لا شك أن هذين الجسرين اللذين وضع رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، حجر الأساس لبنائها من بعد تدشين شبكة طرقية تم تنفيذها في العاصمة ستخففان من الزحمة وأنهما سيحدثان انسيابية مفتقدة للحراك الاقتصادي والتجاري وينشطان مجريات التعاملات الرتيبة. ولا شك أيضا أنه بفعل أدائهما في ضبط المرور، في مختلف الاتجاهات، ستنخفض وتيرة الحوادث المتزايدة بشكل كبير فيما تأخذ العاصمة كذلك وجها أجمل يليق بمكانتها عاصمة تطل على المحيط الأطلسي.
وتعتبر الجسور التي بدأ بالتفكير في تشييدها منذ قديم الزمان حيث كانت قوافل التجارة والناس بأمس الحاجة إليها. زهي بهذه الأهمية تشكل أحد أهم ركائز المعمار الرفيع ذي الفائدة الكبيرة في انسيابية حركة الناس والبضاعة وتضفي جانبا جماليا تفخر به المدن وتدخل التاريخ بها. أو ليست أطلال الجسور اليونانية و من ثم الرومانية شاهدا على عظمة الحضارتين من قبل المسيحية والإسلام؟
ألم يتغنى الشعراء العرب بالجسور والتي مازال بعضها قائما في العراق كجسر "الرصافة" يحكي عن عظمة الدولة العباسية، وكجسور باريس العريقة وجسر سان لويس بالسنغال والصينية البديعة والرومانية المعلقة في الجزائر والعثمانية في الجزائر؟
ولا شك أن الجسر الذي سيربط بين ضفتي النهر بين بلدنا و السنغال سيلعب دورا كبيرا في عملية التبادل البيني بين البلدين وسيوطد العلاقات بين الشعبين الجارين ويزيد ويمتن وتيرة التكامل الحضاري.
وأما الجسور المعلقة والأنفاق الطويلة و العميقة، المشيدة ضمن الشبكات الطرقية الحديثة، فوق البحار وتحتها كـ"المانش" لربط بين فرنستا وبريطانيا وتحت الجبال بين إيطاليا وفرنسا، وتحت بحر "مرمرة" بين شطري مدينة اسطنبول لربط آسيا بأروبا، وفوق الأنهار وعلى قمم و الجبال و سحيق الوديان والملتفة حول المدن العملاقة وكثير أحيائها الكبيرة الامترامية في العالم من أمريكا وآسيا وأوروبا وبعض الدول الإفريقية كمصر ونيجريا وجنوب افريقيا، ومنها جسور "نيويورك" الفريدة و"اسطنبول" الشامخة فوق بحر "مرمرة" وغيرها من الجسور المعلقة في "إيطاليا" وألمانيا و"النمسا" و"بولندا" و"بيترسبورغ" في روسيا وفي "موسكو" على نهر "الفولكا" والجسور المعلقة التي شيدتها "الصين" حديثا ربطا بـ"الباكستان" في إطار إعادة صياغة "طريق الحرير"، فحدث عن عظمتها وجمالها وإعجازها الهندسي.
وقريبا منا تزين وتربط الجسور مدن المغرب والجزائر وطرابلس و تونس وفي الغرب الافريقي تنتشر في بباماكو بمالى ومدن ساحل العاج وفي داكار وبين سانلويس البر و الجزيرة في السنغال إلى جانب المئات منم الكيلومترات من الأنفاق في الجبال وتحت الأرض والمترو الخفيف والقطارات بسكك حديد تربط بين المدن تنقل البشر والبضاعة ووسائل البناء الثقيلة.
وتشكل الجسور أيضا ذاكرة تاريخية تحمل أسماء الأعلام والأحداث الكبيرة في تاريخ البلدان ومعالم هندستها.
ولا شك أن العاصمة نواكشوط تفتقر إلى شبكة طرقية في داخلها وفي ضواحيها التي تتمدد في عشوائية لافتة مما زاد نسبة التلوث فيها من العوادم ومن نسبة الحوادث والاكتظاظ في كل الأوقات بشكل معطل للنشاط.
وتأتي هذه الخطوة الكبيرة لمعالجة بعض هذه الإشكالات المزمنة لمدينة نواكشوط الكبيرة ذات المليون و النصف من الساكنة والتي تتمدد بسرعة في كل الجهات، في الوقت المناسب ولتضفي عليها جمالا تحتاجه بوصفها العاصمة السياسية للبلد والواجهة الأولى للبلد.