في البداية يمكن القول ان الكراهية خطاب ذو طاقة انفعالية سلبية تلغي مكانة العقل وقدرته على التحكم منطقيا في الاحداث التي تجري في البيئة القريبة او البعيدة، وهو خطاب رافض للآخر ويسقط كل السلبيات على المختلف ويدعي لنفسه كل الايجابيات وهو يدافع عن العنف الذي يمارسه ضد الآخر ويرفض كل محاولات الدفاع عن النفس من قبل الآخر. وللتفصيل سأضع التعريف الآتي لخطاب الكراهية من عدة مراجع:
كل ما يشتمل إساءة أو إهانة أو تحقيراً لشخص أو جماعة من منطلق انتمائه أو انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو السياسية أو بسبب اللون أو اللغة أو الجنس أو الجنسية أو الطبقة الاجتماعية أو الانتماء الإقليمي أو الجغرافي أو المهنة أو المظهر أو الإعاقة هو خطاب كراهية، وكل ما يشتمل تحريضاً أو قولبة لجماعة في إطار يثير التهكم والسخرية أو تقليلاً من قدر جماعة واتهاماً لها بالنقص والدونية وكذلك كل تبرير للعنف ضد جماعة ما وكل تعبير عن التميز والتفوق على الآخرين لأسبابٍ عرقية أو ما شابهها، وكل ما يشتمل معاداة للمهاجرين أو الأقليات أو تحريضاً على منعهم من الإقامة في مدن أو أقاليم بعينها وكل ما يشتمل اقتباسات وإحالات وإشارات فيها ازدراء أو تقبيح لجماعة عرقيّة أو جغرافيّة أو دينية، وكل تزييف أو تزويرأو تحريف للحقائق وكل استعارة أو تعبير مهين، وكل خطاب يفرّق ولا يجمع، لا يصل بل يقطع، هو خطاب كراهية.
ان هذه الحمله التي بدأت منذ عشر سنوات بخطاب الكراهيه المدعومه من طرف منظمات التطرف الغربيه ويواكبها الاعلام التخريبي الشوفيني المحلي والدولي تصويرا وإعطائها بعدا متأصلا بين المجتمع، بل ذهب البعض بعيدا لإضفاء صفة الثبات المطلق على الخطاب التقهقري والشوفيني واعتباره لصيق في الشخصيتين البيظان ولحراطين، واعطاء انطباع مشوه عن مكونات المجتمع الموريتاني
وقد اسهم الاعلام التضليلي والذباب الالكتروني الفيسبوكي والواتسابي من مختلف الانتماءات السياسية الشوفينة برسم صورة قاتمة تهدد الوحده الوطنيه واللحمه الاجتماعيه والقيم الانسانية والديمقراطية وبأستخدام ابشع صور التعبير والحديث والتشنيع والفضح اللااخلاقي وانتهاء في التهديد بالقتل والتصفية الجسدية.
ويذهب الكثير من المحللين السيكواجتماعيين للأستعانة بالابحاث ذات الصلة بالسلوك والتي أجريت في اطار ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية سابقة وتعميمها على ظروف الحاضر، وكذلك الاستعانة بالابحاث الانثروبولوجيا الاجتماعية التي اجريت في حقب تاريخية ووسط احداث تاريخية كبرى، كالحروب والازمات، واعتبار ما ينتج اليوم من ازمات هو وليد ذاتي وكامن في شخصية المكونات وغير قابل للتعديل مهما اختلفت ظروف الحاضر وما يستجد من ظروف
وفي المقابل يري البعض الاخر ان اللجوء الى الدراسات التي تأصل المشكلة وتبتعد عن الحل. هو بالتأكيد عجز فكري ومنهجي لفهم السلوك الانساني. السلوك الانساني في معظمه نتاج الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأن التأصل النسبي فيه هو ناتج من تأصل الظروف التي انتجته تاريخيا وحاضرا.
وكما أن السلوك الفردي قابل للتعديل ويخضع للقياس والتجريب عبر التحكم في الظروف التي انتجته، فأن السلوك المجتمعي والمكوناتي هو الآخر قابل للتحكم فيه واعادة ضبطه وانتاجه أو تغيره عبر التحكم بمجمل الظروف التي تنتج مختلف انماط السلوك.
وعلى نسق الدراسات السيكولوجية التي تجري لدراسة الوحدات الانسانية المتماثلة بيولوجيا ولكنها تعيش في ظروف متباينة، والتي تؤكد ان حتى التوأم المتطابق والمتماثل عند عزلهما في ظروف مختلفة انتجت لنا سلوكيات وشخصيات متباينة، ولم يجمعها مشترك الا بعض الملامح العامة ذات الطابع الجسمي
التاريخ الانساني العالمي يحدثنا عن عداوات وكراهية واقتتال وتصفيات جسدية وجرائم ضد الانسانية بين ابناء الدين الواحد كما جرى للمسيحية تاريخيا، او الذي يجري اليوم في بقاع اسلامية بين المسلمين انفسهم، وكراهية اخرى بين الاوربين المتحاربين في الامس في حروب دموية توسعية ونفي لوجود الآخر من العرق والمكون نفسه، فالحروب الاوربية عبر التاريخ لم تخرج عن تلك القاعدة، وفي آخر حربين عالميتين دليل على ذلك، فأسباب الحروب والاقتتال بين المكونات المختلفة وداخل المكون الواحد هي اقتصادية سياسية فكرية تعكس مستوى ادنى من مراحل التطور الانساني، وتتلبس فيها الاديان والاعراق كواجهات لديمومة الحرب واضفاء قدسية على المتحاربين.
الخلاف المكوناتي اليوم عندنا هو امتداد للخلاف السياسي الذي ارتبط بنشأة الدولة وخطابها السياسي والاجتماعي، وعدم حلحلة القضايا الحساسه ومن الطبيعي ان تكون تلك القضايا ورقه رابحه للمتطرفين والتجار وسماسرة القضايا الشائكة والمافيات السياسيه والجواسيس
ومن هنا تأتي ضرورة العمل جديا اذا كانت هناك حقا محاربة قويه لخطاب الكراهيه والمساهمة الفعالة والنزيهة في انتاج خطاب وطني ، ويجب ان يمر من خلال ما يأتي:
ـ الاصلاح الشامل لأعادة بناء العملية السياسية من خلال عزل السياسيين المفسدين المخربين المتملقين الجواسيس عن المشهد السياسي .
ـ التأكيد علي الوحده الوطنيه ونشر الثقافه الوطنيه بين اجيال المستقبل .
ـ العمل على صياغة قانون رادع وصارم لبث خطاب الكراهيه .
ـ الاصلاح الاداري والقطيعه مع الاوجه القديمه والمفسدين المتملقين لكل نظام
ـ اصلاح التعليم والصحه والقضاء ونقص الاسعار ........الخ بهذه الخطوات نستطيع انتاج خطاب وطني متصالح مع الذات ومع الوطن