أزمة أمنية كبيرة و احتقان اجتماعي شديد ، و لا حديث إلا عن الجرائم و مطاردات الشرطة و الأسلحة البيضاء ، و الطعنات و حالات القتل و الاغتصاب ، و غاب وراء كل ذلك ما يحدث من موريتانيا ، سواء كان عملا إيجابي أو سلبيا ، و حتى إن كان ذلك في الملف الأمني و معالجة التجليات .
لا أقول إن الحالة الأمنية غير مخيفة و تتطلب الكثير من الإجراءات ، و التي قيم بالكثير منها ، و لا يخفى على الرأي العام أن هناك تدخل من جهات تستثمر في هذه الأحداث و تسعى لشيطنة السلطة ، و تنشر الأخبار و الفيديوهات و الصور، و تزيدها بالشائعات..
لم يكن عهد العشرية عهد أمن مطلق و طمئنينة مطلقة فقد شهد أحداثا بشعة كثيرة لم تغفل عنها الناس ، فكلم تذكرون :
- قتل ووتمزيق جسد شيخ مسن ذات ضحوة سنة 2010 في محله التجاري بكرفور ...
- قتل الفتاة الحامل هدى بنت جدو شنقا بنواكشوط في شهر فبراير 2012 ...
- اغتصاب و حرق زينب بنت كابر في عرفات أواخر عام 2014، على يد ثلاثة مراهقين.
- قطع رأس و شق بطن الشاب "إسماعيل" في حي الدار البيضاء بالميناء سنة 2014،
- العثور على جثة الشاب آمدو صو أكتوبر عام 2014 قرب مقر صناديق القرض والادخار بالميناء ، و قد طعن في القلب..
- قتل التاجرة خدوج بنت عبد المجيد قتلت أمام متجرها في سوق العاصمة سنة 2015 ..
- قتل الفناة افاتيس في سبتمبر عام 2017، بدار النعيم،
- قتل الأستاذ الجامعي والمحامي الشيخ ولد حرمة الله، وهو في طريقه إلى المسجد، ولم يعرف قاتله ..
- قتل الفتاة "المامية" طعنا بالسكاكين في نواذيبو
و هذا قليل من كثير ، إضافة إلى أحداث أخرى تمس بالدين و الثوابت ، كتمزيق المصحف الإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لكن النظام آنذاك كان يمتلك ظهيرا سياسيا قويا ، ممثلا في حزب لديه ماكنة إعلامية قوية تسوق المنجزات و تضخمها ، و تقلل من شأن الأحداث و تغطي على النواقص و تختلق الطولات..
و لا ينسى الموريتانيون جسر مدريد و المسجد العظيم ، و مئات المنجزات التي لا ترى بالعين المجردة ، و مئات التصريحات البطولية التي تثمن الفراغ ، و كرنفالات البعثات الحزبية التي تجوب البلاد و تكتسح الإعلام.
لا أعتقد أن الواقع الأمني ينبغي أن يتم تغيبه عن المواطنين ، و إن كانت الشائعات سلاحا خطيرا على السلم المجتمعي ، كما لا أعتقد أن السياسيين و المسؤولين الحكوميين ينبغي أن يخادعوا المواطنين بتسويق الوهم و نفخ المنجزات ، و أعتقد ايضا أن طبيعة التعاطي الهادئ و المدروس و غير المتهور من قمة هرم السلطة يفضل الصدق و الشفافية مع الناس .
أعتقد أن دور الأحزاب الموالية للسلطة ، و خاصة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هو مواكبة الأحداث و المستجدات ، و تصحيح المغالطات الإعلامية لمثيري الاحتقان، و نشر أجواء السلم المجتمعي بتحصين الرأي العام أمام التضليل و إثارة الفتنة.
إنني أرى ، و معي أغلب المنتسبين للحزب ، أن القيادة الحالية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، و بفعل قلة معروفة تتحكم فيه ، قد حولت من الذراع السياسي داعم للحكومة إلى مؤسسة خصوصية غاب فيها الدور المنوط، و اتجهت لتنظيم الملتقيات في قضايا و اهتمامات حسمها الدستور و برنامج رئيس الجمهورية، و فهي تقوم تنظيم كرنفالات و زيارات للداخل لا يخفى من خلالها غياب الاستشراف و عدم وضوح الرؤية و تهافت الاهداف ، و أخشى أن تكون يفسر الناس أنها حركات لتبرير نفقات أو جلب لتمويلات ..
أعتقد أن الحزب بحاجة لمراجعة و تنقية بإزاحة اللوبي الذي يسيره لصالحه، و استبداله بأصحاب كفاءات يبعدونه عن خلق الصراعات و تصفية الحسابات ، و يخلقون منه إطارا سياسيا و ظهيرا إعلاميا مؤتمنا على الوطن و السلطة التنفيذية التي اختارها الشعب باختياره لرئيس الجمهورية.