الاقدار وحدها هي التي جلبت هذا الرجل إلي مصيرنا
لك ان تقتنع بهذا
لكنك ستبقي مندهشا لو سألت أحدهم من كان يحكم في زمن هيدالة وبأي طريقة ؟
ما إن سقطت الطائرة الموريتانية التي اقلت العقيد احمد ولد بوسيف شهيدا هو ومن كان معه حتي تقلد محمد خون ولد هيدالة زمام السلطة في موريتانيا .
لم يكن ذلك بناءا علي نصوص ميثاق اللجنة العسكرية للخلاص وإنما كان علي اساس تدبير من فرنسا التي خرجت من ازمة ولد بسيف منتصرة اثر فقد حياته .. فقد زار ولد بسيف فرنسا قبل ايام من سقوط الطائرة
ومن الواضح أن له مشروعا سياسيا لايرضي فرنسا وهو :
التمسك بالصحراء
اطلاق سراح المختار ولد داده وإقامة دولة مؤسسات وقد تحدث الكثيرون عن ذا لك
كان النائب الاول للرئيس محمد محمود ولد لولي الذي هو رئيس اللجنة العسكرية للخلاص الوطني العقيد احمد سالم ولد سيدي والنائب الثاني العقيد عبد القادر ( كادير ) وذلك حسب ميثاق اللجنة المستمد من السلم الهرمي القيادي في الجيش
إلا ان المقدم محمد خون ولد هيدالة تجاوز هذا السلم معتمدا علي إجراء تصويت خارج عن ميثاق اللجنة وهو الامرالذي لم يعرض له في مذكراته.
فتم له التفرد بالسلطة بدعم من فرنسا والجزائر وبعض صغار الضباط
استنفر العقيد احمد سالم مجموعة من الضباط يدعمهم المغرب علي راسهم العقيد محمد ولد عبد القادر وغيرهم وكان لهم جناح مدني متمثلا في كتلة الميثاقيين المنبثقة عن الكادحين الذن تحالفو مع حزب الشعب وكذلك إطارات حزب الشعب ! في حين لجأولد هيدالة إلي الحركة الماركسية التي كانت تناهض حزب الشعب وكذلك الي البعثيين وبعض التيار الناصري وإلي القوة التقليدية التي ستشكل في ما بعد دعامته الاساسية للسلطة
وكان يوم 16مارس 1981يوما حاسما حيث دخل الضباط المناوئون لولد هيدالة ضحوة إلي انواكشوط في عملية عسكرية ضده لم يكتب لها النجاح .
وماكادت الملامح السياسية لهذه الحركة تخبو حتي أودع البعثيين في السجن تحت دعوى قلب النظام 1982 وفي سنة 1983 اودع حليفه مدبر انقلاب 1978 المصطفي ولد محمد السالك السجن بنفس الدعوى
لتحل سنة 1984وتكون موعدا لاجهزته الامنية مع عمليات تعذيب وقتل ممنهج إثر مواجهة الناصريين له التي كانت سلمية ولم يكن لها اي طابع عنف والتي أودت بنظامه السياسي 1984في انقلاب قام به معاوية ولد الطايع
ومن هنا بدا واضحا ان ولد هيدال غير مقنع بالنسبة لجميع جهات واتجاهات موريتانيا
فهل كان ولد هيدالة يمارس القمع والقتل وحده ؟
من الواضح ان ولد هيدالة كان له حلف سياسي يتالف من الحركة الماركسية وحركة الاخوان المسلمين
تصورو حلفابين الإثنين لكن الفريقين لم يكونا بتلك القوة في الجيش ولاكذلك في الافق السياسي خاصة الاخوان غير أنهم مدعومون في ذلك الوقت من قبل السعودية تحت غطاء الحاجة إلي نشر المذهب الوهابي الذي يشكل احد اهم مرجعيات السلطة في ذلك البلد
فلذلك كانت السعودية تغدق عليه لكن ذلك الإغداق لم يذهب لا إلي جيبه ولا إلي جيوب الموريتانيين بل كان يذهب إلي جناح الصحراويين المطالب بالانفصال عن موريتانيا ممايعد تمهيداله للاستقلال وقد توج ذلك بتخليه عن الصحراء ضمن اتفاقية لاتخضع لاي منطق وغير مدعومة من قبل اي جهة تشريعية ولاحتي اي جهة سياسية ومع ذلك لقد كانت !
علي المستوي المحلي بقي ولد هيدالة في عزلة بسبب قمعه لكل القوي السياسية لم يستطع ان يخرج من تلك العزلة إلا علي صياح الفصائل القبلية التي اسماها الهياكل وهي فعلا هياكل مجردة من اي معيار للحداثة وبناء الدولة ولاتمتلك اي مشروع سياسي ..
لكنه كان يطمئن إليها هو وأركان نظامه :
العقيد آتيي هماد
العقيد حمود ولد الناجي
النقيب جوب مصطفي
النقيب ابريكة ولد امبارك
وغيرهم .....
اما علي مستوي السياسي فقد كان يعتمد بالاساس علي الحركة الماركسية التي تدير استغلاله للمنابر الدينية من خلال جماعة الإخوان لقد كانو إثر أي عملية قمعية يباشرون حملة شعواء تثمن إقرار عقوبة القصاص التي كان استحضارها علي تلك المنابر وفي الإذاعة عنوان أزليا لايفارق الآذان ..بل لكأنه أذان !
لم تكن الهياكل إلا مجالا لجلب بعض المنافع للأقرباء وإعلان بيعة متجددة لهيدالة عند كل منفعة او تجنب ضرر ..ثم إنها كانت انتقائية فهي تكتل من القبائل" المبرزة " والتي لايمكنك ان تجد لها خاصية إثبات ولكنك تستطيع ان تعثرلها علي خاصية النفي .. فتنفي عنها -معاذ الله - ان تكون ذات بعد قرابي بالمخطار او احمد سالم ولد سيدي او العقيد محمد ولد عبد القادر او ولد ابريد الليل
أو.....
والقائمة تطول ..لقد كان البعض يتندر بانه عليك ان تكون صحراويا او مبرزا من الاخوان والماركسيين لكي تنجو بجلدتك
تفرغ الرئيس محمدخون ولد هيدالة الي مسالتين
الاولي إعادة الصحراء الي مجال مفتوح للنزاع بعد ان هدأت الاوضاع وكسبت موريتانيا اعترافا دوليا واسعا بحقها في توحيد الوطن علما أن سكان الصحراء ميالون بطبعهم إلي هذه الوحدة بل هم من طالب بها بدعم من المخطار كشخص لأن معظم أركان حكمه ليس هذا الامر أولوية بالنسبة لهم ..
لقد نجح ولد هيدالة في تقويض وحدة موريتانيا الترابية متجاهلا يمين الضابط وأعاد قضية الصحراء إلي المربع الاول ..
الأمر الثاني الذي تفرغ له ولد هيدالة هو التفرد بالسلطة وقد فشل فيه نظرا لاعتماده علي القوي السياسية ذات الصيت السيء وعلي القوي التقليدية الظلامية التي تجتر معها آلام الماضي ولاتصلح للعبور علي سفينة الحداثة والتجديد ..ومع ذلك فهي تظل في مسعي دؤوب إلي تعميق الهوة بينها مع الحداثة وإلي التغلغل في السلطة من خلال القادة الهاربين من التجدد والتحديث
لم تكن حقبة ولد هيدالة إلا حقبة :
تجرع فيها الموريتاني آلاما لم يعرفها من قبل
غاب فيها اي طموح بالبناء.. لامشاريع تذكر إلا إذا استثنينا قاعة في المطار !
وبعض الترميم لبعض السجون !
اما سجنا ؤه فقد كانو الاكثر وداعة من ضمن كل السجناء فلم يطالبو بأي تحقيق يُحمل جلاديهم مسؤولبة ماجري
ولم يكن قتلاه وذوى الدم بأفضل حال
رغم وعد القرآن بالنصر للمظلوم ( ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ماعليهم من سبيل إنما السبيل علي الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق اولئك لهم عذاب آليم )
فلم تكن المنابرة الدينية التي كانت تمجده علي إقرار القصاص لتُذكٌِر ولو مرة واحدة بأنه عليه ان يكون مشمولا بهذه العقوبة هو وطاقمه الامني
أما قتلاه فلم يكونو أحسن حظا .. فلا الجهات السياسية التي دفعت بهم إلي مناهضته طالبت ولو بمجرد تحقيق يلقي باللائمة علي مرتكبي الجرم ..فضلا عن أنهم أولي بالقصاص !
خلف القتل والتعذيب الذي مارسه ولد هيدالة جرحا عميقا في السياسية الموريتانية تغولت بمقتضاه الأجهزة الامنية الآمنة من العقاب علي المواطنين من سكان الضفة فعاملتهم بنفس القسوة ..إلا ان هؤلاء انتصروا لفريقهم خاصة بتسجيل القضايا عند العدالة الدولية أما ضحايا ولد هيدالة فمازالو يتحلون بتلك الوداعة ..
ذلك ماجعل المجتمع الدولي ينظر إلي ان ضحايا معاوية تمت معاملتهم بعنصرية في الوقت الذي لوتم تقديم ضحاياهيدالة لقضايهم للعدالة الدولية لما كان بالإمكان تسويق تلك اذلنظرة السيئة ضد بلادنا
وحتي الآن هل لايزال ذلك ممكنا ؟