التربية و التعليم / القصطلاني سيدي محمد إبراهيم

من نافلة القول أن التعليم عندنا يعاني من مشاكل جوهرية و أساسية تحتاج للكثير من الجهود و التضحية و الصدق لمعالجتها؛ و لن نستطيع أن نحصرها في مقال خاطف لا يتجاوز صفحة أو صفحتين.

غير أن المتأمل في واقع التعليم و واقع المتعلمين عندنا ؛ يدرك أن عنصرا بارزا هو مناط التعليم و سماؤه التي يستظل بها؛ يكاد يكون غائبا في العملية التأهيلية لأجيال المستقبل.

هذا العنصر هو " التربية"؛ تلك الصفة السامية التي تحمل في شحنتها كثيرا من المعاني و القيم الضرورية لقوام أي فرد صالح.

و لأن كان تلقي المعلومة التعليمية يتضمن جزءا من التربية و يرفع من مستوى القابلية للإنضباط التربوي؛ إلا أن التربية تتجاوز قاعة الدرس إلى ساحة المدرسة و فناء البيت و أزقة الحي؛ فهي حياة متكاملة.

و في منظومتنا التعليمة؛ ترتكز المهمة على تلقي التلاميذ المعلومة مع جوانب بسيطة من الرعاية التربوية؛

فليس هناك دور للارشاد التربوي ؛ حيث أُبعد هذا الجانب عن التسمية للوزارة المعنية بالتعليم؛ و بالتالي لم يوظف له أي طاقم مختص.

إن ربط العملية التعليمية بالتربية هو حتمية ترتبط بأي عملية إصلاح للتعليم الذي لن يؤتي أكله دون تربية.

و لعل من أهم خطوات ضمان مردودية تأهيل و تكوين أجيالنا و إصلاح نظامنا التعليمي؛  تخصيص *وزارة للتعليم و التربية*، تضع على كاهلها مهمة الإرشاد و القيادة التربوية بإكتتاب مرشدين تروبويين و مرشدات تربويات؛ ليكونوا حلقة وصل بين المدرسة و المنزل، و لتكون هناك زيادة مطردة في الرصيد التربوي  تتناسب مع زيادة الرصيد المعرفي،  و لنجعل المعلومة في وعاء حصين يحفظها من الضياع و يضمن الإستفادة منها بشكل أمثل.

إن العملية التربوية هي التحدي الأكبر في المسيرة التعليمية  لأبنائنا و بناتنا؛ و خصوصا في ظل بيئة تراكمية من غياب الرقيب التربوي في مدارسنا؛ جعلت المدرسة التي هي منارة العلم و المعرفة؛ عنوانا للمراهقين للتحرر من قيود المراقبة الأسرية إن وجدت.

مما اضطر بعض الأسر إلى عدم تدريس أبنائهم و بناتهم في المدارس النظامية، و البحث عن بديل آخر؛ و إرسالهم  إلى بعض المحاظر النموذجية رغم بعدها و ندرتها؛ دون أن تتاح لهم فرصة تعليم أبنائهم في المدارس النظامية .

مع أن أغلبية المحاظر تحتاج هي الأخرى إلى مستوى من الرعاية و المتابعة لروادها الصغار، و وضع منهج شامل يضع في الحسبان نفسيات و خلفيات التلاميذ بعين الأعتبار؛ من خلال ملإ فراغاتهم حتى لا ينحرفوا عن مسارهم في ظل إبتعادهم عن الأسرة الحاضنة.

إن التلميذ الناجح تربويا هو طاقة إصلاح جاهزة لخدمة المجتمع حتى لو لم يستطع متابعة مشواره الدراسي على مستوى التعليم العالي.

و بما أن المدرسة يراد لها أن تكون راعية و مساعدة و موازية للأسرة في تربية الأولاد؛ فإن قيامها بدور المراقبة و المتابعة لسلوك الأطفال؛ و تزويدهم ببرنامج تربوي يزخر بالقيم و المبادئ و التوجيهات طيلة العام الدراسي؛ هو صمام أمان صلاح و فلاح أجيالنا عبر العصور.

و لأن كانت إضافة طاقم إرشادي للطاقم التعليمي تضيف تكلفة لميزانية التعليم؛ إلا أنها تصب في صميم تحقيق مخرجات التعليم؛ و تحد من مضاعفات فساد المنظومة التعليمية؛ مما يقلص تكلفة إعادة تأهيل التلاميذ.

فضريبة معالجة الفساد أغلى بكثير من تكلفة الإصلاح و الوقاية خير من العلاج.

 

 

 

8. يوليو 2021 - 14:05

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا