يقصد بالثورة الخضراء القفزة النوعية في الإنتاج الزراعي المتأتية من استخدام تقنيات زراعية حديثة مثل الأسمدة ، عالية الجودة ، ومبيدات الحشرات ، واستخدام أصناف من البذور والمحاصيل عالية الغلة .... و إذا كانت بلادنا تمتلك كافة مقومات ومرتكزات انطلاق ثورة خضراء حقيقية ، فقد تشكل زيارة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني رفقة معالي وزير الزراعة المهندس سيدنا أحمد أعلي لمدينة روصو ، حيث المساحات الزراعية الخصبة الشاسعة المحاذية لنهر السنغال ، بالإضافة إلى المناطق الزراعية الأخرى، قد تشكل فرصة حقيقية من أجل إعطاء الضوء الأخضر لإطلاق ثورة زراعية مستمرة ومتدائبة تنقل البلاد من ضيق ربقة التبعية الغذائية لدول الجوار ، إلى سعة الإنتاج الزراعي الوفير وتصدير الفوائض الزراعية للدولة الأفريقية جنوب الصحراء وغيرها. ولا يحتاج الأمر إلا إلى توفر الإرادة السياسية الجادة والكثير من الصبر والعزم والإصرار على خوض معركة تحقيق الاكتفاء الذاتي التام في المجال الغذائي .
و يمتلك معالي وزير الزراعة ، الذي هو مهندس و خبير زراعي وصاحب تجربة ميدانية ثرية ... يمتلك رؤية عملية ومقاربة واضحة يمكنه ترجمتها على أرض الواقع للنهوض بالقطاع الزراعي وقد ضمن تلك الرؤية في مقال مفصل كتبه قبل بضعة أشهر ، من الآن ، حمل عنوان : (خطوات عملية من أجل النهوض بزراعة الخضروات في بلادنا ) ، لخص فيه أهم التحديات وأفق النهوض بالقطاع الزراعي والمكتسبات الواعدة المتوقعة .
و إذا ما التقت الإرادة السياسية الجادة ، التي عبر عنها رئيس الجمهورية من خلال زيارته لروصو، مع الرؤية الواضحة ، التي عبر عنها معالي الوزير في مقاله المنوه عنه ؛ فحتما سيحدث الإقلاع الزراعي المنشود ، و ستودع بلادنا حقبا من التبعية الغذائية لدول الجوار التي أغرقت منتجاتها الزراعية أسواقنا و استنزفت سلة عملاتنا الصعبة .
إن أهم رهان يجب أن تكسبه بلادنا ، في المستقبل المنظور ، هو رهان تحقيق الاكتفاء الذاتي التام في المجال الغذائي من خلال الاستثمار السخي في الزراعة وانتهاج سياسة زراعية حديثة ببعديها الأفقي والعمودي لضمان تحقيق أفضل النتائج وأوفر المردود .
إن حروب القرن القادم هي حروب مياه وغذاء بامتياز و يتعين على بلادنا أن تحسب حسابا لذلك و أن تستعد ، من الآن ، لكسب استحقاقات و رهانات المستقبل كي تحافظ على سيادتها وأمنها واستقرارها وعزة وكرامة مواطنيها .