تجاوزا لماكان عليه العرب في القرون الماضية من إستعمار وتأخر في الصناعة والتعلم ،واستنكافا عن موروثهم الحضاري والديني الذي تسبب في كثير من ويلاتهم الجلية والخفية ،تدخل ثورة الشعوب العربية التاريخ البشري علي رأس القرن الواحد والعشرين في الحادية عشر منه تحديدا إيذانا بمستقبل للكرة الأرضية
غير الذي كانت عليه_ من تحكم المحكوم وغلبة للحاكم وقهرا للكريم وسيادة للوضيع الخبيث _،بدأة ملامحه تتشكل منذ انهيار الشيوعية في بداية تسعينيات القرن الفارط وهيمنة الرأسمالية عليه تحمل شعارها دول الغرب ،تتبعهم ساسة الشرق وشعوبها بل ساسة العرب وخدمها . وهاهي اليوم الرأسمالية تتهاوي علي مرأى ومسمع من الناس بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية ،وبالتدمير الحاصل في اليابان ،وبتوقف إمدادات النفط العربية بسبب ثوراتهم ،وتلك وأيم الله اليد الخفية المسيرة للعالم أجمع. وفي خضم هذا الوضع كان لشعوب العرب ما أرادت في "تونس "و"مصر"وإن علي كره من الغرب تصحبه المساعي الدءوبة ليل نهار لتعيد الكرة (الهيمنة) بوعود الديمقراطية والمال وحفظ البنات والبنون.وتلكؤ في شأن ليبيا واليمن وكأنها وجدت فيهما الوعود الدينية المبسوطة في كتبهم ،وفي ثقافة العرب ودينهم ،من أن الرايات الحمر القادمة من المغرب قد أفلت ساعة بزوغها ،وأن اليمن سيتبوأ مكانه في موازين قوة المجتمع الدولي ،صدقت تلك الوعود الزمان هذا أم لم تصدق ،زيح القذاف ،كيد لمن أزاحوه بحجة النصر والمساعدة ،هرب عالي اليمن أو قتل ،كان ماكان في البحرين ،فإن الثورة العربية ستأتي ثمارها في وقت لايرحم عجلة التاريخ المثقل بالهموم والكيد ،وتهاوي المفاعلات النووية وتكرار "اتسونامي" القوة الضارية الغالبة . وما هذه الأحداث مجتمعة يصحبها تباين في مواقف الغرب إلا مؤشر لبوادر تحالف المستقبل المتكافئ قوة واقتصادا ووعيا .. ولئن كانت الثورة العربية بدأت مبكرة علي الأمة العربية الإسلامية أيام رحيل الحبيب صل الله عليه وسلم إلي الدار الآخرة ،(ثورة المرتدين)وبغض النظر عن مشروعيتها فإنها لم تمض عليها العشرين سنة بعد ذالك حتى أعادت نفسها مغيرة نظام أفضل البشرية ونبراس الكون وعامري الأرض خيرة أهل الوجود ،صحابة المصطفي صل الله عليه وسلم ،حينما قتل الخليفة الراشد عثمان ابن عفان رضي الله عنه وأرضي وكأن الخالق يرشدنا إلي مستقبل للثورات العربية والإسلامية ،لايراعي أي شيء عدي التغيير ،حدث ذالك فعلا مغيرا الأحسن إلي الفتنة التي توالت تباعا معلنة حكم بني أمية ،جاهضين به ثورة عبد الله ابن الزبير ثورة الأحسن ضد الأسوء منه علي يد رجل أمنهم ومدير مباحثهم "الحجاج ابن يوسف الثقفي "لتزيح بعد ذالك ثورة بني العباس الحكم الأموي مصادرة للأموال قاتلة للأتباع ومذلة لهم ،وما إن أمنوا حتى توالت عليهم الثورات مطالبة بالإصلاح لتتفكك دولتهم دويلات وأصبحت الدولة الموحدة هباء منثورا وأثرا بعد عين،لتظهر لاحقا القوة الموحدة "العثمانيين"وما إن تقم دولتهم حتى تبدأ الثورات من رحم العدو بتخصيب للخزي والعار ليولد دويلات بها تتفكك الدولة المركزية ،ويتحقق للعدو الغربي ما أراد في ظل تخطيط يهودي لا يعرف الراحة ولا الكسل ،ويمسكوا بقفل من حديد علي طموح وتقدم العرب والمسلمين ،مقسمين لأرضهم غنائم بها ومنها صنع القنابل والطائرات ....وما إن ملوا ومل بعضهم البعض غيرة وحسدا أوطمعا حتى رفعوا أيديهم عن الأرض علانية ،لينصبوا عليها عملائهم وسدنة خزائنهم ،لتدق الشعوب - بجوعها ،وجهلها ،وأنات مرضاها وأنين ثكلاها ،ودموع منكوبيها ،وترنم مشرديها –اليوم عليهم أوكارهم وكلها لهم ولعملهم من القالين ،فهم ذالك حاكم "تونس "ومتحكم "مصر"فنجوا بأبدانهم وأرواحهم ،وبسط سادتهم أيديهم علي أموالهم غنيمة بدون حرب لا تزكي ولا ترد، وفي فقهنا الإسلامي أن مال مملوك المملوك لازكاة فيه مطلقا لحجب مالك المملوك له عن سيده ،وتلك من عجب نكات فقهية نراها من عند الغرب تطبيقا علي "فخامتهم "و"جلا لتهم ". ورفض ذالك كل من مجنون ليبيا وطاغية اليمن ،لتبدأ وعود السياسة والدين.فالسياسة دائما كالشيطان لاتعد إلا غرورا ،تعد وتمني وترجي وتنظر لتخدع وتحقق ما تصبوا إليه ،كما هوجلي في تنظير إمامها "مكيافيلي"وما تلك الوعود إلا لتلقف مايأفكه الغرب وأتبعاه ،وتوسع الفجوة بينهم وبين الشعوب العربية ،لتتسع الفجوة بين الحاضر والمستقبل ،وليعد الدين منسوبيه بالنصر والتمكين ،وبقلب موازين العالم الزمان هذا في الظرف نفسه ،لتأتي لحظة الخلاص ،بعد زمن من الغربة للدين وأهله ،فمن كان منهم غريبا يا تري ؟سؤال يحتاج لجواب ، فطوبي للغرباء . وليست ثورات الشعوب العربية اليوم شبيهة بثورات أوربا ولا محاكية لها كما يزعم كثيرون، ممن يستشهدون بفلسفات كتاب الغرب وأتباعهم ،بل هي ثورة التمكين بعد الضعف ،وتحقيقا لوعود السياسة ،وتطبيقا لما في الدين الذي تجاهله الكثيرون بحجية الرجعية والتأخر ،ويحق الله الحق ويمحق الباطل ،فمتى تحقق الثورة الليبية مقصدها التي ستحققه ولو أباد "القذاف"ساكنة "بنغازي"جميعا وتحقق النصر في "اليمن"والعراق "وسوريا ومن علي شاكلتهم من المسكوت عنه في الأدب العربي مخافة الثقل وعدم الوزن وتجنبا لغريب الأفعال وسيئها ،حتي تجني الثورة العربية ثمارها وتتوالي حلقات المسلسل القديم لتعقبه لوحات الشعوب التشكيلية الجميلة مصحوبة بأصواتهم الحقيقية وإبداعاتهم المعطلة ،وإنما هو الوعد يتحقق ،فلا يحزنكم تقلب اللذين كفروا في البلاد، ولا تجبر الطغاة أيها الشعوب العربية ،"إن في صدورهم إلا كبر ماهم ببالغيه "