عاصمة السلطة خارج قبضة السلطة !! / محمد الامين ولد آقه

بعض مقاطعات العاصمة "انواكشوط" اذا مررت بها ليلا بالسيارة ، وتعطلت سيارتك فأنت غنيمة باردة !!

واما حين تمر  بها ليلا مشيا على الاقدام فانت شخص انتحاري !

وبعض المقاطعات اذا غربت عليك الشمس وانت فيها ..لا تنس تحضير هدية لزعيم العصابة !

مشاهد لا تذكرك الا بمدن مثل تيخوانا المكسيكية ؛ وكيب تاون في جنوب افريقيا ..

في العاصمة الآن هجرة جماعية باتجاه الشمال..ربما يكون سببها راجعا الى العامل الامني بالدرجة الاولى..

حين يكون الشعب مسالما بطبيعته ؛ ومع ذلك تنجح ثلة من "جينكات" في زعزعة الأمن ؛ فاللوم في ذلك راجع الى السلطات الأمنية بالدرجة الاولى..

قد يكون مفهوما ان تضعف قبضة السلطة في الأماكن النائية وفي أطراف البلاد ؛ نظرا لبعد تلك الأماكن عن مركز السلطة "العاصمة"..

اما ان تكون قبضة السلطة ضعيفة في مركز السلطة نفسه (العاصمة) فلا يعني ذلك الا ان السلطة ضعيفة !!

ان العاصمة هي مركز السلطة ومكمن نفوذها فكيف يقبل ان تكون يد العصابات نافذة فيها ؟

ما معنى ان تسيطر العصابات الاجرامية على أحياء تبعد بضع كيلو مترات عن القصر   الرئاسي ؟

أي هيبة تبقى للدولة بعد هذا ؟ 

 وأي أمن ينشده المواطن اذا لم يجده وهو في حمى مركز السلطة ؟ 

ما معنى ان تسيطر عصابات الاجرام على احياء من عاصمة تتواجد فيها الدولة بسلطتها وجيشها وسلاحها ورجال أمنها ؟ 

أتعجز الدولة عن حماية الشعب من اللصوص وتكون قادرة على حمايته من الجيوش الغازية ؟ 

حين تشعر الحكومة بأبسط تحرك أمني يستهدفها ، تقوم باستنفار جميع الجهود لوأده ومحاصرته ..

وحين يمسي المواطنون في رعب دائم من سطوة الجماعات الاجرامية ؛ لا يحدث أي تغيير في جدول السلطات الامنية ..!!

لماذا هذا التفريق بين أمن الدولة وأمن المواطن ؟ 

الا تعلم الحكومة ان نار الإجرام قد يتسع نطاقها ويتطاير  شررها الى ان يصلها ؟ 

الا تعلم الحكومة أن هذه الجيوب الاجرامية قد يتطور أمرها وتتحول الى مافيا  كبيرة ؛ تهدد امن الدولة او حتى تسيطر عليها كما هو الحال في بعض الدول ؟

اليس من المحتمل ان بعض الصحاب  النوايا السيئة في الداخل والخارج قد يسعى الى استغلال هذه الخلايا الاجرامية فيقوم بتجميعها ؛ وتوجيهها في عمل منظم له أغراض سيئة ؟!!

والمعضلة ان بعض الشباب اصبحت الجريمة بالنسبة لهم ثقافة وهواية يمارسونها عن قناعة حتى ولو لم يكونوا في حاجة الى ممارستها !!!

وهناك من يتصيد في المياه العكرة ؛ ويحاول ان يعطي القضية بعدا عرقيا؛ ويلبس الجريمة ثوبا سياسيا !!

الوضع خطير جدا..!

ويحتاج الى حل شامل يأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والامنية .. 

وهناك جملة من التدابير مطلوب من الحكومة تنفيذها ان كانت بالفعل جادة حل  في  هذه المعضلة :

١- الترخيص لشركات أمنية تقوم بحراسة بعض المناطق والاحياء وتخفف الضغط عن شرطة لا حول لها ولا قوة ! 

٢- منح تعويض للمتضررين من العمليات الاجرامية ؛ فقبيح بالدولة ان تعجز عن حماية المواطنين ؛ ثم تعجز ايضا عن تعويضهم ماديا ومعالجة من أصيب مننم !

٣-  وجود عرف اداري يقضي باستقالة مدير الامن بعد اخفاقه في التصدي لاي موجة اجرامية تتجدد ..

كنوع من الاعتذار لمن تضرر من هذه الموجة ..

٤- اطلاع المواطنين بصفة مستمرة على كل الحوادث والمستجدات الأمنية .

 فالمواطن لكي يحمي نفسه يحتاج الى معرفة المخاطر المحدقة به ومتابعة اخبار الجرائم والعلم بوتيرة صعودها وهبوطها ،

ومن المهم ايضا ان يكون على علم بمواقع اصحاب السوابق وبؤر الاجرام والمناطق الاكثر تعرضا للعمليات لكي يكون على حذر .

٥-  ان يكون لدى الشرطة برنامج اعلامي في القنوات والاذاعة  تقوم فيه بتوعية المواطنين وتكشف اساليب المجرمين وتطور اجرامهم وتبين للمواطنين كيفية حماية انفسهم من المجرمين.

٦- اصدار قرار يقضي بمنع المجرمين بعد انتهاء محكوميتهم من دخول العاصمة مدة خمس سنوات ؛ فقد تكدس أصحاب السوابق في العاصمة واصبحوا يشكلون جمهورا عريضا يهدد أمن العاصمة واصحاب السوابق  هم الذين يقودون ويؤطرون العمليات الاجرامية .

٧- رعاية الدولة لمشاريع تهدف الى تشغيل الشباب الفقراء الذين قد يلجؤون الى الاجرام بسبب الحاجة..

وهؤلاء الشباب يكفيهم القليل لكن للاسف لا يجدون من يمد لهم يد العون! 

٨ - قيام الاعلام الوطني بحملة اعلامية من خلال المحاضرات والشعر والتمثيل وتعليق الافتات في الشوارع والمدارس بغرض تنفير الشباب من الاجرام واظهار المجرم بأنه انسان  سيء وشاذ ؛ فقد اصبح الكثير منهم ينظر الى الاعمال الاجرامية على أنها اعمال بطولية !

٩- استهداف الشباب في المناطق التي يقل فيها الامن بالانشطة الشبابية والمسابقات الثقافية والرياضية والمحاضرات الدينية حتى لا يجد فراغا يجعله يميل الى الاجرام .

١٠ -  اكتتاب  الشرطة لعناصر اكثر أمانة واكثر انضباطا خلقيا حتى يقوموا بمهمتهم على اكمل وجه؛ ويعطوا صورة حسنة للشرطة بعد ان ساءت سمعتها لدى الناس.

١١- قيام السلطات الامنية باختراق هذه الخلايا الاجرامية حتى تكون على علم ودراية بما يمكن ان يقوموا به من اعمال اجرامية.

١٢- العمليات الاجرامية تعتمد كثيرا على سيارات الاجرة لانها غير منظمة.

ومن اجل تنظيمها يمكن ان تقسم سيارات الاجرة الى مجموعات تحمل اسما تجارياوشعارا ؛ فيتوصل الامن بسهولة الى السيارة من خلال البحث في مجموعتها التجارية.

١٣- وكالات تاجير السيارات ينبغي ان تكون كل معاملاتها موثقة لدى الشرطة.

١٤- تشديد عقوبات الجرائم وعدم التساهل مع المجرمين.

اخيرا نقول : أمل المواطن في الحكومة يظل محدودا ؛ ما دامت عاجزة عن توفير الامن !

 

30. مايو 2021 - 18:44

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا