أحـــــــاديث العشيات / محمد عبد الله بكاي

(الذكرى التاسعة) لرحيل طودنا الأشم المرحوم محمد عبد الله ولد أشبيه

أَيَّتُها النَفسُ أَجمِلي جَزَعا...إِنَّ الَّذي تَحذَرينَ قَد وَقَعا

إِنَّ الَّذي جَمَّعَ السَماحَةَ وَال...نَجدَةَ وَالحَزمَ وَالقُوى جُمَعا 
أَودى وَهَل تَنفَعُ الإِشاحَةُ مِن... شَيءٍ لِمَن قَد يُحاوِلُ البِدَعا

أوس بن حجر

لقد عنّ لي وأنا أرنو إلى سريرك المسجّى أن الطاقم الصحي الذي أشرف عليك لم يدرك أن أمصال التغذية وركام الأدوية لم يك بالوصفة المثلى في حقك.

عزب عن هؤلاء أن العافية التي تركن إليها والدواء الذي يستجيب له جسدك الطاهر هو: الشموخ في مواطن الكبرياء والحق في مكامن القوة والسؤدد والجلال عندما تتهيب الرجالُ الرجالَ ، عندئذ تغشى المنابرَ دون منازَع وتتصدر المجالس في بهاء وتفرد ، كذلك كنت وكذلك كانت خصالك الجلى .

في موسم تحديد الهويات يهرع الآخرون لتثبيت ألقاب وأسماء الأجداد وتبقى أنت أنت ، رصيدك في ذلك محتدك الكريم، وجوهرك النبيل ، تستنكف عن حالة مدنية يحذف أو يثبت فيها الأجداد بجرة قلم ، وكيف لا وأنت من أنت : محمد عبد الله ولد أشبيه ولد محمد سالم ولد ابّوه ، حفيد الذؤابتين السامقتين : آل محمود ولد عبد الله وآل أحمد خرشي .

من عوالم فتوتك المجيدة تفجرت نفحات شعرك وعبق قصيدك مستلهما شاعرية وأريحية أسلافك العظماء محمد سالم بن ابوه وملهمك ابن الطلبه.

دانت بنو تميم للأحنف بن قيس لفضيلة الحلم، وتفرد عمرو بن الأهتم بالخطابة في بني سعد، وبرع ابن كلثوم في الذب عن أعراض قومه ، وتوج الكندي على عشيرته لبهاء صورته وحسن طلعته، ساد هؤلاء الأشراف قومهم بميزة واحدة وتصدرتَ الوسط الشمشوي بجميع هذه المناقب الفذة.

لقد كنت أيها المودع متميزا في حضورك ، كما كنت متميزا في غيبتك ، تتجوهر ذكراك داخل نفسي وتتماهى سلطة التاريخ مع معالم الجغرافيا عندما أرى أنجالك البررة محمد الأمين ، جمال والمختار وغيرهم من أفراد الأسرة يعانقون أمير اترارزة في وفد بهي وقد تربع على عاتق الأمير ثلاثة قرون ونصف من التاريخ المشترك للآباء والأجداد .

أشعر بالامتنان عندما أشاهد أبناء مجاهدي معركة أم التونسي وأعيان منطقة الساحل يتوافدون في رحلات كثيفة لها عمقها التاريخي ودلالتها الرمزية .

من إينشيري ، آدرار ، من أصقاع البلاد وأركانها الأربع ظل الشلال البشري النازف يغدو ويروح في دورة مهيبة مثلت فداحة الخطب وهول المصيبة.

أشعر بالزهو والاعتزاز عندما أدرك أن هذه العهود والمثل ستبقى في ألقها المعهود دوما برعاية الشيخ أحمد سالك ولد ابّوه متعنا الله به ، فله ولمجلسه العلمي الموقر جميل الصبر وصادق العزاء .

والآن وقد وقرت في ذهني القولة المشهورة : إن الأمم تنجب العظماء فقط عندما تكون مرغمة ، أدرك أن مساحة الاضطرار والاختيار تمور بالشطط ورغم ذلك أرجو من هؤلاء وأولئك أن يضبطوا عقارب ساعاتهم أملا في عودة بزوغ فجر قادم !

رحم الله الفقيد ، وغفر له وأسكنه الفردوس ، وألهمنا الصبر ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

محمد عبد الله بكاي

 

 

ملاحظة:

سبق وأن تم نشر هذا التأبين في حق المرحوم محمد عبد الله ولد اشبيه إبان رحيله

يعاد نشره دون تصرف

9. أغسطس 2021 - 10:14

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا