منذ بداية 2020 رصدنا أخطارا تهدد المحتوى الرقمي في بلادنا ، وقد سعينا جادين للتبليغ عنها ، وتنبيه السلطات بدءا برئاسة الجمهورية إلى وزارات الداخلية والدفاع والصحة والشباب إلى الأمن الرئاسي إلى إدارة الأمن الوطني إلى سلطة التنظيم ، وكل رسائلنا لم تجد من يوليها اهتماما ، رغم أننا كنا نحذر من خطر داهم ونستند إلى دراسة مؤكدة وموثوقة ، ولدينا الحجج والبراهين وحذرنا ولا زلنا نحذر من محتوى رقمي سلبي جدا وسيء جدا ، يقود في الحالة الطبيعية إلى مستوى من الإجرام غير مسبوق إلا أنه لا حياة لمن تنادي .
ما هو الأمن الرقمي ؟
يعني بالأساس حماية المعلومة الرقمية أيا كانت صورة أو مستند أو صوتا .... ، حماية تخزينها وسلامة حفظها ، وكذالك حماية حركتها ، والتأكد من سلامة طرق تبادلها .
كما يعني للأنظمة الرقمية الحماية من الفيروسات والبرامج الضارة ، وبرامج الاختراق والتجسس وأنواع التلصص على التشفير .
ويعني أيضا حماية المحتوى على الشبكة ، مواقع ، حسابات شخصية ، بريد ألكتروني .....
وموريتانيا لا تزال متأخرة جدا في الحماية الرقمية .
ما هو أمن المحتوى الرقمي ؟
يعني أن يكون المحتوى الذي يصل إلى منطقتك آمنا ، وأعني نطاق المسؤولية ، فإذا كنت أبا ، فالأسرة هي المنطقة المعنية ، وإذا كنت رئيسا أو صاحب سلطة ، فشعبك هو المعني .
وهنا مربط الفرس .
فالمحتوى الرقمي الذي يتبادله الشباب الموريتاني ويتشربونه ويغرقون فيه صباح مساء ، هو محتوى ضار وسيء ، ومثير ومحرض ، إن لم يكن كارثي .
والأدهى والأمر أن الأسرة الموريتانية حريصة بشكل جنوني على أن تسلم لأبنائها وبناتها ، بوابة الوصول لهذا المحتوى وهو الهاتف الرقمي .
يسلم الهاتف للمراهق أو المراهقة بدون أي تحفظ ولا رقابة ، ولا تسأل عن حجم الضرر اللاحق به .
هناك طرفين في هذا السلوك المدمر لا بد أن يغير أحدهما من تعامله ، وإلا استمرت الكارثة .
إما أن تتحمل الدولة المسؤولية وتقرر التحكم في هذا المحتوى ب:
حجب بعض المواقع .
حظر بعض الألعاب .
مراقبة بعض المجموعات وتوقيف مسؤوليها .
المتابعة اليقظة والصارمة لكل محتوى صادم أو عنيف أو مثير أو مسيء على الإنترنت .
إنشاء هيئة للأمن الرقمي .
وهذا هو الحل الأقرب .
أو يتحرك الوالدان لحماية أبنائهما من المحتوى الرقمي ب:
سحب الهواتف الرقمية من كل المراهقين والمراهقات .
مراقبتها بشكل دائم كأضعف الإيمان .
منع ولوجهم إلى المحتوى الرقمي .
ولكن نظرا لعدة عوامل من أهمها غياب الوعي لدى الأسرة الموريتانية ، فهذا مستبعد .
وبشكل صريح يجب أن نذكر أن الأمن اليوم ، لم يعد كما كان في الماضي ، ولن تفيد الاستعراضات العسكرية وتحشيد الجنود على الطرق والشوارع ، فالأولى من هذا اتباع استراتيجية للأمن ، تبدء من أمن المحتوى الرقمي ، وتستعين بالحلول الرقمية في متابعة وتصنيف ودراسة وتتبع العمليات الإجرامية ، أما أن نبقى كأجهزة أمنية غافلين عن الجانب الرقمي ، فهذا سيجعل جهاز الأمن الحلقة الأضعف ، يظل نائما ، وبعد كل جريمة يصحوا ويقيم بلبلة ، ثم يعود إلى سابق عهده ، وهكذا دواليك.
في اعتقادي أن هناك مستوى هجينا من الحريات تسعى أنظمتنا لفرضه ، لا يمكن أن يستقيم في مجتمع مسلم .
أعني أن النظام هنا يغض الطرف عن الإنتهاكات والجرائم والمحتويات ذات الطابع غير الأخلاقي ، ويريد أن يحارب الإنتهاكات الجنائية ، والواقع أنه لا يمكن الفصل بينهما .
فالمواطن الموريتاني مواطن مسلم ، وعندما يتجرأ المسلم على انتهاك الحرمات ، فسيان لديه الجرائم الأخلاقية والجنائية.