حاولتُ في مقالي السابق " موريتانيا الموازية المظاهر وآليات المواجهة" أن أرسم صورة لموريتانيا على شبكة الإنترنت وانطباعات الآخرين عنا التي تمتاز في الغالب بكونها قائمة على التلفيق والتزوير والتشويه وأحيانا الجهل بكل بساطة، وفي هذا المقال سأتحدث عن طرق إثراء المحتوى الرقمي الموريتاني.
انتبهت الكثير من الدول إلى أهمية تحسين المحتوى الرقمي لقوة الإنترنت وتأثيرها الكبير ودورها الأهم في تبادل المعلومات والمحافظة على الإرث الثقافي للشعوب وإثرائه، وموريتانيا يجب ألا تتخلف عن هذا الركب لعدة أسباب أهمها أن محتواها الرقمي تحت خط الفقر والموجود منه يسيء إلى البلاد ولا يعطي صورة حقيقية عنها، وفي حال تم تنفيذ هذه الخطة بالشكل الدقيق والمطلوب، فإن نتائجها قد تغني عن آلاف النشاطات الثقافية.
مازالت موريتانيا بلدا غير معروف بالنسبة للكثيرين إلى جانب تميزها بطابع ثقافي مختلف وفريد من نوعه لم يتم استغلاله حتى الآن، ويمكن فهم هذه النقطة من خلال الاطلاع على انطباعات السياح الذين يأتون إلى البلاد ومدى اندهاشهم وانبهارهم بما يشاهدونه فكل شيء جديد في نظرهم ولا يكتفون عادة بالمشاهدات وإنما يؤلفون الكتب وينشرون على مدوناتهم الشخصية عن تجاربهم التي تلعب دورا كبيرا في جذب نظرائهم من أجل مزيد من اكتشاف البلاد.
فكيف نستغل كنوزنا الثقافية لإشهار البلد وجعله مزارا سياحيا وصناعة محتوى رقمي ناصع يعبر عن موريتانيا التي نريد أن يراها الآخرون.
تكوين لجنة تضم سفراء سابقين ومترجمين ومرشدين سياحيين مهمتها محاولة وضع تصور لخريطة اهتمامات الآخرين حول موريتانيا، ما الذي يمكن أن يلفت انتباههم وأي المعلومات يفضلون الاطلاع عليها أولا وأي المعلومات التي لا تهمهم إطلاقا مع التركيز على كل معلومة مختلفة ولافتة وغريبة وغير مستهلكة، هذا التصور من شأنه أن يساعد اللجنة الموالية في عملها وهي ...
لجنة جمع المعلومات وبناء على التصور السابق تبدأ هذه اللجنة التي ستتكون في الغالب من إعلاميين وفاعلين ثقافيين بفرز أهم المعلومات الثقافية عن موريتانيا والتركيز على الجوانب المهمة والمتميزة والمختلفة وتجنب العموميات لأن المحتوى الرقمي يختلف عن محتوى الكُتيبات والمناشير والمطويات، لأنه يجب أن يكون أنيقا ومختلفا ومختصرا ومغلفا ببعض الغموض الذي يحفز المتصفح لاكتشافه.
تجتمع اللجنتان وتتفقان على محتوى معين مستوف للشروط ويعبر تماما عن البلاد ويقدم للآخرين صورة مشرقة عنها كما أنه يصحح مفاهيما مغلوطة حول البلاد.
بعد تجهيز هذا المحتوى، تبدأ اللجان الفنيّة اجتماعاتها والتي تضم مبرمجين ومصممين..
تقوم هذه اللجنة بتفريغ المعلومات الموجودة في ملف المحتوى وتوزيعها على قوالب المحتوى الرقمي أو أنواعه، فيتم تجهيز النصوص المكتوبة التي تعتبر من أشهر الأنواع المتعارف عليها وأسهلها تنفيذا والصور التي يسهل على المتصفحين فهمها والمقاطع المصورة لها تأثير كبير وسريع والإنفوغرافيك التي تحظى باهتمام كبير لسهولة قراءتها وتداولها ثم الكتب الإلكترونيّة والملفات الصوتية التي تتقدم نتائج محركات البحث دائما.
وصلنا هنا المرحلة الحاسمة والتي تحتاج دعما حكوميا مباشرا وإرادة جادة من أجل التنفيذ، وستلعب الدبلوماسية فيها الدور الأكبر لأنها تعتمد بشكل كبير على العلاقات والروابط السياسية بين موريتانيا وأصدقائها وشركائها.
التنسيق مع الدول المالكة والمستضيفة لشركات الإنترنت ومحركات البحث من أجل الاتفاق على كلمات مفتاحية أو دلالية خاصة بموريتانيا ثم ربط مستخدمي الشبكة العنكبوتية بالمحتوى الرقمي الذي تم تجهيزه مسبقا وبهذه الطريقة نضمن توجيه رواد الإنترنت نحو النتائج الخاصة بنا تمهيدا لتثقيفهم عن البلد أولا وإرشادهم سياحيا ثانيا وتحطيم الصور النمطية التي يحملها أغلبهم عن موريتانيا ثالثا.
هذا المحتوى يجب أن يكون باللغة العربية أولا دعما للغتنا التي تحتل المرتبة الرابعة على لائحة اللغات الأكثر استخداما على الإنترنت و إثراء للمحتوى الرقمي العربي بشكل عام، كما أننا لن نحتاج للبحث عنا بلغة أجنبية فسيصبح الأمر أشبه باكتفاء ذاتي افتراضي.
المحتوى ستتم ترجمته إلى اللغة الإنجليزية و الفرنسية و الصينية و حسب الجمهور المستهدف.