إذا كانت السياسة بمثابة قوانين وقواعد تنظم العيش المشترك فإن الدولة هي الأرضية التي على أديمها تختبر نجاعة تلك القواعد أو فشلها. والدولة بوصفها مجموعة من الأجهزة تعمل بشكل متناغم لتحقيق الهدف المقدس وهو تأمين الحياة الكريمة لجميع مواطنيها دون استثناء مما يعني أنها أتت تحديدا لتجاوز كل مظاهر التسيير التي كانت تنظر إلى الأفراد باستحضار أصولهم الاجتماعية أو الدينية أو العرقية أو اللغوية.
وعلى الرغم من دعوتي المتكررة لضرورة سن قوانين للحد من تنامي ظاهرة النفاق السياسي واللعب بالغة لتحقيق أغراض غير نبيلة بل لمجرد التزلف والمحاباة فإن ذلك لا يمنعني من الإشادة بما أراه إيجابيا وفاعلا بغض النظر عن الجهة التي صدر منها، وفي هذا السياق أنوه بخطوة ولاية لعصابه المتمثلة في افتتاح شبابيك خاصة بتظلمات المواطنين حيث سيتم ترشيد وقت المواطن الذي كان يهدر بالاصطفاف أمام مكاتب الإدارة وفي المراجعة، كما ستطلع الإدارة عن كثب على هموم المواطن وانشغالاته بأقل جهد وبأقصر وقت مما سيمكنها من اجتراح الحلول وتقديم المقاربات المناسبة .
على رعاة المرفق العمومي أن يعلموا أن المواطن هو الهدف وهو الوسيلة في نفس الوقت، وليس من المستساغ أن تتمادى الإدارة في التصامم وسد الأبواب أمام المواطنين فلا يستطيع الولوج إلى المسؤول إلا من له صلة به أو من هاتف باسمه فلان أو علان، آن الأوان أن نغادر أرض اللامبالاة واللامسؤولية فمن غير المقبول أن يدعو المؤتمن الأول على الوطن السيد رئيس الجمهوري إلى ضرورة الانفتاح على المواطنين ومعالجة مشاكلهم وهمومهم في الوقت الذي يتمادى معظم الإداريين في تسيير مرافق الدولة كما لو كانت أملاكا شخصية له.
وأخير نرجو تعميم تجربة العصابة وان تكون نموذجا يحتذى .