كم من الوقت، بل من الأعوام والعقود، يمكننا أن ننتظر حتى يجيء من يحكم بلادنا، موريتانيا -- كحاجة غيرها من أقطار الوطن العربي لقيادات وطنية، وقومية -- ويكون قادرا بالفعل لا بالقوة على القيادة السياسية، والاستجابة لمطالب المجتمع دون ان يتأثر بتوجيه الوعي السياسي الانشطاري العام، الذي يقدم حلولا ناقصة للمشاكل، لأنه منتوج التفكير السائد، وهو اقل من المتوقع الذي يكاد ان يحصر المطالب العامة في نطاق، اختزل هموم الوطن والمواطنين في هموم الفئة الموالية لنظام الحكم، كما يختزل مفهوم الدولة، وصلاحيات القيادة السياسية، والنخبة السياسية في مجتمعنا الحديث، إذا كنا -- حقا وحقيقة -- مجتمعا حديثا ، وينتمي به المواطن الموريتاني إلى مجتمع هو من المجتمعات الحديثة قبل المعاصرة، ويتشارك مع الاخيرة في استخدام منجزات العصر من الهواتف الذكية إلى البرلمان ونوابه، ومؤسسات القضاء، والجيش الوطني، والأمن الداخلي،، وترجيح المطالب الكمالية على الضرورية في المجتمع الاستهلاكي، ولكن أني للأخيرة بالتحقيق في مجتمع مقيد، بمفاهيم إجرائية تحكم الأداء السياسي للقائد السياسي، الرئيس بكاريزمية القائد السياسي، وليس بمحاكاة التعاطي مع الهم العام باسلوب شيخ القبيلة، وإمام الطريقة الصوفية المستعين بالحاشية الحزبية، ورؤساء الامن، وغيرهم .. ؟
وهذا الإشكال يحتاج إلى نقاش عام، ليشارك فيه الاختصاصيون في العلوم القانونية، والإجتماعية.
ولقد اتحفنا أستاذ القانون والأخ المحترم / اسلمو ولد مانا / بنقاشه الموضوعي للقيادة السياسية، وسيكون النقاش التالي محكوما بالأطر الفكرية الوطنية والقومية التي أشار إليها تارة، وركز على أهمها في مقاله الرائع المنشور في موقع "موريتانيا 13".
ذلك أن موضوع القيادة السياسية، هو من صميم الفكر السياسي الاجتماعي، والقانوني معا من جهة استقلال السلطات، وأخذ المبادرات، والمبادأت الجريئة..
والتكامل قائم بين نظرية الحكم، وترشيد العلوم الاجتماعية للقائد من اجل مواكبته للتحولات الاجتماعية الكبرى التي تجترح قيم التطور الاجتماعي ،والتقدم العلمي..
ولنا أن نتصور تشعب النقاش نظرا لتكامل العلوم الاجتماعية ،و السياسية، والقانونية في مجال مبحث القيادة السياسية، فعلماء القانون، والاجتماع قادوا المجتمعات بالابداع لتأسيس"التقعيد" نظريات الحكم، كنتيجة للتطور -- وليس كسبب له الا في فترات استثنائية -- الذي فرضته إرادة الثوار في الثورات السياسية الاجتماعية في القرن الثامن عشر المستنيرة بفلسفة الأنوار في الاكتشافات العلمية التي بلغت مستويات قياسية من التقدم، حيث غيرت كثيرا من المعطيات، واستبدلتها بما هو احسن منها سواء أكان الأمر متعلقا بالتقدم الطبي، وانعكاسه على صحة الفرد، والأسرة، والمجتمع، وارتفاع دخل الفرد والاسرة، فادى ذلك إلى ارتفاع الكثافة السكانية أم متعلقا بالفكر السياسي، والتربوي، والفلسفي، وتنامي حركة العمران.
ولما كانت هذه الطفرات الحداثية، تحتاج إلى روافد تعززها غير متوفرة لدى الأروبيين، كالمواد الخام، واسواق استهلاكية لتصدير المنتجات الصناعية، لذا كان الشعار السياسي للغزوات البربرية للمحتلين، هي" الاستعمار"، وهي تعني الاستدمار -- على حد تعبير مالك بن النبي -- لأنها أبقت مجتمعاتنا العربية على مسافة نائية من التخلف، بل أكثر من ذلك، وقفت في وجه الثورات، والتحولات التنموية، المتنامية لدى العرب منذ النصف الثاني من القرن العشرين،،
ولا بد ان القارئ العربي استحضر الدور الانجليزي الاجرامي في إجهاض، وتوجيه مسار الثورة العربية الكبرى في العام 1916م، وتوظيف نتائجها لصالح كل من الإنجليز، والصهاينة ، والفرنسيين، والايطاليين، ليأتى تباعا الدور الامريكي المتحالف مع كل من الصهيونية، والرجعية العربية المتخلفة التي استبعثت لها أمريكا المعطى السياسي القروسطوي..
ولم يتوقف التحدي الإمبريالي للأمة العربية على ما سبق، بل استتبعه بالمواجهات العسكرية وإسقاط النظم الوطنية من اجل استعادة التاريخ الاسود للاحتلال بعد حصول الاستقلالات الوطنية منذ الخمسينات في القرن الماضي على الرغم من إجهاض كل التحولات الاجتماعية والسياسية بالحروب المباشرة، والاحتلالات التخريبية، والاتفاقيات الاستسلامية..
وكان الشعار الجديد المضلل للاستعماريين، هو "العولمة"، وفرض الفكر السياسي الغربي "الوظيغي" على النظام السياسي العربي في أقطار العرب المجزأة ليسهل الاستفراد بها وإذعان قادتها، لأوامر الامبريالية الأمريكية، لذلك لاغرو ان يفرض على أنظمة الهزائم، من أمراء وملوك، وسلاطين استبدال التغيير العمودي بالتغير الافقي البطيء الذي يخطو بالمجتمع إلى الوراء أربع خطوات من أجل خطوة واحدة إلى الأمام، ليضمن للأمبريالية،والصهيونية عدم قدرة العرب على التقدم في شتى المجالات خلافا للتغيير الثوري الذي حرق مراحل التخلف في كل من مصر بعد ثورة 52، كما تسارعت وتيرة التقدم في العراق حتى كاد ان يتجاوز عتبة الدول النامية، ودخل اليمن العصر بثورتيه في الشمال والجنوب، وطردت الجزائر المحتل الفرنسي، وثارت السودان، وسورية، وليبيا التي كانت ثورتها ثارا للأمة من أمريكا والصهاينة في نكسة 67 التي أشرفت عليها أمريكا..
نعم، حاولت الإمبريالية الأمريكية أن تضع السم في العسل منذ التسعينيات من القرن الماضي، وروجت للعولمة، وهي نظرية الاستلاب الثقافي، و النهب المالي، والسيطرة على العالم ،ومنه الوطن العربي الذي كاد أن يخرج من نفق الاحتلال المظلم، ومخلفاته، كالتخلف السياسي واشكالياته في المجتمعات القبلية، والإثنية، ورداءة الاداء السياسي نظرا للمحسوبية، والرشوة، و الأثرة الخاصة للقبليين، وسدنة الاستعمار الجديد من وكلاء،،
والسؤال الذي نطرحه في ظل تناوب الحكم بين قادة المؤسسة العسكرية، كما هو الحال في موريتانيا، ولبنان، هو كيف بمكن تغيير نظرية القيادة السياسية في موريتانيا، وقطع الطريق على الانحراف السياسي الجارف نحو المجاهل غير محمودة النتائج، و رفض الدوران في جدلية الصراعات بين قيادات الأنظمة المتعاقبة التي استؤنفت، لإحداث صراعات تكاد تكون مفتعلة لأغراض تتكشف رويدا رويدا، لكن ان تؤدي وظيفة المسرحية "الميلودرامية" الى تدشين فصول متوالية تبدأ مع كل رئيس جديد، وتنتهي مع نهاية حكمه، ليستانفها الرئيس الجديد مع سابقه، فهذه سنة غير حميدة، والتنبيه إليها لا يعني الدخول في الصراع لصالح رئيس ضد غيره، فهل هذا واضح ولا يقبل التاويل،،؟
ربما..
إن ترشيد القيادة عن بعد، او عن قرب على حد سواء، فهو ليس بالسهل، ويحتاج إلى تغيير اجتماعي، وفكري، ليقوده حراك اجتماعي لا بد ان يصل إلى مستوى متقدم من الوعي الذي يتجاوز دور "البطانة" لفقهاء السلاطين، كما يتجاوز كل الاجراءات العقيمة التي اتسمت بدوافع اشباع رغبات اصحاب المصالح الفردية، والقبلية، والفئوية، والمناطقية، والإثنية،
والشرائحية التي يضاعف تاثيرها على متواليات الأزمات المستفحلة نتيجة لعقم الحلول المقدمة، كمسكنات أدت إلى الأوضاع الاجتماعية المزرية للفرد والأسرة في المجتمع المديني المريف، أما القروي، فقد تلاشى منذ أربعة عقود قطعا للأمل في ثورة زراعية يراهن عليها في الاستقلال الوطني اقتصاديا ..
بينما البديل له كان الاضمحلال في وحدة المجتمع الاستهلاكي غير المنتج، والمهدد بالمجاعات، وتراكم المشاكل الاجتماعية، كالبطالة التي تجمع بين المقنعة المتعلمة، وغير المقنعة التي افتقدت مواقع العمل في الحقول الزراعية،.
وهي ظروف ضاغطة على نظم المجتمع، وتهدده في أمنه اليومي، كما تهدد الوحدة الاجتماعية بالشرخ الفئوي، والشرائحي، والوحدة الوطنية بالتدمير الذي يقضي -- اول ما يقضي -- على الأشكال المشوهة لنظرية القيادة السياسية التي استنفدت الحلول المجترة في مظهارها، ومضامينها التي افرغت هياكل مؤسسات الحكم من بعدها الزمني ورمزيتها الحداثية، واستحالت قيمتها المعنوية فى لفظها الاسمي "الصوري" تماما كنظرية القانون في فصل السلطات ، فالبرلمان مملوء"محشو" بنواب قبليين، او شرائحيين، او جهويين، ولا يعنيهم في شيء الدفاع عن الثوابت الوطنية، كالوحدة الاجتماعية، ووحدة البلاد، واستقلالها، ثم يأتي لاحقا الدفاع عن الحقوق المدنية للمواطنين، وهي وظيفة النواب الحزببين في البرلمانات المختلفة في المجتمعات،، لكن الشاغل لتفكير كل واحد من النواب في برلمان موريتانيا، هو البقاء الأبدي في مجلس الأعيان "القبائل" هذا ، والوسيلة المتاحة لكل واحد، -- كأسلوب متواضع عليه -- هو المماحكة، والتلاسن مع رئيس البرلمان تارة، ورئيس الوزراء، و وزير المالية حول الميزانية المالية التي قدمت -- وتقدم -- للنواب معزولة، ولا ترتبط بتخطيط سياسي، أو تنموي لإحداث تحول يعود بالمنفعة العامة على جميع المواطنين، أو يؤسس لمشروع نهضوي في مختلف المجالات،
بينما الذي بهم الجميع في رئاسة الحكومة، وكتاب الحزب الحاكم هو ضمان رضى الرئيس عنهم، وسبيلهم إلى ذلك هو: الإشادة بالمنجز من "تعهداتي" كبرنامج انتخابي ضمن لصاحبه أصوات الناخبين، وبعد انتهاء المأمورية، والتصويت لصالح الرئيس هو الذي يقيم برنامج"تعهداتي" السابق..
ولم يفرق الكتاب بين برنامج الحكومة في التدبير العام، وبين الإطار النظري له في المبادئ العامة في "تعهداتي"، فكل نشاط يومي لوزير الري،او الصحة،او الصيد، هو جزء من "تعهداتي" حسب الدعاية لدى الكتاب الذين صاروا كالطفل في مرحلة الفطام الذي لايفرق بين التمرة ونوانها...!
وهذا المستوى من الدعاية يساهم في تنميط الوعي العام، والمطلوب هو توعية المواطن على حقوقه المدنية، ولعل الدافع الى ذلك"التهريج" في الدعاية، هو محاولة الاستثمار الانتهازي من ريع الدعاية الحزبية بحثا عن جزاء توظيفي..وهذا من نتائج الوعي السياسي القائم على المصالح خلافا للوعي القائم على المبادئ الايديولوجية -- ولتكن لها اطر حزبية، فلسنا من دعاة التشهير بالحزبية للتخندق في الفنادق، كما جرى الحال مع غيرنا بعد زوال الأحوال، وحسن المآل اللهم زد، ولاتنقص --
ولذلك على القيادة السياسية، والحراك السياسي بنخبته المثقفة، لكن المتقوقعة، التمترسة خلف مصالحها الذاتية،، أن يعي الجميع، أن عليهم تغيير تفكيرهم الى مستوى ارقى من الوعي السائد الذي يمتحي الحلول من التفكير القبلي، والجهوي، والتشيؤي، لأن التغيير في القيادة السياسية يأتي نتيجة تالية للتغيير الفكري، والوعي السياسي، والاجتماعي،،
وهي المعطيات التي تسمو بالفكر، وبالمجتمع عن مظاهر الاختلالات البنيوية، كانعدام الأمن، وغيره من الأزمات،، وهي ذاتها التي قادت إلى ثورات إجتماعية كبرى، واحتجاجات إجتماعية عارمة، رفعت فيها مجتمعاتنا العربية المجاورة شعارات: "سلمية، سلمية"، و "خاوة، خاوة"،، وإذا لم تتحسن اوضاع الحياة المعيشية للمواطن الموريتاني فسيرفع عما قريب شعارات أخرى مثل " لا قبلية، ولا جهوية، ولا شرائحية، ولا عرقية، بل وطنية، وطنية من أجل العدالة الأجتماعية "..
إن المظاهر التي تتكشف كل يوم في واقع مجتمعنا البائس، ستؤدي إلى انفجار اجتماعي، وستكون مداخنه الخانقة حارقة للأخضر واليابس، وأواره، سيستدعي تدخلات أجنبية لتقضي -- لا قدر الله -- على وحدة البلاد، ونظامها السياسي والاجتماعي, و تكنس انساقنا الثقافية المتآكلة لقدميتها، وتخلفها الفكري،، وذلك لن يكون مدعاة للراحة، والاطمئنان لجميع فئات مجتمعنا الفئوي، الشرائحي،القبلي العتيق، الانتروبولوجي للأسف.
ولنا أن نذكر بمثل هذه الأوضاع في اقطارنا العربية، على الأقل، والتداعيات التي ترتبت عليها، حتى لايتهمنا القارئ بنظرية الترعيب ...
لقد كان حريق القاهرة قبل ثورة 23 من يوليو بستة أشهر في 26 من يناير مثالا على الأزمات الاجتماعية التي قادت إلى ثورة الضباط الاحرار، ونظرا لغياب الوعي الوطني والقومي لدينا ، فالأقرب إلى الواقع المعيش في حالتنا ، هو المقاربة التي تستحضر التوترات الطائفية في لبنان التي ادت الى الحرب الأهلية في العام 1975..
كما كان إسقاط نظام الحكم السياسي في الصومال سنة 1990م. بداية للحرب الأهلية التي لازال المجتمع العربي الصومالي غير قادر على استعادة نظام الحكم السياسي البديل للتفكك الاجتماعي القبلي، وتحكم أمراء الحروب،،
فهل هناك عقول سياسية يستطيع اصحابها درء المخاطر، ومواجهة التحديات التي بدأت تقض المضاجع بمظاهرها المزعجة لكل من له ضمير وطني، او وعي عام، ومنها على سبيل المثال:
1- تنامي الكراهية بين الفئات الاجتماعية, والشرائح, والأعراق،،وما هي انعكاساتها على حياة المواطن على المستويين الفردي والمجتمعي في القريب، والبعيد؟
2- ابتذال الدعاية غير المستندة على معطيات قانونية لتبرير اسلوب "الحقرة" لرئيس سابق تحت حماية القانون الوطني، والمس من عرضه يشكل تجاوزا للخطوط الحمراء قانونيا، وعرفيا، وعلى النظام ان يقرأ مضمون رسالة الجمهور المؤيد لولد عبد العزيز في موقع حساس، هو العاصمة الاقتصادية..
كما ان على النظام قراءة مضمون الرسائل الصوتية التي تتعلق بتقسيم البلاد إلى شمال مستقل بثرواته، وجنوب بكتافته السكانية،، و هي ظرفية ستؤدي بعودة الاستعمار من جديد، والقضاء على نظام الحكم، واستبعاث نظام حكم الإمارات المقيت.
3- التخلف في الوعي بعدم جدوى الخضوع الظاهر للطابور الخامس التابع لفرنسا، واستمالة رموزه بالتعيينات، وتقديم العطاءات التوزيرية له كرشى، فهذا يشكل حرقا لورقة النظام على المستوى الوطني، ويفقده التاييد الذي اكتسبه في بداية حكم ولد غزواني، لأنه اجراء أصاب الشبيبة الموريتانية باليأس من الإصلاح السياسي، وحكمت حكما تعميميا على جميع الأنظمة السياسية التي تتبادل التدوير لرموز الأنظمة الفاسدة السابقة، ولو لم تكن كذلك، لما كان فسادها ادى إلى التخلص من الانظمة التي احتكرتها، وكانت الآمال معقودة على الانظمة البديلة لكل النظام، وليس لرئيسه فحسب، لأن لكل رئيس إيجابيات وسلبيات، بما فيهم الرئيس السابق المشيطن اعلاميا، وهذا خطأ وخطيئة .. غير أن المواطن الموريتاني الواعي حدد سلبيات الأنظمة السابقة في أطقمها الوزارية الفاسدة التي تتوارثها الأنظمة واحدا بعد الآخر..
لكن هذا الدلال من الرئيس الحالي للطابور الخامس ليس ضمانا لتأمين جبهة البلاد من فرنسا التي لها مصالح، وليس لها إلا عملاء، ومصالحها في إقامة الحروب الأهلية للاستئثار بالثروات الوطنية لبلادنا بدلا من تقاسمها معها، كما هو الحال راهنا،،
كما ان لفرنسا تجارب عديدة في الاستفادة من الحروب الاهلية في الأقطار إلافريقية، كرواند، و دول الساحل الأخرى في الوقت الحالي، فالدفاع عن الأنظمة الإفريقية المحترقة فرنسيا، واروبيا، تدحض الدعاية، انها تدافع الا عن مصالحها أينما كانت...
4 - ومن التحديات، تسارع وتيرة الاختلالات في مجالات الصحية، والمجاعة العامة، والظروف الأمنية التي تسود المدن الموريتانية، كما هو الحال المؤسف في نواكشوط، ونواذيبو.
وهذه العوامل مجتمعة، هي من المستجدات التي تشغل بال الرأي العام، وان كان يكتب عنها الكتاب يوميا في المواقع الإخبارية كل حسب وعيه بها، فبعضهم يتصورها من جملة إصلاحات "لما أفسده الدهر" في العشرية الماضية، وهناك من يفسرها على اساس كونها ربما إخلاء للذمة المشتركة لولد غزواني، لمشاركته في العشرية, وفي ذلك تأكيد ضمني على انه لم يأت الى الحكم من الكوكب الاصفر" المريخ"، علما أن الفهم الصحيح لأي مظاهر الإصلاح المذكورة، وبعضها تم فعلا، وجاء في سياقه الموضوعي، كاستجابة لمطالب ملحة من طرف من يعنيهم الأمر..ولايفسر, كجبر لاخطاء الحكم السابق في العشرية، لان عكسه، تفسير قصير النظر ولايصب في صالح المادح، والممدوح معا..
واجمالا فان المنطق الدعائي يعبر عن محاولة طمس الحقائق، وهذا تزييف لا يقوم به الا مبتذلي الوعي، أو من استغرق في الحب الذي يذكر بالأغنية "يا هوى،، حبك مال مثال !" ولعل حب "المريد" كحب العاشق، " فمنه ما احيا, ومنه ما قتل".
فلعلك من أقنعت نفسك بتحمل المسئولية، لتكريس الهم الوطني على قلبك، وعليك ان تثبت اهليتك للمنصب الذي اخترته، واختارك المجتمع لحل مشاكلهم اليومية..يا سيادة الرئيس محمد ولد غزواني، لتنتبه الى المخاطر المحدقة بالبلاد..وبالتالي أخذ العبرة من عدم مواجهة التحديات الداخلية التي تستدعي التحديات الخارجية في الحاضر كما في التاريخ، والتحديات الداخلية تداعياتها الأخطر، تزعزع الاستقرار,, وخلال الفترة الحالية يتهيأ الحزب الحاكم للقيام بدعاية لتدشين الحملة للفترة الرئاسية الثانية..لكن لو سارت الامور على غير ما توقع المتفائلون، ونحن من المتفائلين دائما بعهدة ولد غزواني، لكنه تفاؤل قائم على القراءة الموضوعية، وعلى ما في الفاتورة من قائمة الانجازات..وليس على اللحلحة لكسب ثمار، هي ربما من أحلام اليقظة لدى البعض، لكن ما نحذر منه هو الاوضاع التي تغير المعطيات القائمة، ذلك ان عودة المستعمر الفرنسي لبلادنا في ظل استعمار مباشر احتمال قائم، كما السابق في القرن التاسع عشر، وإلى غاية ستينيات القرن الماضي،، فالتاريخ قد يعيد نفسه، إذا تكررت العوامل التي تؤدي الى ذات الحوادث السابقة، وإن بمنطق آخر ؟