مع القرآن لفهم الحياة(4) / المرابط ولد محمد لخديم

   القرآن هو: اللفظ العربي المعجز المُوحَى به إلى محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته والواصل إلينا عن طريق التواتر.

وهذا التعريف يشمل قيودا أربعة هي:

         أولا.المعجز: ويقصد منه ما اتصف به القرآن من البلاغة والبيان الذين أعجزا بلغاء العرب كافة عن الإتيان بأقصر سورة من مثله، رغم التحدي المتكرر، ورغم التطلع الشديد لدى الكثير منهم إلى معارضته والتفوق على بيانه. وللقرآن وجوه غير هذا الوجه في إعجازه، ولكن الوجه المقصود منها عند التعريف هو هذا.

       ثانيا.الموحى به: ومعناه المنزل عليه من الله عز وجل بواسطة جبريل، وهذا أهم قيد في تعريف القرآن وتحديد ماهيته.

       ثالثا.التعبد بتلاوته: والمقصود به أن من خصائص هذا الكتاب الكريم أن مجرد قراءته تكسب القارئ أجرا ومثوبة عند الله، وأن ذالك يعتبر نوعا من العبادة المشروعة، وأن الصلاة لا تصح إلا بقراءة شيء منه ولا يغني عنه غيره من الأذكار أو الأدعية أو الأحاديث.

       رابعا: وصوله عن طريق التواتر. ومعناه أن قرآنية آية من القرآن لا تثبت حتى تصل إلينا بطريق جموع غفيرة لا يمكن اتفاقها على الكذب، ترويها عن جموع مثلها إلى الناقل الأول لها بعد أن تنزلت عليه وحيا من الله عز وجل، وهو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. ويعقب الدكتور البوطى على هذه التعاريف في كتابه المتميز«من روائع القرآن». الذي اعتمدناه لشموله ومنهجيته, أن هذه القيود الأربعة في التعريف,تبين حقيقة القرآن خالية من كل الشوائب أي ليس بالحديث النبوي أو القراءات الشاذًًة أو الحديث القدسي أو الترجمة الحرفية أو غير الحرفية للقرآن.إذ الحديث القدسي ليس بمعجز والقراءات الشاذة غير متواترة, والحديث القدسي غير معجز, ذالك لأن اللفظ فيه من الرسول صلى الله عليه وسلم, والترجمة ليست هي اللفظ المنزل. وهذا ما جعل عامة الباحثين من علماء العربية والتشريع والفلسفة والفرق المختلفة يجمعون على أن القرآن معجز. وأن لهذا الإعجاز تعريفان:

أولهما: هو المعتمد لدى جمهور العلماء والباحثين.

       والثاني: تفرد به أبو إسحاق إبراهيم النظام (ت:231) اللغوي ألمعتزلي المعروف، ثم تبعه في ذالك بعض الناس من فرقته وجماعته.

      وحسب التعريف الأول: فإن القرآن قد سما في علوه إلى شأو بعيد بحيث تعجز القدرة البشرية عن الإتيان بمثله، سواء كان هذا العلو في بلاغته أو تشريعه أو مغيباته.

     أما التعريف الثاني: فهو أن الله قد صرف قدرات عباده وسلب همتهم وحبس ألسنتهم عن الإتيان بمثله.

    ويرى البوطي(13) أن الفرق بين التعريفين هو أن مصدر الإعجاز في التعريف الأول علو منزلة القرآن عن مستوى الطوق البشري، أما مصدره في التعريف الثاني فهو حبس القدرات وصرف الهمم عن معارضته وتقليده، أي فهو قد يكون، والحالة هذه غير بعيدة في منزلته البلاغية عن طاقة البشر ، ولكن الله ، تصديقا لنبيه ولطفا به، صرف الناس عن تقليده ومحاكاته.

         مرجحا تعريف الجمهور لأنه أقرب للعقل والفهم ومستبعدا تعريف النظام ومن تبعه لعدم اعتماده على العقل والمنطق..

.....يتواصل....

24. أغسطس 2021 - 10:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا