في ظل أشباه القياصرة والاكاسرة، من حكام المسلمين المستبدين،
كان فقهاء المجتمعات المغلوبة على أمرها، يفتون بعدم جواز إسداء النصح والموعظة لصاحب الصولجان، علنا وفي الملأ، وذلك خوفا من بطشة سلطان جائر، تأخذه العزة بالاثم، فينكل بالواعظ الناصح.، ردعا لغيره عن تكرار فعلته، وإسبالا للذيول عاى عيوب االنظام.وفي جو الرعب ذاك نبت المثل:«النصيحة في الملأ خديعة» ومثل آخر: «لسانك أسدك.. إن أطلقته أكلك»
ومع ان الاستبداد السياسي ما يزال مهيمنا على الغالبية من العروش والكراسي في عالم المسلمين، (مع استثناءات قليلة، نحن بحمد الله منها) فإن الحرية التي يتنفسها العالم، والطفرة الإعلامية التي غطت الكوكب، والرقابة البرلمانية، والأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والمهنية، والدورات الانتخابية في مستوياتها المختلفة، كل ذلك قد بدد تلك المخاوف التي أسست لفتاوى الرعب تلم.
لقد بات النصح والموعظة والتذكير المقروء والمسموع، والتحليل بأدواته، والمقالات والبرامج، وأنشطة المجتمع المدني، باتت رسائل يتلقاها الجميع.. ولا يطلب من ناصح أو واعظ أو منتقد أو كاتب ان يطلب لقاء منفردا وجها لوجه مع صاحب السلطة لتقديم النصح له، فمنصات التواصل مجال مفتوح، وحرية التفكير والتعبير هي شرعة العالم المعاصر، فلا يحتاج المرء، أيا كان، إلى إذن بالتعبير من أي كان.