وقف المواطنون اليوم، وقفة تأمل، في ذكرى اكتمال عامين على تولى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد السلطة العليا، منتخبا لها من الشعب الموريتاني، في يوم مشهود؛ في وقفة تأملهم يستعرض المواطنون حساب الأرباح والخسائر، لعامين تباعا من المأمورية الأولى للرئيس، ويجرون مقارناتهم للحصيلة بسجلات مخزونة الذاكرة، بمعطيات عن حقب أدارتها مختلف النظم والزعامات التي تعاقبت على كرسي الحكم، طوعا أو كرها، من عسكرية وشبه مدنية..
ولأن البلاد تواجه موجة متحورة جديدة من فبروس الوباء، فان من الطبيعي أن تتقدم تدابير مواجهة كورونا،، والجهود والتكاليف المبذولة للتقليل من انعكاساته السلبية على المواطنين، عامة، وحجم أضراره الاقتصادية المباشرة، خاصة على الطبقات الهشة وعديمة ومحدودة الدخل، أن تتقدم أولويات التقييم، ولم تكن نقاط الاستفهام العريضة، حول أوجه النقص الملازمة لكل عمل بشري، والحاضرة بقوة في حسابات التقييم، لم تكن لتحجب عن رئيس الجمهورية شهادة حسن سلوك في مواجهة كورونا.
تدابير وقرارات تنفيذية أخرى، غير مسبوقة، طبعت تدخل السلطة المبكر والفعال، لضمان الأمن الغذائي للمواطنين، عامة، مع التركيز على الفئات المغبونة، الأكثر هشاشة، والأقل دخلا، وقد استنقذتهم تلك التدابير في الوقت المناسب، من غائلةالمجاعة في ظل الإغلاق، والركود العام الذي فرضته الحالة الوبائية، وقد مثل وما يزال ينثل تهديدا جديا للملايين عبر العالم، بمصير قاس متربص جعلته الجائحة قاب قوسين أو أدنى.
للوئام السياسي والاجتماعي، والانسجام بين شتى الفرقاء والمكونات، في وقفة التقييم طعم خاص، تذوقه المواطنون، في العامين، لأول مرة، بعد أن أدمنوا تجرع الخصام النكد، بين الاحزاب والمنظمات والتيارات، وحتى بين الفئات والمكونات، عقودا متتالية طويلة من الزمن السياسي؛ ويجادلك المشككون بأن شيئا من ذلك لا يشبع جائعا، وأنه لا يكسو عريانا، أو يخفض من ثمن سلعة في السوق، ثم يتناسى مجادلك،، أن مستوىات الاحتقان السياسي والفئوي والعنصري، بين المكونات، هو أولى بالخفض من أسعار الكماليات، بل ومن بعض الضروريات؛ لمن يريد استمرار العيش معا، لهده المكونات في هذه الربوع.
ويتناسى مجادلك أيضا، أن سلطة السنتين قد قامت، في تيسير الحياة وخفض فانورتها، بما أعجز الانظمة السابقة، في ظروف كانت افضل كثيرا من هذه. لكن بعض المواطنين يسيئون فهم المواطنة والتزامات الدولة تجاه شعبها، فيعتبرون أن كل مواطن هو بالضرورة عالة على الدولة، يجب عليها أن تطعمه وتسقيه وتكسوه، وتحمله مع أثقاله حيث شاء، وهو خطأ جسيم؛ فالمواطن العالة على الدولة هو، حصريا، من لا عائل له من ضحايا الغبن والاستعباد والتهميش، ومن الفقراء والمساكين.
ما لا حجة فيه لمجادل، هو أن الدولة، في ظل الوئام والانسجام، تسعى لتيسير إطعام الفقراء والمساكين وضحايا الغبن والإقصاء والتهميش الممنهج، طيلة العقود، وذلك بأقل كلفة ممكنة
وأن ليس للمواطن الصحيح ذي المرة القوي، الذي لا يرضى من الدولة بأقل من ان تمنحه مالا وجمالا وشهادة ووظيفة وسيارة وسكنا، فان لم تفعل، سلقها بلسان حديد، ليس له حظ من فاتورة الكلفة الاجتماعية؛ والمؤكد اليوم أن الفقراء والمساكين والموظفين وأصحاب المعاشات، هم اليوم، وفي ظل الوباء، أفضل كثيرا من ذي قبل.!!
ما يجب أن يستوعبه المواطن العادي هو أن القاعدة العامة والحالة الطبيعية تتمثل في أن الناس يأملون مما ينتجون، وأن لا كعام لمن لا ينتج؛ ومن المضحك المبكي، أن يستمرئ شعب الكسل والعجز، ثم يتمل في طعامه على مطالبة الدولة بغذائه وكسائه. وهي منقصة ألفها مجتمعنا خلال عقود الفساد ألمتطاولة، إما غلولا واختلاسا، وإما رشاوى انتخابية أو سياسية، وإما تحايلا على الصفقات العمومية، واما تسلقا للوظائف السامية، بمؤهلات صورية مزورة، وإما متاجرة، في المسموح و الممنوع، تحت حماية الأقارب والشركاء من أهل التفوذ، داخل جسم الدولة.
ومن الواضح أن تلك المنافع محتكرة لطبقة ضيقة من الناس، و بواسطتها تملك التأثير الاقتصادي والاجتماعي؛ وهو واقع من صناعة الفساد، لا بقاء له، في حكم رشيد، دوره ومهمته دعم الجهد الإنتاجي الوطني، في إطار خطة شفافة، لا تحابي ولا تستثني أحدا، خطة تسهل التمويل مضمون السداد، وتوفر التأطير الفني الضروري باشتراطاته ومواصفاته، وترسي المناخ التنافسي العادل، بلا احتكار أو حيف أو محاباة أو ظلم؛ وتحقق الهدف الأسمى: "شعب يأكل مما ينتج"، ثم يحصن ضروريات حياته من آثار الأزمات وتقلبات الأسواق الدولية، وجشع التجار والمضاربين.