في بداية العام الدراسي لسنة 2006م، كنت ضمن مجموعة حضرت ملتقى دام ثلاثة أيام في مدرسة تكوين المعلمين حول المنظومة التعليمية الجديدة وطرق توصيلها للمستفيدين.... كان الحضور مكثفا وتم توزيع المشاركين إلى ورشات عمل تقوم كل مجموعة بتدارس مصطلحات وتصويبها وإبداء الملاحظات عليها والإشكالات قبل أن يتقدم شخص من المجموعة لعرضها على المفتشين المشرفين على العمل قصد مناقشتها وتصويبها.....
أثناء إحدى الجلسات وانطلاقا مما يسمى في النظام التربوي الجديد "مقاربة الكفايات" ب "الوضعية" طرحت على المفتش السؤال التالي: سيدي المفتش: تقولون إن " الوضعية" المقدمة للتلميذ ينبغي أن تكون "دالة" أي من محيطه الذي يعيش فيه، ونحن من خلال الكتب المدرسية لانلاحظ أن "الوضعيات" الموجودة بداخله "دالة" فكلها لاتمت إلى محيط الطفل الموريتاني بأي صلة، فما السر وراء ذلك؟ وهل جربتم النظام الجديد " مقاربة الكفايات" على بعض المدارس قبل تطبيقه لتروا مدى استجابة التلاميذ لفهمه، ومدى قدرة المعلمين على تطبيقه، -حيث أن المعلم في النظام الجديد يخوض معركتين: معركة: ليفهم المصطلحات الواردة في "مقاربة الكفايات" من قبيل : الوضعية – التعليمة_ الهدف المميز_ الهدف الاندماجي_ الجذاذة...... ومعركة: مع توصيل المعلومة لعقول صغار يخضعون لتجربة سياسية في المقام الأول، ولم ترع فيهم إلا ولا ذمة. كان جواب المفتش صريحا، حيث قال لي بنوع من الحسرة : أخي لاتتعب نفسك، هذا نظام سياسي في المقال الأول تم تطبيقه بإملاآت لاعلم للأسرة التربوية بها ولم يطبق تجريبيا في أية مدرسة، وفوق ذلك عارضه الكثير من الخبراء التربويين ....نحن أخي لانتكلم عن أن "الوضعية" "الدالة" تعني التلميذ في وقتنا الحاضر، وإنما التلميذ المستقبلي..... ثمنت صراحة المفتش في الإجابة وأُصبت بحيرة شديدة، فكيف بنا نتعامل مع نظام تربوي نعرف أنه لايفيد هذا الجيل وإنما الأجيال القادمة، مما يعني حتما أن الجيل الحالى وقع تحت تجربة تماما كما يجرب على الفئران.. إن نظامنا التربوي بحاجة إلى قرارات تكون صادرة من خبراء مؤهلين علميا بعيدا عن القرارات السياسة التي فتكت به خلال العقود المنصرمة... فهو لا يسعى لخلق جيل متعلم بقدر ما يركز على خلق جيل في "منزلة بين المنزلتين" ضعيف المستوى في اللغة الفرنسية، وبعيد كل البعد عن العربية. نحن بحاجة إلى وضع أسس تنطلق من الآتي: بناء منظومة تربوية تربى النشأ على القيم الإسلامية الأصيلة . مراجعة كاملة للمحتوى التعليمي الموجود اليوم الذي يشتمل على نصوص لاتقدم للطفل أي شيء يستطيع من خلاله فهم الواقع من حوله . إعادة النظر في مدارس التكوين المعنية بتكوين الطاقم التربوي. أن يتبوأ الأكفاء المكانة التي تمكنهم من اتخاذ القرار وهم كثر لكن عزوفهم عن التطبيل لكل الأنظمة جعلهم هامشيين. تعريب التعليم ليتمكن التلميذ من فهم أكثر ويصل إلى مستوى الإبداع، ذلك أن الشخص الذي لايقرأ بلغته "الأم" لايستطيع الإبداع في أغلب الأحيان وهذا ما أكده الكثير من الخبراء اللغويين المختصين في مجال تطوير المناهج. أما عن المنتديات اليوم فلتسمحوا لي بناء على ماجاء في انطلاقتها من خطابات أن أؤكد لكم أنها منتديات لتعميم قرارات سياسية في المقام الأول، ولذلك ستكون النتائج كالآتي: طبقا للتوجيهات السامية لرئيس الجمهورية "الفقراء" التأمت " المنتديات العامة للتعليم" تحت إشراف الدكتور الوزير الأول ووزير الدولة للتهذيب وبحضور كافة الفاعلين " المفعول بهم"، وقد كانت الأيام المنصرمة فرصة لتبادل وجهات النظر حول تطوير منظومتنا التعليمية وجعلها تتماشى مع متطلبات "السوق"،(ذلك أن النظام اليوم لا يهتم إلا بماله صلة بالسوق(، ومن أهم النقاط التي تم الاتفاق عليها ما يلي: -تبني روح الحوار مع كل الفاعلين للرقي بالتعليم وجعله يتماشى مع الطموحات -زيادة مراكز التكوين المهني في أنحاء الوطن ليتمكن الشباب الموريتاني من إيجاد فرص للعمل. -إنشاء لجنة دائمة لمتابعة المشاكل التي بقيت عالقة وعرضها على الجهات المختصة. -سيتم إجراء نقاش مع النقابات " طبعا مع بعضهم" لتطبيق القرارت المتخذة. -إلزام المتخصصين في العلوم الإنسانية الرجوع إلى مقاعد الدراسة من جديد، وستكون المراكز المفتوحة " التكوين المهني" سندا لهم لتكوينهم. -إننا اليوم أمام مجتمع عائق في وجه التنمية ذلك أن الكثير من خريجيه من الآداب، وهم لا يستطيعون المساهمة في البناء ولايجدون التوظيف وفي أغلب الأحيان يرجعون إلى بعض المواقع والجرائد للعمل فيها مما يشكل عبئا على الدولة . -إلزام كل من تخرج قبل 3أغسطس 2008م أن يلتحق بهذه المراكز كشرط في إكمال إحصائه "البيومتري" . والله من وراء القصد المنتديات العامة للفقراء