تجارة الهواتف المستعملة تهدد الأمن ! / محمد الامين ولد آقه 

من القواعد المتفق عليها عند اهل العلم قاعدة "سد الذرائع" ..

 والذرائع جمع ذريعة ، وهي في اللغة : الوسيلة إلى الشيء .

و في اصطلاح الفقهاء والأصوليين تعني  : ما كان ظاهره الإباحة ، لكنه يفضي  إلى المفسدة أو الوقوع في الحرام .

والمقصود بقولهم : " سد الذرائع " ، أي : سد الطرق المؤدية إلى الفساد ، وقطع الأسباب الموصلة إليه  .

قال القرافي رحمه الله :

"سد الذرائع معناه حسم مادة الفساد دفعا لها ؛ فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلة للمفسدة منع الامام مالك من ذلك الفعل".

ومن الادلة على العمل بقاعدة : " سد الذرائع " : 

1. قوله تعالى : ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) ، فمنع النساء من الضرب بالأرجل ، وإن كان جائزا في الاصل ؛ لئلا يكون سبباً لفتنة الرجال.

2. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكف عن قتل المنافقين ، ؛ لئلا يقال : إن محمدا يقتل أصحابه .

 

وهذه القاعدة يتعين تطبيقها اليوم في المجال الامني من أجل تحقيق الامن .

فيتعين على السلطات النظر في جميع الامور التي قد تكون سببا في انتشار الجريمة من أجل قطعها ومحاصرتها ..

المهمة الامنية لا تعني فقط ان تقوم السلطة الامنية بإلقاء القبض على المجرمين ..

بل انها تعني -بالدرجة الاولى- ان تقوم بمنع وقوع الجريمة من خلال منع الاسباب الموصلة اليها..

وان من أهم الاسباب التي أدت الى انتشار الجريمة في العاصمة انواكشوط : "تجارة الهواتف المستعملة"..

هذه التجارة جعلت الهاتف بمثابة "العملة النقدية" ..

ففي نظر اللصوص : كل من يحمل هاتفا فهو يحمل نقودا !!

لان الهاتف مضمون البيع وثمنه جاهز ..لهذا فقد اصبح اللصوص يركزون على الهاتف اكثر من غيره ..

واصبح كل شخص في بيته او في الشارع يعتبر هدفا للصوص لانه في الغالب يحمل هاتفا !

وقد كان اللصوص قبل تجارة الهواتف لا يركزون الا على الاماكن التجارية..

في سنوات ماضية انتشرت ظاهرة "دخل شي" ما لبثت هذه الظاهرة ان تراجعت لان اللص كان يغامر بنفسه من اجل مسالة غير مضمونة فالضحية كثيرا ما يكون فارغ الجيب ؛ والهاتف حينها لم يكن موجودا ..

اما اليوم فالمغامرة مضمونة النتيجة ؛ ولا يحتاج اللص الى ان يقول "دخل شي" ؛ وانما يكفيه ان ينتزع الهاتف من الضحية بحركة خفيفة او بضربة قاتلة ..

وحينما يدخل اللص الى اي منزل في الليل او في النهار فانه ليس بحاجة الى ان يطيل البحث عن الاشياء الثمينة والوقت ليس في صالحه ؛ وانما يكفيه ان يهتدي الى مكان الهواتف ويطير على جناح السرعة ! 

الهاتف سهل الاختطاف ..!

سهل السرقة..!

سهل التسويق..!

 واذا كانت السلطات الامنية عاجزة عن  منع اختطاف الهواتف ومنع سرقتها ؛ فلا ينبغي ان تكون عاجزة عن منع تسويقها ..

ان وضع العراقيل امام تسويق الهواتف  سوف تكون له آثار ايجابية محمودة ..

 سوف ينزع عن الهواتف المحمولة صفة النقدية لان اللص يعلم بأنها غير مضمونة البيع   ..

وصعوبة تسويق الهواتف المسروقة سوف تنقص من قيمتها ؛ وحين تنقص قيمتها لن تكون صيدا ثمينا بالنسبة للصوص .

قرار اداري واحد قد يحل المشكلة !

حينما تقوم السلطات بترخيص بيع الهواتف في نقاط محددة تكون تحت عين المراقبة ..

يتم في هذه النقاط شراء الهواتف المستعملة من طرف أشخاص معروفين ..

وبيعها لأشخاص معروفين ..

والحل نفسه مطروح بالنسبة لسرقة الاحذية في المساجد ؛ حين يمنع بيع الاحذية القديمة او ينظم ..    

انها عملية سهلة لا تتطلب اكثر من قرار اداري ينظم بيع هذه التجارة .

اذا كانت الحكومة عاجزة عن تطبيق الحدود ..فهل هي عاجزة ايضا عن تنظيم السوق ؟ 

 

14. يونيو 2021 - 8:02

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا