من الإيجابيات التي تذكر فتشكر لنظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني التقدم الكبير الحاصل مؤخرا في رفع معدلات التغطية الصحية للمواطنين وآخر ذلك التزام الحكومة أمس بمبلغ 2.1مليار أوقية قديمة سنويا لتأمين أزيد من 620 ألف شخص منحدرين من 100ألف أسرة من الأسر الأكثر فقرا في البلاد، حيث ظلت مسألة التأمين الصحي المجاني للفقراء والمرضى العجزة إشكالية كبيرة أخفقت الدولة في تحقيقها منذ التأسيس، فظل الفقير الموريتاني يتدحرج بين سندان الفقر ومطرقة المرض.
ومن الباعث على التفاؤل إعفاء هذا الكم الكبير من فقراء البلاد من الأعباء المالية للخدمات العلاجية المكلفة في أغلبها، كما يقدم علاوة على ذلك خطوة تشجيعية مبشرة في إذابة الفوارق الاجتماعية وتسهيل ولوج المواطنين الأكثر فقرا للخدمات العامة، إلا أن العوائق الميدانية أمام تقريب هذه الخدمة الصحية من المواطنين لا تزال قائمة وتشكل حاجزا كبيرا أمام الإستفادة من أي خطوات إيجابية في المجال؛ حيث تشير منظمة الصحة العالمية في إحصائياتها إلى تدني أداء النظام الصحي العمومي في البلاد وتؤكد ارتفاع حالات الوفيات العائدة إلى ضعف الرعاية الصحية ونفاد مخزون الأدوية بشكل منتظم وغياب الإرشادات الطبية والسريرية اللازمة.
بل لا تزال موريتانيا مصنفة كواحدة من الدول الأقل إنفاقا على الصحة حول العالم إذا لم يتجاوز الإنفاق الحكومي على الصحة في السنوات الأخيرة حاجز الـ 4 في المائة وهو مالا يمثل إلا نسبة 30% من مجموع الإنفاق الصحي وبالتالي فحدود 70% من إجمالي الإنفاق الصحي في البلاد من المال الخاص، ما يعني استسلام الفقراء والمعدمين للأمراض والعوارض الصحية المميتة.
كما تعاني غالبية المستشفيات والنقاط الصحية في البلاد من ضغط كبير يعيق عملها بشكل مستمر، والخريطة الصحية المتوفرة لا تغطي إلا جزءً يسيرا من الخدمة الإستشفائية مع صعوبة مقابلة الأطباء وندرة الأطباء المختصين إضافة إلى النقص الحاد في الأدوية وأجهزة الفحص والمستلزمات الطبية وانعدام احترام أوقات العمل والدوام في بعض المرافق الصحية، كما تعد تغطية الصندوق الوطني للضمان الصحي C.N.A.M أيضا هي الأخرى تغطية جزئية وتصعب الاستفادة من خدماتها بالشكل المطلوب الذي تستدعيه الحالات المرَضية.
ومع هذه العوائق يعد تحقيق التأمين الصحي لهذا العدد الكبير من الأسر والأفراد إنجازا موفقا وعظيما وحلما ظل يراود كل فقير وقع فريسة في مخالب التهميش والغبن واعتلال الصحة والمرض إلا أن هذا التأمين تحتاج مزيدا من العمل والمتابعة علّه يؤتي أكله أو يكون خطوة في اتجاه تأمين صحي شامل في البلاد.