا زكاة الفطر قيمة .

ومن اهم أركان العبادة تمام المتابعة.

الوجه الثاني : 

 النقود ليست حادثة بل كانت موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكان الناس يتداولونها فيما بينهم وكان دفع القيمة في زمنهم ايضا انفع للفقير وايسر للمزكي ؛ فما الذي جد اليوم حتى نقول بان النقود اولى من الاصناف المنصوص عليها ؟

 الوجه الثالث: 

العدول عن تحديد زكاة الفطر بالنقود دليل على انها لا تؤدى نقدا .

فلماذا عدل النبي صلى الله عليه وسلم عن تحديد قيمة زكاة الفطر بالنقود مع ان ذلك اضبط لها ؟ 

الوجه الرابع: 

 الاحاديث النبوية نصت على نوع محدد من الاجناس ؛ ومن أخرج القيمة عدل عن المنصوص الى غير المنصوص.

فيصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: 

"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" .

الوجه الخامس: 

 النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من أجناس مختلفة القيمة مع اتفاقها في المقدار ولو كانت القيمة معتبرة لاختلف المقدار باختلاف الجنس .

الوجه السادس: 

العلة التي شرعت من اجلها زكاة الفطر دالة على انها لا تؤدى قيمة ..

لانها اطعام للفقير الذي لا يجد قوت يومه 

عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:

"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين" رواه ابو داود وابن مجه.

فهذه الصدقة انما شرعت لاطعام المساكين ؛ فتعين ان تكون طعاما لا نقودا.

الوجه السابع: 

 لا ينبغي الزيادة على النص بحجة المصلحة..

فمن مصلحة الفقراء ان يكون القدر الواجب في نصاب النقدين خمس العشر ولكن لا يجوز القول بذلك لانه زيادة على النص بل تبديل له .

الوجه الثامن: 

من قام بشراء ملابس العيد للفقير بنية ان تكون زكاة الفطر لم تجزه اتفاقا فلماذا تجزيء القيمة ؟ 

وماذا سيقول المقاصديون ؟

الوجه التاسع : 

 القائلون بدفع القيمة بحثا عن المصلحة يغفلون عن مسالة مهمة ؛ وهي ان دفع الزكاة من الاصناف المذكورة فيه دعم للمزارعين وفيه تحريك للسوق ؛ فيستفيد من زكاة الفطر الفقير الذي تعطى له ؛ والتاجر الذي يبيع الحبوب ؛ والمزارع الذي ينتجها ؛ والحمال الذي يحملها ..

وتحدث بذالك حركة في السوق يستفيد منها الناس .

الوجه العاشر : 

  زكاة الفطر جزء من شعيرة العيد 

والشعائر من شأنها الاظهار ؛ ولا يمكن اظهار زكاة الفطر الا ذا كانت طعاما فاشتغال الناس بكيلها وحملها وتوصيلها كل ذلك يشكل مظهرا من مظاهر شعيرة العيد .

واما حين تؤدي قيمة فلن يكون هذا الاداء ظاهرا .

****

ولهذا ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة الى منع أدائها قيمة .

وما ورد عن بعض التابعين وبعض السلف من جواز دفعها قيمة فهو محمول على الحاجة والضرورة ..

ومن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن عون قال: سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ إلى عدي بالبصرة: «يؤخذ من أهل الديوان من أعطياتهم عن كل إنسان نصف درهم».

فهذا دال على ان عمر ابن عبد العزيز راى انه من العسير على عماله ان ياخذوا الصدقة من أهل الديوان كل على حدة ؛ فامرهم ان ينقصوا قيمتها من الاعطيات .

ومثل هذا لو ان الدولة اليوم ارادت ان تجمع زكاة الفطر من الموظفين لكان من العسير عليها جمع كل هذه الزكوات وتخزينها وتوزيعها ، وايسر من هذا كله ان تخصم قيمة زكاة الفطر من راتب كل موظف.

فالمذهب العدل ان زكاة الفطر لا تؤدى قيمة الا اذا دعت الضرورة الى ذلك ..

وهذا هو مذهب اسحاق ابن راهويه وابي ثور ؛ ورجح هذا القول شيخ الاسلام بن تيمية .

 

 

11. مايو 2021 - 21:13

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا