ظاهرة جديدة تكاد تصبح عادة في مجتمعنا بفعل سلطة الفيسبوك العشوائية.
و بما أن المراسل الفيسبوكي ليس بالضرورة صاحب سياسة تحريرية ذات قواعد صلبة تحترم كل أدبيات النشر
و لأن الفيسبوكيون ليسوا جميعهم على المستوى المناسب لإختيار ما هو الأنسب للنشر
و لأن البعض أصبح يريد فقط من خلال النشر أكبر عدد من المشاهدين و المشاركين حتى و لو كان المنشور لا يناسب أبسط أبجديات النشر.
لتلك الأسباب و غيرها ... بدأت تنتشر فينا ظاهرة " حب إشاعة فاحشة" دون أن نستشعر...!
فتجد المدونين يترصدون الحوادث و يوثقونها ما ساء و أخجل بالتفصيل الممل ... دون أن يكون لذلك التفصيل فائدة إلا إشاعة أمور كان المجتمع في غنى عنها.
فشاشة الهاتف الصغير و مكرفونه الداخلي؛ لا يكاد يسلم منهما قول و لا فعل لواحد أو أكثر؛ إلا تم تخزينه في ذاكرته المتهورة.
فحتى خصوصيات الأشخاص؛ تصبح عجلا حنيذا لحوار أطر و مثقفين يحاولون أن يصنعوا منها خبرا يلتهم أوقاتهم و مواقفهم بشكل رهيب.
و كأننا لم نقرأ في كتاب الله
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
و في الحديث
: «لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ». [أخرجه أحمد]
إن المحتوى الذي ينشر عبر الشبكة العنكبوتية هو محتوى يراد له أن يكون في الهواء الطلق و على مدى الزمن يتداوله الأجيال بعد الأجيال.
و هناك مفسدون دوليون و محليون متخصصون في تكثير و تكثيف المحتويات التي تهدم الأخلاق و تحارب الدين و تنشر الفسوق بإسم التحرر و الحداثة.
و ينفقون أموالا طائلة من أجل ذلك.
إن هشاشة الوعي بخطورة نشر المحتويات اللاأخلاقية و المسيئة؛ تجعلها تغزوا شبابنا و فتياتنا بشكل مخيف.
فبتمرير سبابة على شاشة الهاتف الصغيرة تصل الكلمة أو الصورة أو التسجيل او الفيديو لأبعد مكان.
و يتضرر منه عشرات آلاف الأسرة.
و لاشك أن حرص منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة على سرد حكاية الجريمة بتفاصيلها الصغيرة و المقززة أحيانا؛ و التي هي من الخصوصيات التي لا ينبغي أن يطلع عليها إلا الأمن لدوافع تتعلق بمتابعة الجريمة نفسها و مدى إمكانية تجنبها ز الاستفادة من ماهيتها لتتبع المجرمين.
و ذلك سرد البعض لتلك الحكايات إرضاءا لنهم فضول و نزوات البعض؛ فيكشفوا بها عورة أهلها دون مراعات الأبعاد النفسية و الخصوصية لأهلها.
لا شك أن ذلك يعتبر نشرا للاوساخ و الأدران في قارعة طريق إصلاح المجتمعات.
فعلى القائمين على توزيع بعض المحتويات المثيرة للاشمئزاز أن يراعوا في ما ينشرون موقف الشرع و ينتبهوا للأبعاد السلبية المستقبلية لأثره.
و على الجهات المسؤولة عن أمن و صلاح مجتمعنا أن تضع معايير و ضوابط تهذيبية للمادة التي تنشر في وسائل التواصل الاجتماعي،
و تسن قوانيين رادعة تمنع دائرة اللامبالات في عالم الفيسبوك من نشر ما يضر و يلوث نسيج و قيم مجتمعاتنا المحافظة و يخالف مبادئ إسلامنا الذي هو اغلى و أعز ما نملك.