بالرغم من الأهمية الكبرى لدعم النمو الاقتصادي، فإن صحة الناس وحياتهم يجب أن لا يضاهيه أية أولويات أخرى.
ولعل المفاضلة بين هاتين الأولويتين يرجع لي المسؤولين عن تحديد ملامح السياسات الحكومية في البلد، لمواجهة الانتشار السريع لوباء “كورونا المستجد” وفق معادلة أيهما أكثر أولوية في هذه المرحلة، النمو الإقتصادي أم صحة الناس ؟
وقبل الرد علي هذه الإشكالية ، نشير هنا أنه كان من المتوقع أن يتراجع أداء النمو بنسبة 3.2%. في نهاية العام، كانت التقديرات الأولى تشير إلى تدهور بنسبة 2.2%. وبعد بضعة أشهر من الانخفاض، وصل معدل نمو الاقتصاد الوطني لعام 2020 إلى -1.5%. بعبارة أخرى، كان للإجراءات التي اتخذتها الحكومة اعتبارًا من أبريل 2020، وتم تمديدها في سبتمبر، تأثير إيجابي كبير على النشاط الاقتصادي. على وجه السرعة قامت السلطات، في إطار برنامج رئيس الجمهورية، بوضع برنامج استثماري طموح بلغ حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي، على مدى فترة تنفيذ مدتها 30 شهرًا. يهدف هذا البرنامج إلى تقديم الدعم للموريتانيين الأكثر تضررا من الوباء، وخلق فرص عمل وتعزيز النمو من خلال تعبئة القطاع الخاص الوطني وإنطلاقا مما سبق نشير أن الدراسات التنموية التي أُجريت على بعض الدول النامية إلى أن النمو الاقتصادي هو أفضل طريقة للتخلص من الفقر، وتحقيق مستوى معيشي أفضل، حيثُ إن ارتفاع مستوى الدخل بنسبة 10%، يؤدي إلى انخفاض معدل الفقر بمقدار 20-30%، وللنمو الاقتصادي أهدافٌ عديدة منها ما يلي:
تقليل مستوى الفقر: يرفع النمو الاقتصادي من معدل دخل الأفراد بشكلٍ سريع وفعال، مما يؤدي إلى تخفيض مستوى الفقر، فقد أثبتت الدراسات التي أجريت على 14 دولة ، أن مستوى الفقر في إحدى عشرة دولة قد انخفض بنسبة 1.7% عند الزيادة في معدل دخل الفرد بنسبة 1%.
إعادة تشكيل المجتمع: يعزز النمو الاقتصادي من مستوى دخل الأفراد، من خلال توزيع الدخل، فكلما كان مقياس التشتت لتوزيع الدخل عالياً قلّ مستوى الفقر، مع ضرورة عدم الربط بين النمو والمساواة في توزيع الدخل.
خلق فرص عمل: يعمل النمو الاقتصادي على خلق فرص وظيفية؛ من خلال ارتفاع الطلب على الأيدي العاملة، الأمر الذي يساعد على الحدّ من الفقر، كما يوازن بين عمليات الهيكلة الاقتصادية والصناعات التحويلية، والتحسين من مستوى الإنتاجية.
دفع التقدم البشري: ليس مادياً فقط، إنما بتوفير فرص معيشية أفضل للأفراد، كتحسين مستوى الصحة والتعليم، والعمل على إضافة الحوافز الاستثمارية، عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي، وانتظار عوائد هذا الإنفاق في المستقبل.
تطوير الصحة والتعليم: يساعد ارتفاع مستوى الدخل الناتج عن النمو الاقتصادي على تحسين الخدمات الصحية المقدمة للأفراد، ويتأثر التعليم أيضاً بارتفاع معدل الدخل، من خلال ارتفاع أعداد الملتحقين بالمدارس والجامعات، وهذا من شأنه تعزيز مستويات الدخل.
وكخلاصة ، فإن حكومتنا والحمد لله تتبني الموقف الذي يعطي الأولوية الأساسية للحفاظ على صحة المواطنين ، وتنشيط العمل الإنساني من أجل دعم المواطنين الأكثر تضررا من الوباء .