مواكبة منها للأحداث الرياضية الإقليمية والدولية، أطلت التلفزة الوطنية على جمهورها الكريم بـ"أستديو تحليلي" خاص بالتعليق على مباريات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم في نسختها التاسعة والعشرين، على قناتها الأرضية..
وإن كان التلفزيون بهذه البادرة الحسنة قد وفر للجمهور الرياضي إمكانية متابعة المباريات رغم قلة مشاهدي التلفزة الموريتانية على الأقل من فئة الشباب لوجود البدائل طبعا، فإن البقية لم تجد ضالتها في تغطية ما يحدث في المونديال الإفريقي على شاشتها من تقارير وريبورتاجات مصاحبة لفعاليات من هذا النوع.
ومع أنني لست بصدد لوم القائمين على الرياضة في التلفزيون لسبب بسيط "فهذا الشبل من ذاك الأسد" ولست كذلك ممن يعلقون كبير أمل على أداء مؤسستنا العتيقة والتي مر على إنشاءها أكثر من ثلاثة عقود؛ دون أن تصل إلى حجم التطلعات، إلا أن إقدامها على فتح أستديو ووصفه بالتحليلي لمجريات البطولة دون توفير الإمكانات الفنية من معدات وطواقم قادرة على تقديم المعلومة وتمكين المشاهدين من متابعة ممتعة للمباريات خالية من مشاكل الصوت ورداءة الصورة، أمر يبعث على الاستغراب والحيرة!.
لكن ومع أنني على يقين من أن نقل تلك البطولة أو البطولات التي سبقتها ليس مبادرة ولا تكرما من إدارة التلفزيون على مشاهديها الاوفياء، بقدر ما هو إشهار وترويج للشركة التي دفعت ثمن المباريات ومساعدتها على بيع اكبر كم من منتجاتها لقاء المشاركة في مسابقة هزيلة لا تحترم حتى تاريخ البلد ولا تتطرق لأبرز رياضييه يجعلني أتقبل الموضوع بتفهم كبير..
ما أردت الإشارة إليه من خلال هذه العجالة ليس فشل التلفزيون في كسب احترام الجمهور في مجالات عدة فهذا أمر مفروغ منه، لكن ما يحصل في الأستديو التحليلي لمباريات كأس إفريقيا كما أسلفت، أمر يستحق التوقف، لانه أقرب ما يكون إلى "المسخرة" من أن يعتبر عملا إعلاميا مقدما لخدمة الجمهور..
فمن غير المنطقي أن لا تجد في بلد تأسس منتخبه الوطني في بداية السبعينات وله بطولة (دوري وكأس) وشارك في مختلف الفعاليات الرياضية ـ من باب التصفيات طبعا ـ فلم يسبق لمنتخب موريتانيا لكرة القدم أن شارك في بطولة دولية معترف بها عند الاتحاد الدولي لكرة القدم ـ إلا أننا ـ على الأقل ـ نتوفر على لاعبين دوليين سبق لهم أن دافعوا عن الألوان الوطنية، ومدربون كبار لهم من الخبرة والتاريخ ما يمكنهم من التحليل والتعليق على مباريات التلفزة "المنقولة"، بدل استضافة بعض المغمورين والهواة، ما يعطي انطباعا سيئا مفاده أنه من الصعب أن تجد أصحاب الاختصاص من أبناء هذا الوطن! مع أن القنوات الكبيرة والعريقة في مجال كرة القدم والرياضة بشكل عام لا تستعين في التحليل والتقييم إلا بأصحاب الاختصاص والقيمين على الرياضة!.
ومع أنني لا أشك في مقدرة بعض محللي التلفزة الوطنية، إلا أنني أتساءل كلسان حال العديد من المتابعين، على أي أساس يتم اختيار ضيوف "الاستديو" رغم أن معظمهم لا يزاول العمل الرياضي، ومتى كان الصحفي محللا رياضيا؟ فهذه لم نشاهدها إلا على شاشة تلفزيوننا الوطني الفريد من نوعه سواء في نقل المباريات أو في التعليق عليها ولكم أن تتذكروا المقولة الشهيرة على شاشة بلادنا:" انتهت المباراة بتعادل الفريقين بصفر في كل شبكة!!"..
ما اقترحه على إدارة التلفزيون في هذا الصدد ونحن على بعد أيام قليلة من اختتام بطولة كأس إفريقيا، هو إلغاء ذلك "الأستديو" المثير للجدل شكلا ومضمونا، واستبداله بآخر أكثر مهنية وبوجوه قادرة على إقناع المتتبعين، أو ـ وهذا أفضل ـ بحسب رأيي المتواضع، إتحاف المشاهد الكريم بفواصل غنائية أو مناظر من البادية الموريتانية عله يسترجع بعض معنوياته المسلوبة إثر استماعه لتحاليل وتعاليق تبعث في آن واحد على السخرية والامتعاض!.