مثل ظهور الحركات الجهادية في الشمال المالي تحولاً خطيراً؛ كان له انعكاساته السلبيةعلى الاستقرار في شبه المنطقة؛ وهوالأمر الذي دفعت موريتانيا ثمنه بحكم موقعها الجغرافي.
فقد كانت عملية لمغيطي في العام 2005 مؤلمة؛ نظرا لطبيعة الخسائر ؛ وبشاعة الطريقة التي تمت بها ..
نفذت الجماعات الإسلامية عملبات في العمق الموريتاني؛ فقتلت سياحا فرنسيين في مدينة الاك 2007 . وبعدها بأقل من سنة تعرضت السفارة الإسرائيلية في العاصمة الموريتانية لهجوم جُرح خلاله سبعة أشخاص؛ و في تحول خطير شكل سابقة من نوعها حاول انتحيار تفجير نفسه قرب السفارة الفرنسية بنواكشوط في 2009 .
تباينت التفسيرات لأسباب ارتفاع وتيرة استهداف موريتانيا من قبل الجماعات الإسلامية؛ ففي الوقت الذي أرجعه باحثون إلى تضييق الخناق عليها من قبل دول الجوار ؛ ذهب آخرون إلى تفسير الأمر في رغبت تلك الجماعات في إرغام موريتانيا- باعتبارها الحلقة الأضعف- على التخلي عن التزاماتها بشأن مكافحة الإرهاب.
رغم كل التحديات استطاعت الدولة الموريتانية نقل المواجهة خارج أراضاها؛ فعلى الاراضي المالية قتل الجيش الموريتاني 12 إرهابيا في حين خسر ت قواتنا المسلحة خمسة من أفرادها وأصيب تسعة آخرون بجروح خطيرة سنة 2010 .
في العام 2016 سُربت وثيقة تتضمن ما قيل إنه اتفاق بين تنظيم القاعدة والسلطات الموريتانية؛ دفعت الأخيرة مقابله ملايين اليورو؛ ولعل هذا هو السبب بحسب البعض في خفض وتيرة المواجهة بين موريتانيا والقاعدة؛ سواء على الأراضي الموريتانية؛ أو داخل الحيز الجغرافي المالي.
شكلت حادثة أمس التي حُرقت فيها آليات لشركة ATTM ؛التابعة لعملاق الحديد في موريتانيا SNIM؛ واختُطف فيها موريتانيان تحولا خطيرا له دلالاته الأمنية والاقتصادية البالغة الخطورة.
يعكس هذا العمل الإجرامي المدان في أحد جوانبه نهاية هدنة مع الجيش الموريتاني؛ وبداية استهداف معلن للمصالح الموريتانية في دول الجوار؛ والمخيف في الأمر أن هذا الاستهداف يأتي في وقت استعادت فيه حركة طالبان سيطرتها على معظم مساحة افغانستان وعزم القوات الفرنسية على الانسحاب من مالي نهاية العام الجاري.
فهل يعني هذا أن الحركات الجهادية بدأت برسم خطط مسبقة للمواجهة في مرحلة ما بعد الانسحاب الفرنسي؟.
كل المؤشرات توحي بقدرة الحركات الجهادية على إعادة السيطرة على المجالات التي خسرتها وعلى الاستمرارية في المواجهات الطويلة الأمد. الأمر الذي يُحتم على موريتانيا تبني تكتيكات ناجعة؛ بعد فشل معظم المقاربات العسكرية التي اتبعتها الولايات المتحدة مع الحركات الجهادية في مختلف مناطق العالم.
فالمنطق الاستراتيجي يتطلب منا التعامل بحزم وبمرونة مع هذا التحول المزعج الذي يبعث برسائل مفادها أن التنظيمات الإرهابية مستعدة لاستخدام كل الأوراق لتهديد مصالح وأمن موريتانيا...
في كل الأحوال يجب على الدولة استغلال الحواضن الاجتماعية لتفكيك آليات العنف الإرهابي المهدد لمصالحها في المنطقة؛ الذي يبدو أنه يُستخدم من قبل قوى عظمى لتمزيق دول بعينها؛ تطبيقًا لإستراتيجية التدمير الذاتي التي تم تطبيقها في كل من العراق وسوريا وقد تكون موريتانيا ضمن قائمة البلدان المستهدفة.
د.أمم ولد عبد الله